الرئيسية | حوادث وقضايا | التسول في المغرب مهنة ......لمن لا مهنة له أوأكثر.

التسول في المغرب مهنة ......لمن لا مهنة له أوأكثر.

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
 التسول في المغرب مهنة ......لمن لا مهنة له أوأكثر. التسول في المغرب مهنة ......لمن لا مهنة له أوأكثر.
 

عبدالحق رحيوي .

يعد التسول ظاهرة تاريخية وإجتماعية، أصبح لها الآن في المغرب أسس ثقافية ضارب في القدم، إلا أن هذه الظاهرة التاريخية المرضية أصبحت اليوم تطرح اشكالات سياسية ودينية وإقتصادية وجمالية، فانتشار التسول في المدن في المقاهي وعلى أرصفة طريق في الملتقي الطرقي وفي وسط الحافلات في المحطة الطرقية وفي محطة القطار، يكاد لا يخلو مكان من متسول، إذ لم نقل لكل مكان متسول ولكل متسول مكان، كما لا يمكن أن تمشي على رجليك في بعض المدن مائة متر حتى تصادف متسولا، هذه الظاهرة تعكس المستوى الاقتصادي والوضع السياسي للدولة فمن يتجول في الأماكن العمومية يعرف جيدا أن المغرب دولة جميلة جدا وهو يرى كائنات بشرية مستلقية على الشوارع على الأرصفة تحمل البؤس في وجهها وتفسد جمالية المكان والحضور، كما تفسد أحيانا وجدان الإنسان، هذا دون الحديث عن المضايقات التي من الممكن أن تتعرض لها بعد أن تحول المتسول الذي يملأ الأذن بالدعوات الى متسول يتطاول أحيانا على الممتلكات.

هذه في الحقيقة قضية مرهبة وخطيرة فالمتسول لا ينبغي أن تنهره كما يحث ديننا الحنيف على الصدقة والمساعدة وتفريج الكربات لكن من هذا المنطلق اذا حاولت أن تقدم درهم مساعدة لكل متسول تصادفه فقد تنفق أجرتك وأرثك وقد لا يكفي، هذا دون الحديث عن المتسول دائما يبقى مستهلكا وليس منتجا أي مواطنا سلبيا،ومن ثم يكون المتسول عبئا اقتصاديا يثقل كاهل الطبقة الفقيرة والمتوسطة التي هي الوحيدة التي تجلس في المقاهي المتواضعة وتركب الحافلات وتتجول في الساحات العمومية هي المطالبة دائما بأن تحل هذه المشكلة أي مشكلة الفقر معادلة صعبة في المغرب فالفقير مطالب بحل مشكلة الفقير هكذا تحول الفقر الى مشكلة طبقية، وهكذا تحول دون أن ندري مشكل الحق في السكن والحق في الحياة والحق في المال مشكل طبقيا فبدلا من تتولى الدولة حماية مواطنيها من التشرد عن طريق خلق فرص عمل للشاب وتحسين جودة التعليم والصحة وضمان كرامة لمواطنيها حتى لا يتذرع متسولا بفقدان العمل أو فقدان رجله أو يديه أو مرأة بفقدان زوجها.

أمام هذه المشاكل بعضها حقيقية وبعضها مفبركة، لا يقوى قلب المواطن البسيط الذي يملك أحيانا أقل مما يملكه المتسول، ويدرك جيدا أن الفرق بينه وبين هذا المتسول هو الصبر فهو لم تسمح له كرامته بالتسول، سوى تسليم يديه لجيبه وتقديم بعض دريهمات لعلها تشفي غليله وتعجل نهاية أزمته لكن في الغالب ما تتحول أزمة المتسول من أزمة مادية إلى أزمة نفسية وغالبا ما يتخذ من التسول مهنة لا تحتاج الى تخطيط أو الى رأسمال.

أمام استفحال هذه الظاهرة التي تنذر بكارثة بشرية في المغرب وارتفاع مهول في صفوف المتسوليين من مختلف شرائح العمرية،نلاحظ صمت إعلامي وسياسي عن هذه الظاهرة، إنه اعتراف مباشر على أن قدر كل مغربي هو أن يكون متسولا قد يكون متسولا بسيطا يطلب الصدقات أو متسولا في ميزانية الدولة فالتسول اتخذ في المغرب اشكالا متعددة فالكل تقريبا متسول، والتسول أكبر دليل على أن مجتمع المغربي على مر العصور لم ينتج سوى ثقافة الأزمة، ثقافة الأزمة أكبر تحدي يواجهه المغرب نظرا لأزمة الثقافة كذلك.

انتشار التسول دليل قاطع على أن المغرب يعرف هشاشة على المستوى الاقتصادي وسوء تدبير على المستوى السياسي وأن مفهوم المواطن والكرامة والحق كلها مفاهيم تنام فقط بين سطور الكتب والدساتير أما الواقع يكشف عكس ذلك فقر يمشي على رجليه وبؤس يتكلم عن نفسه في واضحة النهار لا يراه سوى أصحاب النظارات الجميلة التي لا تقوى على رؤية سوى ما هو جميل، بالإضافة الى ذلك لم يعد المواطنون البسطاء مطالبون بحل المشكلات المادية التي يتذرع بها المتسولون، فالديون المتراكمة والأسعار المسعورة وحدها كافية، لذلك فالدولة مطالبة بالحد من هذه الظاهرة أو على أقل تقنينها لكي يعرف المواطنين من هو المتسول الفقير ومن هو المتسول الغني، ويبقى الحل الوحيد في نظري هو القول كفانا من هذا العبث، فإذا كان المتسول يدعي الحاجة والفقر والعجز فقبة البرلمان المزخرفة هي القادرة على الإجابة وحل معضلات المتسوليين طبعا إنها وحدها المسؤولة عن أزمتكم هي المسؤولة عن صحتكم ومالكم وعملكم، فكافكم تسولا وكفاكم تصدقا فالمتسول الذي تساعده هذا اليوم يطالبك غدا فأنت غير قادر على حل أزمته بدراهمك المعدودة فوحدها الدولة هي القادرة والمسؤولة، كما أن جيوب المواطنين نضبت ولم تعد فيها حياة تذكر.

فإما أن تقدم الدولة حلولا عمليا لظاهرة التسول وإما أن تطيل في صمتها وتعلن شعارها الخفي أيها المواطنون الكرماء الضعفاء أحسنوا بحال إخوانكم البسطاء أما نحن لنا من المشاكل ما يكفي وليس لنا ما يكفي من الوقت للتفكير في كل متسول، دعونا نعمل بسلام دعونا نتسول في ميزانية الدولة فالوقت وجيز وغير مضمون العودة الى قبة البرلمان من جديد، فالتسول مهنة لمن لا مهنة له أو أكثر.

مجموع المشاهدات: 5440 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (2 تعليق)

1 | لمهيولي
هل نتركهم يموتون جوعا؟
حقيقة أينما توجهت داخل المدن يصادفك المتسولون من مختلف الأعمار ومن كلا الجنسين،وفي منطقتنا هناك متسولون حتى في البوادي والقرى وجلهم من المعاقين ذهنيا.ماذا سيفعل الضعفاء والعجزة ومن لم يجد عملا يضمن له الرزق هل يبقىمتسمرا في مكانه حتى يأتيه ملاك الموت؟ أليس في أموالنا حق للسائل والمحروم وهل إنفاق خمس دراهم في اليوم في سبيل الله ستسبب للمنفق الفقر والخسارة في حين أنه لو عد ماينفقه على الجلوس في المقاهي وشراء السجائر لوجد مصروفه قد تجاوز العشرة دراهم؟.لماذا لانقول إن هذا المتسول وراءه عائلة لم تتناول طعاما بعد وهي تنتظر معيلها أو معيلتها ليعودا لهم بما يجود عليهما المحسنون.؟..كيفما كان الحال لاأحد يحب أ ن يحط من كرامته أمام الناس ويمد يده طالبا الصدقة، لكن الظروف القاهرة أوصلته إلى هذا الحال وهو مكره وليس مخيرا.ارحموا..ارحموا واعطفوا على فقرائكم ،تنالوا الرحمة والعطف من ربكم.
مقبول مرفوض
1
2013/11/17 - 07:47
2 | عبدالحق
المتسول ليس دائما فقير ؟
المقصود يا أخي ليس هو حرمان المتسول ولكن ما أصل التسول ومن أين يأتي طبعا هو فشل سياسة دولة أنت لا تسطيع أن تقدم المساعدة للجميع كما أن هذا ليس من اختصاصك فالمتسول مواطن وله الحق في الحياة وفي كافة الحقوق كما أن التسول اصبح ثقافة العديد من المتسولين اغنى منك وهناك من المتسولين هو صحيح ومعافى التسول هو ظاهرة تعكس ثقافة الأزمة في المجتمع فأنا لا انبذ التعاطف والتضامن وما الى ذلك فهو في غاية الأهمية وضروري والمساعدة حثنا وتفريج الكرباة شيء جميل ومرغوب فيه ولكن لا تنسى حتى أن الله لا يحب المتسولين ولا يحب اليد المبسوطة
مقبول مرفوض
0
2013/11/18 - 01:44
المجموع: 2 | عرض: 1 - 2

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة