أخبارنا المغربية
بقلم: نوفل البعمري
ما لم تفهمه إسرائيل هو أن هناك سؤالا أكبر من سؤال متى ستنعقد قمة النقب وهل ستنعقد أم لا؟ ويتعلق الأمر بسؤال هل المغرب في حاجة إلى قمة النقب؟ وهل هناك من مكاسب سيحققها في ظل الوضع الإقليمي الحالي من احتضان قمة يحضرها وزراء خارجية الدول التي اختارت أن تفتح صفحة جديدة مع إسرائيل سواء منها من قام بالتوقيع على اتفاقية أبراهام أو تلك التي وقعت على إعلانات واتفاقات خاصة، كتلك التي وقعها المغرب، وكانت عبارة عن إعلان ثلاثي الأطراف، طرفاه الأساسيان هما الولايات المتحدة الأمريكية والمغرب ثم إسرائيل؟!
المغرب عندما اختار طي صفحة القطيعة مع إسرائيل كان فيها واضحًا وترجم وضوحه بربط طي صفحة القطيعة وبدء أخرى جديدة، كان الموضوع كله غير مرتبط فقط بقضية الصحراء التي حسمها منذ سنوات داخل الأمم المتحدة، بل كانت هذه الصفحة مرتبطة، بالأساس، بالقضية الفلسطينية، وبالدور الذي يمكن أن يلعبه المغرب من خلال علاقته بالداخل الإسرائيلي لتقريب وجهات النظر بينه وبين السلطة الفلسطينية، بالتالي لعب دورا أساسيا في عملية إحياء السلام المتوقف منذ أن اختارت إسرائيل الاستمرار في هجماتها ضد الشعب الفلسطيني، والاستمرار في السياسة الاستيطانية التوسعية وتشريد الشعب الفلسطيني الأعزل وغيرها من الممارسات المنافية أولاً لقرارات مجلس الأمن، التي صدرت علاقة بالنزاع الفلسطيني الإسرائيلي، أو بالتفاهمات التي قد تكون حدثت عندما تم التوقيع على الإعلان الثلاثي، وكانت المكالمة الهاتفية التي جرت بين الملك محمد السادس ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس عنوانا لطبيعة التفاهمات التي تمت، مما دفع هذا الأخير إلى مباركة التقارب المغربي الإسرائيلي مادام أن هناك ضمانات ملكية واضحة بالاستمرار في الدفاع عن قضايا الشعب الفلسطيني العادلة، وهو ما تجلى في عدة مناسبات، سواء باعتبار الملك رئيسا للجنة القدس أو بصفته أميرًا للمؤمنين، وهي الصفات التي جعلته يتحمل كامل مسؤوليته الواضحة تجاه قضايا الشعب الفلسطيني، مسؤولية دينية ومؤسساتية ثم أخلاقية تجاه الوضع العام هناك.
إسرائيل لم تستطع أن تستوعب أن الاستمرار في التقارب معها على الأقل على المستوى الرسمي سياسيا ودبلوماسيا لا يمكن أن يذهب لأبعد مداه في ظل الإجراءات الأحادية الجانب التي تتخذها ميدانيا، سواء في استمرار بنائها للمستوطنات أو السياسة التوسعية التي «التهمت» كل التراب الفلسطيني، الذي نتج عن اتفاق أوسلو، حتى بات مطلب بناء الدولتين على حدود 67 رغم القبول به من مختلف فصائل المقاومة الوطنية الفلسطينية حلمًا مستحيل التحقق في ظل الوضع الحالي، هذا الوضع يشكل ضغطًا أخلاقيا على الدول التي اختارت بشجاعة أن تشيد علاقات مع إسرائيل في واضحة النهار، وتحملت كامل مسؤوليتها السياسية تجاه شعوبها، هذه الخطوات لم تستوعبها إسرائيل بالشكل الكافي، بل استمرت في نفس سياستها وكأن لا التزامات سياسية لديها تجاه هذه الدول العربية، بل على العكس تجعل خطواتها التي تقوم بها في المنطقة من مهمة احتضان قمة كقمة النقب أمرا صعب التحقق، إن لم يكن مستحيل التحقق في ظل هذا الوضع الحالي على الأرض، وتوجه إسوائيل إلى تأسيس حكومة يمينية متطرفة.
لنعد للسؤال، من من الطرفين في حاجة إلى قمة النقب؟! هل المغرب أم إسرائيل؟ ومن سيحقق من خلال انعقادها مكاسب سياسية، هل هو المغرب أم إسرائيل؟ وإذا كنا لن نثير النقاش الذي ارتبط باسم «النقب» مع إحالته الدينية في التوراة رغم أن إثارة هذا النقاش سيفرض نفسه مع الوقت، لاعتبار أساسي هو أن المغرب عندما اختار أن يعيد علاقته مع إسرائيل لم يكن مدخلها دينيًا لأن للمغرب أميرا للمؤمنين يمارس سلطته الدينية من خلال هذه الإمارة، التي تعطيه الحق في رعاية وحماية كل المقدسات الدينية، سواء أكانت أسلامية أو مسيحية أو يهودية، وهو ما يعطيه كل السلطة للتدخل عندما يتم تهديد المقدسات الدينية من الرباط إلى القدس، ولا يحتاج بذلك «لتطبيع» ديني مع أي كيان أو دولة، على العكس كان مدخل عودة العلاقة بينهما سياسي، دبلوماسي، ومن خلال تتبع طبيعة المنحى الذي اتجهت إليه العلاقة بينهما « أمني» و»عسكري» و»اقتصادي» ثم دبلوماسي، يبدو أنه مازال لم يتلمس الطريق نحو التأسيس لعلاقة دبلوماسية كاملة، في ظل تردد الداخل الإسرائيلي/ الفاعل السياسي، بالأخص، في التعبير رسميًا عن موقف واضح من مغربية الصحراء، ومن الحكم الذاتي رغم ورود تصريحات من هنا وهناك لشخصيات سياسية عن دعم مغربية الصحراء، لكنها تظل ذات طابع شخصي وغير مؤسساتي، كتلك التي أعلن عنها مؤخراً رئيس الكنيست الإسرائيلي عند زيارته للمغرب.
المغرب لن يكون في حاجة لاحتضان قمم حتى لو تعلقت بقمة كقمة النقب، في ظل تخلي طرف أساسي «إسرائيل» عن التزاماته الدولية والإقليمية تجاه الشعب الفلسطيني، وتجاه الدول الموقعة معه على اتفاقات ثنائية أو ثلاثية أو إقليمية، كلها وضعت مطالب الشعب الفلسطيني في قلبها، لكن التعامل مع هذه الاتفاقات يجب التمييز فيه بين طبيعة كل واحد منها، فالدول التي اختارت التوقيع على اتفاق أبراهام ليست هي نفسها الدول التي اختارت توقيع الاتفاقيات كالتي وقعها المغرب، وكانت اتفاقية ثلاثية تضم المغرب إلى جانب إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، هذا التمييز أساسي في تدبير العلاقة مع إسرائيل لأن نتائجه مختلفة كما هي طبيعة مضامين الاتفاقيات الموقعة.
إسرائيل ما عليها إلا مراجعة تعاطيها مع الدول التي وقعت هذه الاتفاقيات ارتباطًا بالوضع الفلسطيني الداخلي، وبمدى احترامها لالتزاماتها خاصة بناء دولتين على حدود 67.
الحو
مشكل إسرائيل الاستعلاء.
إن ما يؤجج الوضع و يحقنه بين ما يسمى إسرائيل و الشعب العربي و الشعوب المسلمة عامة و الشعب الفلسطيني خاصة ، هو تعنت إسرائيل و باعتبارها لنفسها فوق كل القوانين الدولية و تنظر إلى كل من يعارضها نظرة احتقار و ازدراء و استعلاء . دائما تريد أن تأخذ و لا تريد أن تعطي .