الرئيسية | سياسة | المغرب بين المطالب الواقعية و التطلعات .. الوهمية !!

المغرب بين المطالب الواقعية و التطلعات .. الوهمية !!

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
المغرب بين المطالب الواقعية و التطلعات .. الوهمية !!
 

 

الصادق بنعلال - أخبارنا المغربية

يعيش الشارع المغربي على وقع الانتفاضات الشبابية التواقة إلى التغيير الجذري ، و التحول الهيكلي في نسق الدولة و نظام الحكامة بالمعنى الأشمل ، على أمل إنجاز إقلاع تنموي يتناغم و ما تعيشه مختلف المجتمعات الغربية و الديمقراطية بشكل عام ، بعد انتظار طال أمده عقودا من الزمن و تجاذبات سياسية طاحنة بين أصحاب القرار و ذوي الضمائر الحية من أبناء الشعب المغربي . و هكذا و بعد مسيرات شعبية حضارية تستحق التنويه و التقدير ، أعلن عاهل البلاد الملك محمد السادس في خطاب ثوري و متميز (9 – 3 – 2011) ، عن رزمة من الإصلاحات التي فاقت سقف مطالب الهياكل و التنظيمات الحزبية و المدنية ، و لعل المبادرة الملكية المعنية بالأمر من شأنها أن تشكل أوراشا وطنية لاجتراح القوانين و الاقتراحات ذات الصلة بالأبعاد الساسية و الدستورية و الجهوية ، من أجل صوغ ميثاق وطني يضع حدا للتعاطي السياسي المعهود و المتجاوز مع القضايا المجتمعية المصيرية ، و التأسيس لعهد جديد يرنو إلى مغرب ممكن : مغرب الحرية و العدالة و الكرامة . بيد أن السؤال الذي نود طرحه في هذا السياق هو : ما هي المطالب و الأهداف التي خرج من أجلها الشباب المغربي ؟ قبل تقديم بعض عناصر الإجابة ، نذكر بأنه لا يحق لأي كان أن يدعي تحت أي ظرف أنه يمثل الشعب المغربي لغياب دراسات علمية و ميدانية و استطلاعات الرأي المتخصصة لإثبات ذلك .


و إذا وضعنا جانبا مبالغة بعض المقالات " الصحفية " المتحدثة عن تجاوز كل التحفظات و محو الخطوط الحمراء ، و الدعوة إلى صياغة " دستور " شعبي يقوم مقام الدستور الرسمي .. فإننا نرى أن أبرز مطالب الشباب المغربي هو العمل الجماعي من أجل محاربة الفساد بكل أشكاله و إقامة ملكية برلمانية ديمقراطية تستلهم آخر مستجدات الفكر السياسي الكوني ، و يقيني أن أي مواطن مغربي غيور على حاضر و مستقبل بلده ، لا يمكن إلا أن يساند دون قيد أ وشرط هكذا مرامي البناء العقلاني لمغرب الغد ، مغرب اقتسام الثروة و التوازن الموضوعي بين جهات المملكة و القطع مع اقتصاد الريع و المحسوبية ونهب المال العام ، و إقامة هياكل حزبية و أهلية مؤهلة ، أو بكلمة مختزلة : الديمقراطية بمعناها الحصري ؛ السلطة بيد الشعب المسؤول عن تقرير مصيره في مناخ من التنافس السياسي الحضاري . غير أننا نرى في الواجهة الأخرى من " يتطلع " إلى أبعد من ذلك و أدهى ، إلى خلق معارك وهمية و إشكالات مزيفة لا يوليها الشارع المغربي اهتماما يذكر ، اللهم بعض " المناضلين و الحقوقيين " المزعومين الداعين إلى انتظارات من قبيل ؛ العلمانية و ترسيم " اللغة " الأمازيغية و حرية " المعتقد " .. و الحال أن الشعب المغربي ( أكثر من 30 مليون نسمة ) لا يمكن أن يتنازل قيد أنملة عن النظام السياسي الملكي الديمقراطي ، و الدين الإسلامي الوسطي / المعتدل ، و الوحدة الترابية للمملكة . و غني عن البيان القول إن الممارسة الديمقراطية السليمة لا يمكن إلا أن تفضي إلى هذا المنحى الإيجابي.


و على الرغم مما تتميز به التجربة السياسية المغربية من حركية ملموسة ، و فاعلية نشطة مقارنة بمثيلتها العربية ، إلا أنها في أمس الحاجة إلى المزيد من الاجتهاد المتواصل و الذكاء الاستراتيجي لإحداث تغيير في البنية الثقافية و نمط معاينة الإنسان و العالم و المجتمع . إن الإطار المعرفي و السياسي الذي نشتغل داخله ، لا يمكن أن يمدنا بالميكنيزمات او الآليات الكفيلة بإحداث طفرة نوعية نحو مأسسة المجتمع و السير بهذا الأخير نحو بر الأمان ، و إذا كان المرحوم الفيلسوف المغربي محمد عابد الجابري قد طرح سؤالا دراماتيكيا في ثمانينيات القرن العشرين وهو : هل يمكن تحقيق " نهضة " عربية بعقل غير ناهض ؟ فإنه قد يجوز لنا أن نطرح سؤالا آخر على نفس المنوال : هل يمكن إحداث تغيير بنيوي بعقل غير " مغير " و مهيئ إبستيمولوجيا و أيديولوجيا لكسب رهان البناء الأكبر، بنا ء وطن أبقى و أقوى و أسلم ؟ فإذا كانت الثورتان التونسية و المصرية ٌقد وضعتا حدا لزعيمين عربيين اشتهرا بالاستبداد و القمع البوليسي الرهيب ، فإنهما لم تتمكنا من تغيير جذري للنظام السياسي الذي مازال يشتغل وبطرق مخالفة و مضمرة . إننا لسنا في حاجة إلى خرجات إعلاموية سائبة و مستفزة ، و تصريحات سياسوية عمياء ، بقد ما أننا في حاجة ملحة إلى التعاطي العقلانى و النقدي مع متطلبات المرحلة المفصلية لبلادنا ، و تحديد الأولويات و الاستفادة من تجارب الآخرين ، و لعل أوجب الواجبات بالنسبة لمغرب الهنا و الآن ، هو تحيين المطالب الواقعية و أجرأتها و تفعيلها على أرض الواقع ، بعيدا عن الانشغال بالأسئلة المزيفة التي تروق بعض المتشددين يمينا و يسارا .

مجموع المشاهدات: 1667 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (2 تعليق)

1 | maghribi
bravo ma9al mwafa9 khososan nihayat lma9al
مقبول مرفوض
-1
2011/04/17 - 04:11
2 | محب الوطن
تحليل منطقي وعين الصواب فلا أحد منا سوف يفرط في دينهو الأسس التي جمعتنا
مقبول مرفوض
-1
2011/04/18 - 12:45
المجموع: 2 | عرض: 1 - 2

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة