تقرير إخباري:تفاصيل سيطرة شركة "ألزا" الإسبانية على مفاصل النقل الحضري بالمغرب وتساؤلات حول الجهة المستفيدة
أخبارنا المغربية:الرباط
خلق تمرير صفقتي التدبير المفوض للنقل الحضري بالعاصمتين الاقتصادية والإدارية، لإحدى الشركات الأجنبية بالذات جدلا واسعا وأسال الكثير من المداد...فالأمر ليس استهدافا لهذه الشركة بقدر ما أن الأمر يتعلق بظروف وملابسات وطريقة فوز هذه الأخيرة بالصفقتين الأخيرتين واللتين أقل ما يقال عنهما أنهما عبارة عن هدايا لشركة "ألزا" الإسبانية، التي أصبحت بفضل الامتيازات التي تحظى بها مسيطرة على النقل الحضري في أكبر الحواضر المغربية على المحور الأطلنتي من طنجة إلى أكادير مرورا بخريبكة ومراكش .
ويبقى اللغز المحير لحد الآن، حول الأطراف أو الجهات التي تقف خلف هذه الشركة الأجنبية وما طبيعة المصالح المخفية بين طيات هذا التوجه نحو بسط نفوذ شركة "ألزا" على مرفق حيوي متغلغل في شرايين المدن المغربية، خصوصا وأن قراءة بسيطة تقودنا إلى جل المدن المعنية تسيرها مجالس تابعة لحزب "العدالة والتنمية"، فهل هي مجرد صدفة أم أن الأمور تحتاج إلى توضيح ؟
المتتبع يلاحظ أن الشركة الإسبانية تحظى بامتيازات حصرية وبتفضيل لم تحظ به أية شركة مغربية من قبل، فبداية من مدينة مراكش التي عمرت بها الشركة لمدة عشرين سنة بنفس الأسطول ودون أن تخضع لأية محاسبة أو مراقبة لمدى احترامها للاستثمارات التعاقدية بعدما سمح لها الانطلاق بأسطول مستعمل لم يستبدل إلا عقب جني الأرباح ليدفع المغاربة تكاليف الاستثمارات اللاحقة، والأدهى من ذلك التمديد لهذه الأخيرة لمدة سنة إضافية بعد انتهاء مدة العقد الذي يربطها بجماعة مراكش في شهر يوليوز الأخير، على إثر فشل محاولة صياغة طلب العروض على مقاسها بعد عودة الوفد الذي قام بزيارة على نفقة شركة "ألزا" إلى دولة البرازيل للاطلاع على تجربتها في هذا المجال والفاهم يفهم .
وعلى نفس المنوال، سارت الأمور بعاصمة سوس ماسة، لتعرف مدينة خريبكة تجربة غير مسبوقة تسلمت بموجبها هذه الشركة حافلات جديدة من مجلس المدينة بتمويل من المكتب الشريف للفوسفاط، لتكون الخلاصة أن هذه الشركة تشرع في العمل بجميع المدن باستثمارات مغربية يتحملها دافعوا الضرائب المغاربة على أن ما يشغل بال المهتمين هو ما الدافع من وراء كل هذه الحظوة ؟
عاصمة البوغاز بدورها، عرفت نفس الخطة حيث سمحت السلطات المفوضة لشركة "ألزا" بالاشتغال بحافلات مستعملة لمدة تناهز السنة قبل الشروع في إدخال حافلات جديدة تدريجيا بالأسطول، دون تمكين أية شركة أخرى على صعيد المملكة من هذا الامتياز.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل في الوقت الذي كانت الساكنة الطنجاوية تنتظر تطبيق التعريفة التعاقدية بتخفيض درهم من ثمن التذكرة ابتداء من السنة الثانية للعقد، كانت المفاجأة هي الاحتفاظ بنفس التعريفة، دون أن تحرك المصالح الجماعية ساكنا وتم بعد ذلك تضمين هذه الزيادة غير القانونية في ملحق تعديلي لعقد التدبير المفوض لإضفاء الشرعية عليها على حساب جيوب المواطنين .
وتأتي أخيرا صفقة العاصمة الإدارية الرباط، التي منحت للشركة الإسبانية 15 مليارا، وكذلك صفقة العاصمة الاقتصادية التي تحصلت بموجبها شركة ألزا على 110 مليار، وتسلمها 400 حافلة مستعملة ممولة من خزينة الجماعة، أي من أموال المغاربة دافعي الضرائب.
فهل قدر المغاربة أن تبعثر أموالهم على شركات أجنبية؟ كان الأجدر أن تثري الاقتصاد الوطني بأموالها وخبرتها لا أن تبتلع موارد وأموال وتحويلها إلى حساباتها في بلدها الأم بالعملة الصعبة، والمغرب في أمس الحاجة إليها .
لكن ليس هذا كل شيء، فلكي يتم تسليم مدينة الدار البيضاء على طابق من ذهب لشركة "ألزا" الإسبانية ¸تم إقصاء جميع الشركات المغربية المحلية من المنافسة، وتم السماح لها بالاشتغال بالأسطول المهترئ لمدينة بيس، الذي عانى منه بيضاوة الويلات ولا زالوا ينتظرون الفرج الذي قد يأتي أو لا يأتي.
فعلى عاتق من تلقى مسؤولية هذا الانحياز الخطير الذي حرم المقاولة الوطنية من حقها في المنافسة الشريفة وتكافؤ الفرص؟ وماذا لو منحت نفس الامتيازات للشركات المغربية، ألم يكن ذلك ليجعلها في وضع أفضل يسمح لها بالرفع من مستوى أدائها وتحسين جودة خدماتها؟
أما آن لأصحاب القرار أن يستفيدوا من تجارب العديد من دول الجوار، وخاصة بالفضاء الجنوب الأروبي الذي يعطي الأولوية لصناعاته المحلية ولمقاولاته الوطنية، بهدف تقوية وضعها التنافسي أمام المقاولة الأجنبية تحصينا للاقتصاد الوطني؟ .
كلها تساؤلات تشغل الرأي العام الوطني وجمعيات المستهلك والمجتمع المدني وتنتظر جوابا شافيا، من طرف السلطات المختصة.
شاهد أيضا:
عدد التعليقات (12 تعليق)
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟