أبرز ما قاله وليد الركراكي وأشرف حكيمي عن مواجهة جزر القمر في افتتاح كان المغرب (مترجم إلى العربية)

مخرجات اجتماع المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار بمدينة طنجة

هل يمكن لعالم أكثر انقساما أن يتحد؟

الدار البيضاء في أجواء الكان: استعدادات لاحتضان الحدث القاري قبل يومين من الانطلاق

"دار ثقافة الزرابي".. فضاء ثقافي يغني العرض السياحي بمراكش

وصول بعثة المنتخب الجزائري إلى مقر إقامتها بالرباط استعدادًا للمشاركة في كأس الأمم الإفريقية

نحو تأهيل المشهد السياسي المغربي !!

نحو تأهيل المشهد السياسي المغربي !!

 

الأستاذ : الصادق بنعلال

•  الدستور و .. التأويل الديمقراطي :

جسد خطاب العرش الأخير للعاهل المغربي إضافة نوعية في سياق الحوار غير المباشر و المتواصل بين النظام و الحراك الشعبي ؛ الممثل في شباب 20 فبراير المطالبين بإحداث تغييرات عميقة من داخل النظام و محاربة الفساد و محاكمة من أجرموا في حق المواطنين المغاربة ، و تحقيق العدالة الاجتماعية .. و الواقع أن المتتبع للخطابات الملكية المصاحبة للاحتجاجات الشعبية ، و المتمعن في مضامينها و رسائلها الظاهرة و المضمرة ؛ سيدرك بسهولة عمق النموذج الاستثنائي المغربي في تعاطيه مع المطالب الشعبية المشروعة . فبقدر ما أن المسيرات الاحتجاجية و السلمية تصدح بمتطلباتها المنحسرة في العيش الكريم و الحرية و العدالة و الديمقراطية بمعناها الكوني .. بقدر ما أن النظام أبان عن ذكاء و حكمة و روية ؛ إذ أنصت بعمق  لنبض الشارع و انخرط في تحيين و إقامة مشاريع و مؤسسات عالية المفعول ، و لعل أبرز ما شهدته المملكة هو تصويت الشعب المغربي على دستور جديد ، حمل مضامين و مواد مشجعة على رأسها ؛  انبثاق رئيس حكومة مسؤول من الحزب الأغلبي و استقلال القضاء و تفعيل آلية المحاسبة و المراقبة .. و لئن كان الدستور الجديد لم ينل رضى بعض  الفرقاء السياسيين و الحقوقيين و أطياف من المجتمع المدني ، إلا أنه في نظر المراقبين المحايدين يؤسس لأفق نظام ديمقراطي كما هو متعارف عليه دوليا . و لعل أهم ما أثار انتباهنا في خطاب العرش الإشارة الملكية في سياق الحديث عن مرتكزات إقامة المؤسسات الدستورية ، و المتمثلة في ضرورة الالتزام بسمو الدستور شكلا و مضمونا و التشبث بميكانيزم التأويل الديمقراطي ، لوضع حد لكل من يهوى الصيد في المياه العكرة ، و السباحة ضد تيار الإصلاحات الهيكلية .

•  التحدي الأكبر، دمقرطة الدولة و المجتمع :

علمتنا أدبيات تحليل الخطاب ، أن أي " نص " يتضمن رسائل مباشرة واضحة و أخرى متضمنة و متخفية " بين السطور " ، و الواقع أن الخطاب الملكي الأخير لم يخرج عن هذه القاعدة المعرفية . غير أن العاهل المغربي كان صريحا إلى أبعد حدود و هو يؤكد أن الدستور باعتباره أسمى قانون للأمة ، مجرد وسيلة لتحقيق غاية أرقى و هي ترسيخ دولة الحق و القانون و حقوق الإنسان و الحكامة الجيدة و التنمية الشاملة . و لكن كيف يمكن تفعيل هذه الأداة القانونية الأساسية و ترجمتها على أرض الواقع ؟ هنا " مربط الفرس " ! إنه لمن تحصيل الحاصل القول إن بناء دولة عصرية تحتكم إلى قيم الديمقراطية في إطار مؤسساتي حديث ، يتطلب تأهيلا نوعيا للمشهد السياسي بالمعنى العام ، و غني عن البيان التنبيه إلى الوضع المتدني و المتخلف للهيئات و الهياكل الحزبية في المغرب كما هو الشأن في باقي الأقطار العربية ، مما يستدعي نخبا جديدة متشبعة بالقيم الإنسانية الحديثة و المواكبة لمستجدات الفكر السياسي العالمي ، و المنصتة لهموم و آلآم و أحلام المواطنين و المواطنات ، و القادرة على صياغة مشاريع مجتمعية و واقعية ، و اجتراح قوانين و اقتراحات و تصورات خلاقة و مبدعة ، كل ذلك مع إلحاحية رحيل " الرؤساء " الحزبيين الذين لم يعملوا طيلة فترة زعامتهم إلا على تكليس الحياة السياسية وتمييعها و إفسادها . و لن يكتمل تأهيل المشهد السياسي إلا بتحمل المواطنين لمسؤوليتهم الجسيمة ؛ و المتحددة في اختيار من يمثلهم و ينوب عنهم من أشخاص شرفاء و ذوي كفاءات و غيرة وطنية .. و ألا يقتصر هؤلاء المواطنين على الشجب و الإدانة و الشكوى .. شريطة أن تلعب الدولة دورها كاملا في خلق مناخ سياسي  سليم ، و أن تجتهد في صياغة قوانين انتخابية و حزبية عادلة و ناجعة ، و توفر الإطار اللوجستيكي الكفيل بإنجاح الاستحقاقات  الانتخابية المقبلة ، و التي ستكون بمثابة المحك الأول و الحقيقي لبناء دولة ديمقراطية في طور الانبثاق و التشكل .

•  المجتمع المدني و الإعلام :

و غير خاف الدور المحوري الذي تلعبه الجمعيات و المنظمات المدنية في نشر الوعي الإنساني الحديث ، وزرع قيم الحداثة الكونية ، و العمل من أجل مواجهة مواطن الهشاشة و الخصاص و التهميش الاجتماعي ، عبر منظور متجدد يمتح من معين الوطنية و الروح الإنسانية المنفتحة و قيمنا الإسلامية السمحة ، و الدفاع المستميت دون هوادة عن حقوق الإنسان و المعاهدات و المواثيق الدولية ، مع الأخذ بعين الاعتبار الخصوصية الدينية للدولة المغربية . و في نفس المضمار يتعين على قطاع الإعلام أن يستيقظ من سباته العميق ، و يدرك أن طوفان الثورة المعلوماتية أحدث زلزالا بالغ الأثر في تشكيل وعي المواطن ، عبر الشبكات الاجتماعية الافتراضية و المواقع الإلكترونية و الترسانة التكنولوجية عالية الجودة ، مما يعني حتمية دمقرطة وسائل الإعلام بمختلف تمظهراتها لتعبر كل أطياف المجتمع عن تطلعاتها و أحلامها و مطالبها دون أي إقصاء أو استثناء ، فزمن الخوف من التعبير عن  المواقف و الآراء ولى من غير رجعة ، و تطوير المنجز الإعلامي و عصرنته خير وسيلة لمواجهة النزعات المتشنجة و الميولات الانفصالية المتقادمة و التيارات الاستئصالية و المتشددة ، و " التحليل " الإعلاموي المتهافت و العنتريات الصحفية البلهاء ، و إسقاط المعبد على الجميع و الاستهتار بقيم الأمة : الدين الإسلامي السمح والملكية الديمقراطية الدستورية و الوحدة الترابية . إن الحرية الإعلامية عنوان حضارة الأمم و عزتها و مجدها ، شريطة توظيفها توظيفا أخلاقيا  راقيا ؛  وبروح مسؤولة بناءة . ( فأما الزبد فيذهب جفاء و أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ) .           

– باحث في قضايا الفكر و السياسة


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات