الرئيسية | قضايا المجتمع | هل سينجح المسؤولون السياسيون المغاربة في استثمار الإنجاز التاريخي المحقق بمونديال قطر؟

هل سينجح المسؤولون السياسيون المغاربة في استثمار الإنجاز التاريخي المحقق بمونديال قطر؟

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
هل سينجح المسؤولون السياسيون المغاربة في استثمار الإنجاز التاريخي المحقق بمونديال قطر؟
 

بقلم: إسماعيل الحلوتي

الآن وقد أسدل الستار على مونديال قطر 22 الذي نال البلد المنظم احترام وتقدير بلدان العالم على التنظيم الاستثنائي الجيد، وبرز فيه المنتخب المغربي بشكل لافت، لما قدمه من إنجاز تاريخي لم يسبقه إليه أي منتخب عربي أو إفريقي من قبل، من حيث الأداء الجماعي المتميز، الروح القتالية والحس الوطني والانضباط التكتيكي والتمسك بالقيم الإنسانية الرفيعة. مما أهله إلى بلوغ نصف نهائي كأس العالم، واحتلال المرتبة الرابعة خلف كل من المنتخب الأرجنتيني حامل اللقب، ووصيفه المنتخب الفرنسي، ثم المنتخب الكرواتي.

وأمام هذا الحدث الرياضي البارز الذي جعل الكثير من الشعوب العربية تشارك المغاربة احتفالاتهم، ابتهاجا بهذا التألق الرائع وغير المسبوق، ناهيكم عن الاستقبال الأسطوري الذي حظي به "أسود الأطلس" عند عودتهم الموفقة إلى أرض الوطن يوم الثلاثاء 20 دجنبر 2022، من قبل الجماهير الشعبية انطلاقا من مطار سلا-الرباط وصولا إلى القصر الملكي العام، حيث وجدوا ملك البلاد محمد السادس مرفوقا بولي العهد المولى الحسن وصنوه المولى رشيد، ليوشحهم بأوسمة ملكية في حضور أمهاتهم، عرفانا بما حققوه من نتائج جد مشرفة.

يتساءل اليوم عديد المواطنين المغاربة حول ما إذا كان بمقدور كبار المسؤولين ببلادنا استخلاص الدروس والعبر والتمعن في أهم العوامل التي ساهمت في بصم المنتخب الوطني على هذه الملحمة الكروية، التي ستظل أحداثها خالدة في الأذهان وعلى صفحات التاريخ الكروي العالمي؟ ذلك أن الكثير من المهتمين بالشأن العام يصرون على ضرورة اقتدائهم بما تحقق في مجال كرة القدم، التي نالت اهتماما كبيرا في السنوات الأخيرة بما توفر لها من إمكانات مادية وبنية تحتية ومراكز تدريب وتكوين متطورة. والعمل على أن يمتد الأمر إلى باقي القطاعات الأخرى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها، لاسيما أن المغرب لا تعوزه الطاقات البشرية القادرة على ابتكار الحلول الملائمة لمختلف المشاكل المطروحة والمساهمة بفعالية في خلق التنمية، إذا ما تم رفع قيود التهميش والإقصاء المفروضة عليها ومنحها فرصة الانخراط في تدبير الشأن العام...

إذ من غير المقبول أن تغطي هذه النجاحات والاحتفالات عن تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، تصاعد موجة الغلاء بسبب الارتفاع المتواصل في أسعار المحروقات وباقي المواد الأكثر استهلاكا أمام تزايد معدلات الفقر والبطالة، تكريس نظام الريع الاقتصادي والسياسي وتفشي الفساد بمختلف أشكاله في الإدارة العمومية وكافة المؤسسات الوطنية.

كما أنه ليس من المستساغ أن يتواصل التهافت على المناصب والمكاسب والاستخفاف بالمسؤوليات، في بلد "الركراكي ووليداتو" الذين أبلوا البلاء الحسن في أكبر تظاهرة رياضية عالمية وتفوقوا على كبريات المنتخبات الكروية بما حباهم به الله من عزيمة وحب الوطن. وأن يستمر تجاهل مبدأ "وضع الرجل المناسب في المكان المناسب" الذي ما انفك المغاربة يطالبون به، باعتماد المعايير الموضوعية السليمة التي من شأنها وضع حدود فاصلة بين الشخص المؤهل من غيره لتقلد المناصب العليا، وأن يتم بدل ذلك اللجوء إلى المحاباة والوساطات، بعيدا عن الكفاءة المهنية وعمق الخبرة والاستقامة والنزاهة.

ثم كيف لنا تحقيق التنمية البشرية المستدامة وإصلاح التعليم والنهوض بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وتخليق الحياة العامة وبناء الثقة لدى المواطن والمجتمع الدولي في المؤسسات والهيئات العامة، فيما الفساد ينخر مجتمعنا بشكل رهيب داخل الإدارات والمؤسسات دون حسيب ولا رقيب، علما أن دستور البلاد لسنة 2011 الذي جاء استجابة لمطالب شعبية ملحة، نص في عدد من بنوده على ضرورة الانكباب على تكريس كل الوسائل الكفيلة بتعزيز قيم الشفافية والنزاهة والإنصاف والحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة، حفاظا على المال العام وممتلكات الدولة؟

فما يحز في النفس كثيرا هو أن يظل المواطن المغربي ضحية سوء التدبير والسياسات الفاشلة من قبل الحكومات المتعاقبة، التي تبين من خلال التجارب المتراكمة أنها خلافا لحكومات الدول الديمقراطية التي تحترم مواطنيها وتعمل جاهدة على حمايتهم وتقديم أفضل الخدمات التي من شأنها توفير الحياة الكريمة لهم، لا تحسن من شيء سوى التسويف والمماطلة، معتمدة في ذلك على الوعود الكاذبة والتبريرات الواهية من أجل التنصل من مسؤولياتها في التدبير الجيد للشأن العام، الذي من أجله منحها الناخبون أصواتهم، متخفية خلف المقولة الشهيرة: "كم حاجة قضيناها بتركها".

إذ يكفي إصاخة السمع لما يتردد من شعارات في الوقفات والمسيرات الاحتجاجية الصاخبة، ويلقي لمحة عابرة عما تعج به مواقع التواصل الاجتماعي من استنكار وتنديد، ليكتشف حجم معاناة المواطنين وما يعتصر قلوبهم من أوجاع من فرط الإحباط وخيبات الأمل، وما يتخبطون فيه من مشاكل عويصة على عدة مستويات، أدت إلى ارتفاع منسوب القلق والاحتقان، في ظل تواصل القرارات الجائرة والاعتداء الشنيع على القدرة الشرائية لغالبية المغاربة، جراء الغلاء الفاحش وتزايد معدلات الفقر والبطالة، مما جعل المركزيات النقابية تعلن في أكثر من مناسبة عن تذمرها من تردي الأوضاع واستمرار الحكومة في تعنتها الرافض لتحسين ظروف عيش المواطنين، والتمادي في الإخلال بوعودها والتملص من التزامات اتفاق 30 أبريل 2022 كالزيادة العامة في الأجور والتخفيض الضريبي عليها وإصلاح الضريبة على الدخل.

إن ما تحقق من نصر تاريخي في "معارك" مونديال قطر، يؤكد على أن بلادنا لها من الكفاءات البشرية ما يؤهلها لرفع التحديات وتحقيق المعجزات، وأنه يكفي فقط أن تتوفر الإرادة السياسية الحقيقية والنوايا الحسنة، والعمل على الاستثمار الأمثل لمختلف العوامل الأساسية التي ساهمت في هذا التألق الكروي المشهود، في اتجاه الانتصار على الفساد والريع والفقر والبطالة والأمية وكافة الآفات الاجتماعية التي تحول دون التقدم والازدهار.

مجموع المشاهدات: 3915 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (8 تعليق)

1 | عبد اللطيف
انجاز المونديال
لن ينجحوا في استثمار ماحققه اللاعبون المغاربة وامتحان المحامين أكبر دليل
مقبول مرفوض
0
2023/01/07 - 06:54
2 | حريزي
بوادر الاستثمار
بالفعل، لقد التقط السياسيون هذه الإشارة أو هذا الإنجاز الجيد للفريق الوطني، وعلى رأس هؤلاء السياسيين نجد وزير العدل السيد وهبي الذي بذأ بتمريغ أنف المملكة في الوحل واخر زلاته فضيحة مباراة المحاماة. فنعم الاستثمار!!!!!
مقبول مرفوض
1
2023/01/07 - 07:02
3 | Red1
لعل و عسى
ممكن لكن بوجود امثال وهبي و زبانيته لا أظن
مقبول مرفوض
1
2023/01/07 - 07:24
4 | يوسف
الحال
دكشي اللي دار الرگراگي و المنتخب الوطني جا واحد في رمشة عين ضربو في زيرو باش اوظف ولادو و ولاد صحابو حتى الشوهة ولات عالمية ملي كتغافل عن زلات مسؤول عدة مرات يصبح كل شيء أمامه سهلا و ولو على حساب صورة البلد
مقبول مرفوض
1
2023/01/07 - 07:33
5 | مواطن غيور
آثار فعلة وهبي على سمعة المغرب
-- قبل ايام ولمدة تحدثت قنوات العالم عن المغرب بانجازات الركراكي واللاعبين وهنا تتجلى الوطنية واليوم نفس القنوات تتحدث عن ما وصلت اليه المحسوبية والزبونية واستغلال النفوذ في المغرب على اثر ما قام به وهبي وحاشيته في امتحان المحاماة وهذه خيانة القسم الامانة وحرمان ابناء الوطن. ---- لهذا وجبت اقالته ومحاسبته
مقبول مرفوض
0
2023/01/07 - 07:56
6 | مواطن غيور
وهبي بالمرصاد لكل ما هو ايجابي
--- الانجاز المحقق في مونديال قطر ضربه وهبي عرض الحائط . ولهذا يجب اقالته ومحاسبته واعادة اجراء المبارة .وهذا للحفاظ على مكتسبات مونديال قطر
مقبول مرفوض
0
2023/01/07 - 08:02
7 | علي
المغرب
يارب تكون جميع رجالات الدولة مثل لقجع والحموشي وبوريطة وهلال
مقبول مرفوض
0
2023/01/07 - 08:16
8 | حفيظي عبدالرحيم
رد على الموضوع
الإجابة عن السؤال المطروح ظهرت للعالم وليس المغاربة وحدهم فبعد 15يوما من انتهاء المونديال ظهرت فضيحة من العيار الثقيل و التي بصم عليها زعيم حزب البام وزير العدل يا حسرة اعطت فرصة للأعداء لفتح افواههم المقززة مرة أخرى وخدمت كل ما بناه اسود الأطلس في قطر من توهج وإشعاع فاق كل الحدود والدروس التي أعطوها العالم أجمع والاستقبال الأسطوري الذي خصهم به جلالة الملك حفظه الله والشعب المغربي لذلك يجب على السياسيين و المجتمع المدني ان ببنوا على هذه النتاءج أسس جديدة تقطع مع كل ما من شأنه أن يهوى ببلادنا الى مستوى الدول المتخلفة التي لا تحترم مواطنيها
مقبول مرفوض
0
2023/01/07 - 08:46
المجموع: 8 | عرض: 1 - 8

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة