الرئيسية | أقلام حرة | المدرس (ة) بين المهنة و التمهين

المدرس (ة) بين المهنة و التمهين

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
المدرس (ة) بين المهنة و التمهين
 

 

 

  من المعروف أن المغرب لايمكن أن يحقق التقدم والازدهار في مجال التربية والتعليم إلا بتطبيق البيداغوجية الإبداعية ، وذلك عن طريق تطبيق فلسفة الجودة الكمية والكيفية ، وإتقان المتعلم للغات العالمية ولا سيما الانجليزية والفرنسية والصينية وتمثل مكتسبات الحداثة والمعاصرة في الفكر والعلوم والآداب، والاستفادة من نتائج العولمة الإجابية في مجال المعرفة والمعلومات والتصنيع ، وتأهيل الأطر تأهيلا جيدا وتكوين الكفاءات تكوينا قويا، وذلك من أجل إرضاء سوق الشغل .(1)                                            
         إن وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني بالإضافة إلى نظيرتها بالتعليم العالي وتكوين الأطر، أصبحتا مطالبتين بضرورة الرفع من مستوى التكوين الأساسي والمستمر ، لضمان الجودة في التعليم، للتنبؤ بغذ أفضل لمشروعنا التربوي .وتحقيق نتائج مهمة على مستوى الكيف وليس على مستوى الكم  .                                                             إن التفكير في الولوج لمهنة التدريس وفي الحياة المهنية للمدرس يمر عبر مراحل مختلفة :
أ‌-      مرحلة اختيار المهنة:
تتجلى في الدوافع والحوافز المرتبطة بولوج مهنة التدريس،  فهناك من اختار هذه المهنة بحكم حبه للرسالة التربوية الهادفة ، ورغبته في تكوين أجيال المستقبل والانخراط بشكل واع ومسؤول في بناء مواطن فعال وإيجابي ، قادر على تقاسم
القيم المشتركة للمجتمع ومحترم لخصوصيات الأفراد ، وخصوصا وأن المجتمع المغربي مختلف بمكوناته ومتباين بعناصره البشرية ، رغم أن الاختلاف " لا يفسد للود قضية ."
أما النوع الثاني من المدرسين الذين اختاروا مهنة التدريس فيعتبرون أنفسهم موظفين لدى الوزارة لا أقل ولا أكثر بصرف النظر عن الهدف الأسمى من التدريس . أما النوع الثالث  فيتمثل في بعض الأشخاص الذين امتهنوا التدريس بسبب عدم وجود بديل مهني آخر ...
" لهذا يجب أن نبحث عن الدوافع وشروط الولوج ، ولابد من التفكير في تحديد الاختيارات وضبط المتطلبات ،مما يعني إعادة الاعتبار للمهنة والمستوى المعرفي للمترشحين ودراسة التحفيزات دراسة وافية ".(2)
ب- مرحلة اكتساب صفة المدرس:
وتتمثل في عدد السنوات الخاصة بالتكوين والأساليب البيداغوجية والديداكتيكية والممارسة التطبيقية خلال فترة التدريب ونوع المشرفين والمرشدين التربويين المسؤولين على تكوين وتأطير الأساتذة المتدربين ...                                                               "وبالتالي يجب أن يتضمن التكوين الأساسي التكوين الابستيمولوجي  والنقدي ، أو بالإجمال التكوين على  البحث ،  وأن   يعيش  المتكون  ما نرغب  في أن  يكون عليه  مع  التلاميذ    استقبالا". (3 )                                                                                                      لا بد من التأكيد أن المدرس وجب أن تتوفر فيه مجموعة من المواصفات، باعتباره  قائدا  للعملية التعليمية  التعلمية ، لان " التربية "  عمل يحدثه الكبار في الصغار بناء على مكتسباتهم المعرفية  وقدراتهم اللغوية ، وتمكنهم البيداغوجي والديداكتيكي للمادة المدرسة ، إضافة إلى الإيمان بثقافة الحوار والتواصل مع التلاميذ ،  والابتعاد عن سلوك الإقصاء والتهميش ...  
         لهذا يجب على المدرس (ة) أن يكون : مربيا ومنظما ومخططا ومبدعا ومتخلقا لقيادة مجموعة الفصل ،  ويبقى الهدف  الأساس  من ذلك  الانخراط  الجدي في المسار الإصلاحي لمنظومة التربية والتكوين ببلادنا ، بجميع أسلاكها ومستوياتها ، لكن لن يتحقق ذلك إلا بوجود مدرسين قادرين أجرأة ذلك .
 ج - مرحلة الولوج إلى المهنة :
وترتبط هذه المرحلة بالإدماج المهني وصدمة الواقع الذي يمارس فيه المتخرج المهنة ، حيث يصطدم المدرسون  مع واقع " مرير "  يندى له الجبين ، خصوصا في مجالات جغرافية جد صعبة بالمناطق النائية (التعليم الابتدائي على سبيل المثال ).
د- مرحلة التطور في المسار المهني :
 يجب الاهتمام في هذه المرحلة بالتكوين المستمر للمدرسين ، خصوصا مع وجود أجيال مختلفة من المدرسين ، وتغيّر طرق التدريس الكلاسيكي ( التعليم البنكي ) الذي كان يتميز بشحن التلاميذ  بالمعارف ، إلى التدريس بواسطة الأهداف ثم حاليا التدريس بواسطة الكفايات .
هـ - مرحلة الحركة المهنية:
 وترتبط بتغير نوع المهمة والحركية نحو وظائف أخرى ." وهذا الجانب يطرح مشكل الأقدمية وتقويمها ،ومشكل المردودية بدون أقدمية ، والاعتراف بالمجهود والخبرة والعطاء ، وذلك ما يستوجب إعداد تصور جديد لتقويم الأداء المهني ولنقل تصور جديد للموارد البشرية بعيدا عن فكرة منصب الشغل القار والأقدمية في المنصب "(4)
        إنه ومن خلال  سرد هذه المراحل ، لا نريد " تعليق الشماعة "   على المدرس (ة) وتحميله المسؤولية المهنية المنوطة به ، بل أكثر من ذلك الإحاطة ببعض المشاكل التي يواجهها قطاع التربية والتكوين ، وتسليط الضوء على مهنة التدريس ، والمطبّات التي تواجهها والقلاقل التي تقف حجرة عثرة أمام نجاح البرنامج الإصلاحي لهذا القطاع  (البرنامج الاستعجالي ) . كما أننا لانسعى إلى زيادة الزيت على نار كانت هادئة ، بل معالجة هذا الموضوع بكل واقعية ،  والوقوف على مختلف المشاكل التي تحدّ من تطور التعليم في المغرب ، إضافة إلى طموحنا الكبير للوصول إلى صفوف الدول المتقدمة في هذا القطاع ، ولايمكن تحقيق ذلك إلاّ وفق شروط مادية وبشرية وتنظيمية وإرادة سياسية قوية للحكومة الحالية . لان قطار التعليم لا يزال يسير بوتيرة جد بطيئة .                         
      وفي الختام نطالب بضرورة الاهتمام بكافة المدرسين والمدرسات في مختلف الأسلاك التعليمية ،بل ضرورة تحسين وضعهم المادي والاجتماعي ، ومنحهم نفس الامتيازات موازاة بقطاعات أخرى بالوظيفة العمومية .لأن المدرس (ة ) أساس التنمية ، والمدرسة مؤسسة اجتماعية فاعلة وهي أساس المجمتع بلا منازع ...                                                     
    كما نرفض رفضا تاما توجه الحكومة للرفع من سن التقاعد بقطاع التربية والتكوين أو
 الاقتطاع من راتب المدرس (ة) لملء صندوق المعاش ، فتحية تقدير واحترام لكافة رجال  ونساء التعليم ...                                                                              
هوامش:
(1) الجديد في التربية والتعليم للدكتور جميل حمداوي .ص 201.
(2) كفايات المدرس (ة) المهنية ومرجع الكفايات  الحسن  اللحية  ص 78.
(3) نفس المرجع  ص 79 .
(4) نفس المرجع  ص 81.

مجموع المشاهدات: 2578 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (1 تعليق)

1 | لحسن
موضوع رائع .
مقبول مرفوض
0
2018/10/20 - 03:50
المجموع: 1 | عرض: 1 - 1

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة