أخبارنا المغربية - عبد الإله بوسحابة
تفاعلا مع آخر مستجدات ملف الصحراء المغربية، نشر "مصطفى سلمى"، القيادي السابق في جبهة البوليساريو، تدوينة عبر حسابه الفيسبوكي، أشار من خلالها إلى أن مبعوث الأمم المتحدة إلى الصحراء، "ستافان دي ميستورا"، لجأ إلى "التأويل الانتقائي" لعبارة وردت في خطاب أمريكي رسمي لدفع المغرب نحو الخوض في تفاصيل قد "تُفخخ" مقترحه المتعلق بالحكم الذاتي.
وشدد "مصطفى سلمى" على أن "دي ميستورا"، ومن خلال إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن، التقط عبارة "الحكم الذاتي الحقيقي" التي وردت على لسان "ليزا كينا"، مسؤولة الشؤون السياسية في وزارة الخارجية الأمريكية، ليبني عليها طلبًا بمزيد من التوضيح حول مضامين المبادرة المغربية. وهي خطوة رأى فيها محاولة لإعادة فتح باب ما سمّاه "التفاصيل الشيطانية"، دون أن تشترط الأمم المتحدة أو المبعوث الأممي على الأطراف الأخرى القبول المسبق بمبدأ الحكم الذاتي كحل نهائي.
التحليل الذي قدمه القيادي السابق في جبهة البوليساريو استند إلى تغريدة نشرتها الخارجية الأمريكية، عقب لقاء جمع القائمة بأعمال نائب وزير الخارجية للشؤون السياسية، "ليزا كينا"، بالمبعوث الأممي "ستافان دي ميستورا"، جددت من خلالها دعم واشنطن للعملية السياسية تحت رعاية الأمم المتحدة، مشيدة بـ"مساهمة هذا الأخير القيمة والمستمرة في دفع عملية السلام في الصحراء"، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة تعتبر الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية "الحل الواقعي الوحيد".
لكن اللافت بحسب المتحدث ذاته، هو وصف مقترح الحكم الذاتي بـ"الحقيقي"، وهي العبارة التي التقطها "دي ميستورا" في إحاطته قائلًا: "الرسالة الأولى مفادها أن الحكم الذاتي يجب أن يكون 'جاداً'. وهذا ينسجم مع قناعتي وطلبي بأن مبادرة الحكم الذاتي المغربية يجب أن تُشرح بمزيد من التفصيل، ومن ثم توضيح الصلاحيات التي سيتم تفويضها لكيان يتمتع بالحكم الذاتي الحقيقي في الصحراء الغربية".
وعلى ضوء ما ذكر "دي ميستورا"، يرى "مصطفى سلمى" أن هذا الطلب الأممي يُخالف صلب الموقف المغربي الذي عبر عنه وزير الخارجية ناصر بوريطة سابقًا، حين قال: "الحكم الذاتي هو نقطة نهاية وليس نقطة بداية"، في إشارة واضحة إلى أن الرباط لن تدخل في نقاش حول التفاصيل إلا بعد اعتراف الأطراف الأخرى بمبدأ الحكم الذاتي كحل وحيد ونهائي للنزاع.
في المقابل، تتمسك الجزائر بمقاربة مغايرة، تطالب من خلالها بضرورة الخوض أولًا في التفاصيل قبل القبول بأي صيغة تسوية، ما يُعيدنا إلى مربع الخلاف الجوهري حول أسبقية التفاوض: هل يكون على المبادئ أم على التفاصيل؟
وعليه، يرى "مصطفى سلمى" أن "دي ميستورا" أدرج عبارة "الحكم الذاتي الحقيقي" لخدمة هدفه بجر المغرب نحو التفاصيل. في المقابل، يدعو "دي ميستورا" لتفسير موسع للمبادرة المغربية وتوضيح صلاحيات الحكم الذاتي. أما الولايات المتحدة، فتؤكد دعمها للمبادرة المغربية وتصفها بـ"الحل الواقعي الحقيقي"، بينما يشترط المغرب القبول المسبق بالحكم الذاتي قبل مناقشة أي تفاصيل، في حين تدفع الجزائر نحو فتح النقاش مباشرة حول مضمون الحكم الذاتي دون التزام مسبق.
بين الخطاب الدبلوماسي الأمريكي الحذر، وتأويلات "دي ميستورا" التي فتحت بابًا لقراءات متعددة، يبدو أن معركة "المفاهيم" قد عادت لتتصدر مشهد الصحراء من جديد، في انتظار جولة تفاوضية قد تكون حاسمة أو مجرد فصل آخر من الجمود الدبلوماسي.
محسن
الحكم الداتي
الحكم الذاتي في الصحراء الغربية المغربية سيكون على شاكلة المناطق المتمتعة بالحكم الداتي في العالم. في اسبانيا مثلاً.