الرئيسية | اقتصاد | هل كان قرار "العثماني" تجميد التوظيف والترقيات بسبب "كورونا" صائبا؟

هل كان قرار "العثماني" تجميد التوظيف والترقيات بسبب "كورونا" صائبا؟

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
هل كان قرار "العثماني" تجميد التوظيف والترقيات بسبب "كورونا" صائبا؟
 

بقلم: اسماعيل الحلوتي

لا يمكن لأي كان من أبناء هذا الوطن الساكن في قلوبنا إنكار أن المغرب على عكس عديد البلدان الغربية، حقق نجاحا مشهودا له به عالميا، من حيث اعتماده مقاربة استباقية ترمي إلى الحد من استشراء فيروس كورونا المستجد "كوفيد -19"، وحماية صحة وسلامة المواطنين. إذ بمجرد ظهور أول إصابة بالوباء اتخذت سلسلة من القرارات السيادية الجريئة والإجراءات الاحترازية والوقائية، توجت بدعوة الملك محمد الساس إلى التعجيل بإحداث صندوق خاص لتدبير ومواجهة وباء كورونا، على أن تخصص له 10 مليارات درهم من الميزانية العامة.

بيد أنه في مقابل ذلك ورغم ما أبان عنه أبناء الشعب الأوفياء من وعي بخطورة المرحلة، وانضباط للتوجيهات الاحترازية وانخراط في التعبئة الشاملة والتضامن الوطني الكثيف، وبلوغ الموارد المضخوخة بصندوق تدبير الجائحة إلى أزيد من 23 مليار درهم، أبى الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة سعد الدين العثماني، إلا أن ينكأ جراحهم حين أجاز لنفسه الخروج في عز الأزمة الصحية والنفسية بأول قرار يضرب الإجماع الوطني في مقتل، جراء تعليق الترقية في القطاع العمومي التي ظلت شريحة عريضة من الموظفين تعلق عليها آمالا كبيرة في تحسين أوضاعها الاجتماعية والاقتصادية المتردية، وإجهاض أحلام أعداد غفيرة من العاطلين بإلغاء مباريات التوظيف.

حيث أنه سارع بشكل انفرادي ودون حتى استشارة المركزيات النقابية، إلى توجيه منشور لجميع أعضاء حكومته يدعوهم إلى تكريس المخصصات المالية لوزاراتهم في مواجهة تداعيات الوباء، بعد أن قرر حذف جميع الترقيات وإلغاء مباريات التوظيف التي كان مقررا تنظيمها، وحث الآمرين بالصرف بحجب مشاريع قرارات الترقية عن مصالح المراقبة المالية المعنية، باستثناء تلك المتعلقة بالموظفين والأعوان التابعين للإدارات المكلفة بالأمن الداخلي وقطاع الصحة، معتمدا في ذلك على مرسوم القانون المتعلق بالأحكام الخاصة بحالة الطوارئ الصحية، الذي ينص على اتخاذ اللازم مما تقتضيه هذه الظروف العصيبة من تدابير، والحيلولة دون تفاقم الحالة الوبائية للمرض وتعبئة جميع الوسائل المتاحة لحماية الأشخاص وضمان سلامتهم...

وبما أن فاقد الشيء لا يعطيه، ولأن العثماني يسير على خطى سلفه عبد الإله ابن كيران، فقد عودنا هو الآخر على سوء التدبير لما يتسم به تخبط وضيق الأفق وافتقاره إلى حس الخلق والابتكار، إذ بعد أن ضرب أخماسا في أسداس وتعذر عليه الحل، لم يجد أمامه من وسيلة أسرع تقوده إلى تخفيف العبء عن ميزانية الدولة ورفع التحديات المطروحة، وحماية صحة المغاربة وضمان سلامتهم، عدا العودة ثانية إلى الهجوم العنيف على مصالح الموظفين والشباب العاطل.

وكان من الطبيعي أن يثير هذا القرار الارتجالي والتعسفي في هذه اللحظة المفصلية من التاريخ، زوبعة قوية من السخط العارم والاستياء العميق لدى فئات واسعة من الموظفين والمعطلين وأسرهم، حيث تكاثرت ردود الفعل الغاضبة وتهاطلت الانتقادات اللاذعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي. واعتبر الكثيرون أن القرار عشوائي وغير منصف وخال من روح المواطنة والحس بالمسؤولية، لكونه جاء خارج السياق من جهة ولما يحمله من تمييز بين الموظفين وحرمان عشرات الآلاف من حقوقهم الأساسية والمشروعة من جهة ثانية، علما أنهم ساهموا في الصندوق الخاص بمواجهة الوباء القاتل، فضلا عما يبذلونه إلى جانب إخوانهم في الأمن والصحة من جهود جبارة وتضامن كبير. وكانوا يمنون النفس بأن تحذو الحكومة حذو باقي الحكومات الأخرى وتبادر إلى أجراءات مناسبة، للتخفيف من منسوب الضغط النفسي والمادي، الذي يخنقهم ويؤرقهم.

وأن يخرج المركزيات النقابية بدورها عن صمتها ويجعلها تسارع إلى استنكار إقدام رئيس الحكومة على المس بمكتسبات وحقوق الموظفين المشروعة، تحت ذريعة مواجهة الآثار السلبية لفيروس كورونا المستجد الذي دعا ملك البلاد إلى إنشاء صندوق خاص بمكافحته، وتعلن عن رفضها التام لقرار تعطيل الترقيات المبرمجة في القانون المالي للسنة الجارية، سواء منها الترقية بالأقدمية أو الكفاءة، معتبرة أنه قرار أحادي لم يتم الأخذ برأيها في شأنه، داعية إلى التعجيل بمراجعة المنشور الأخرق الذي لا يتوافق ودقة المرحلة، التي لا تطيق إصدار مناشير تمييزية بين أطر الوظيفة العمومية وكافة الأجراء.

إن قرار رئيس الحكومة المتسرع وغير المفهوم أفسد على المواطنات والمواطنين ذلك الشعور العميق والنبيل بالفخر تجاه ما عبر عنه الشعب المغربي بكامل العفوية من تلاحم وتضامن، ولم يستسغ الكثيرون منهم هذا الركوب الأرعن على قانون الطوارئ لتمرير مثل هذه القرارات الجائرة، وخرق اتفاقيات العمل الدولية المصادق عليها من قبل بلادنا. ألم يكن حريا به التريث قليلا إلى حين أن يتبين له الخيط الأبيض من الخيط الأسود؟ وإذا كان لا بد من الاستعجال في البحث عن موارد إضافية لتطويق الجائحة، فلم لم يتم اللوذ بالميزانيات الضخمة المخصصة لمؤسسات الدولة على مستوى شراء السيارات وتوفير الوقود وغيره... أو تخفيض أجور كبار المسؤولين ورواتب الوزراء وتعويضات البرلمانيين وإلغاء معاشاتهم غير المشروعة...؟

فقرار العثماني سيظل يؤرخ لجائحة كورونا ببلادنا، ويبرهن مرة أخرى على أن الرجل أبعد ما يكون عن قيادة حكومة دولة بحجم المغرب، الذي يشهد العالم بنبوغ قائده الملهم الملك محمد السادس، الذي لم يفتأ يعطي الدروس ويقدم من المبادرات ما يساهم في حل عديد الإشكاليات ليس فقط في بلادنا، بل حتى في القارة الإفريقية، دون أن يعتبر المسؤولون.

مجموع المشاهدات: 11431 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (14 تعليق)

1 | موظف
باز
باز لشي بعضين. اذا مادار والو غاينوضو يغوتو اعلاش ما دار والو وإذا دار شي حاجة غاينوضو يغوتو اعلاش دارها ازو اعلاش دارها هكدا وكان خصو يديرها هكدا
مقبول مرفوض
-15
2020/03/29 - 06:56
2 | متابع
هل كان قرار.العتماني صائب في تجميد الترقيات
كان صائب 100%1000 مهما إختلاف معه في معظم القرارات كفنى انانية الناس كتموت بالجوع وحنى كنفكرو فالترقية اللهم هذا منكر
مقبول مرفوض
-13
2020/03/29 - 06:57
3 | رشدي
الحق يقال
اراد أن يسابق الزمن و يبعد العاصفة عنه وعن أهل حزبه وباقي مقاسمي الكعكة حتى لا تشار إليه الأصابع وتطالبه وأمثاله بالمساهمة من أجرهم وتعويضاتهم السمينة فتسلق الحايط القصير ولكن الظلم ظلمات يوم القيامة فحسبنا الله ونعم الوكيل في العثماني
مقبول مرفوض
7
2020/03/29 - 07:00
4 | مريمرين
حكومة الكفاءات
تأبى حكومة الكفاءات إلا أن تضرب روح التضامن الوطني في الصميم ؛ وذلك بتأجيلها ترقية قطاع واسع من الموظفين الذين طال انتظارهم لهذه الترقية . هاهو المدير العام لصندوق الإيداع والتدبير، ينفرد بقرار إلزام الموظفين للتبرع في صندوق مكافحة كورونا ، وكأنه وصي على أجور الموظفين ! فيلتقي بذلك مع قرار رئيس حكومة الكفاءات بتأجيل الترفيات . يتناسى رئيس حكومة الكفاءات المبالغ الضخمة التي تذهب هدرا على شكل أجور و تعويضات و سيارات و ..، والتي ينعم بها أعضاء الحكومة أولا ثم أعضاء البرلمان الذين قيل عنهم بأنهم فقراء !!
مقبول مرفوض
6
2020/03/29 - 07:15
5 | مراد
قرار خاطئ
ماظهرلو غي الموظف البسيط؟!!لي سنين وهو كايتسنى الترقية؟!!الحائط القصير!علاش مايجمدش كذا و كذا و كذا...؟؟!!
مقبول مرفوض
4
2020/03/29 - 07:19
6 | العربي
باز
مافهمتكمش تطالبون بالترقية والشعب ما عندو ما ياكل كاتفكرو غير فراسكم والفقراء نسيتوهم وجوهكم قاصحة قبحكم الله
مقبول مرفوض
-2
2020/03/29 - 07:23
7 | عباس فريد
القرار
لا يصدق عاقل ان مثل هذه القرارات تصدر عن حكومة صورية ؟؟ باركة من اعطاء أهمية لأشخاص ينتظرون التعليمات ويطبقونها ويسيرون الاعمال اليومية لا غير لان الجميع يعلم ان منظومة التحكم هي التي تصدر مثل هذه القرارات ! لا تستحمروا المواطنين
مقبول مرفوض
1
2020/03/29 - 07:55
8 | مصطفى
صبر جميل
رب ضارة نافعة اذا قضي على الوباء سترجع الامور إلى مجراها أما أن كان العكس نطلب الله السلامة فلن تنفع لا ترقيات ولا علاوات المطلوب في هاته المرحلة التنازل والرضوخ والانصياع للأمر الواقع لنمر إلى بر الأمان
مقبول مرفوض
0
2020/03/29 - 08:34
9 | متابع
الله يأخد الحق
والله العلي العظيم إلا غالبية العضمى فهذا البلاد كيهمها غير راسها انا ثم أنا ومن بعدي الطوفان إتقو الله
مقبول مرفوض
-3
2020/03/29 - 09:00
10 | الصادم
واحد مالاقي ترياق واحد يطالب بالترقية
مقبول مرفوض
0
2020/03/29 - 10:47
11 | الوليد احمد
القنيطرة
بالله عليك لم تر الا الموظف البسيط والشاب البطالي الاول تحرمه من تعويض انتظره سنين وسنين والثاني كسرت حلمه طالما انتظره لتشرق شمس يوم ويجد نفسه لايطلب اباه الفقير او امه الارملة دراهم معدودة كنت علي الاقل تلتفت بجانبك فتجد البرلماني يتقاضي راتبا سمينا علي نومه بقبة البرلمان او تلك الميزانيات الضخمة التي تنهكون بها الشعب لاجل وقود سياراتكم التي يلعب بها ابناءكم او ما تخصصونه لسفرياتكم تحت ذريعة القيام بمسءوولياتكم انتم الا تقدرون يا معشر الوزراء الا تقدرون علي مساعدة الوطن ولو بحوالة ولو شهر واحد ماذا فعلتم لهذا الوطن سوي امضاء اوراق متكءيين علي اراءيك ناعمة فلولا الملك شافاه الله ونصره لكان المغرب في خبر كان من شدة سباتكم حسبي الله ونعم الوكيل
مقبول مرفوض
0
2020/03/29 - 10:58
12 | عبده
الى العربي قاسح الكمارة رقم 6
هاد الناس العربي ما هم لا سعايا بحالك لا جقايرية هداك راه غير حقهم خدمو فيه بجد و تمارة يا السطل وتسناوه سنين طويلة حقهم وافهم انت والعقماني ومن له اي دخل في ذلك .
مقبول مرفوض
0
2020/03/29 - 11:51
13 | said
décision honnête
c'est une bonne décision au bon moment. شكرا سي العثماني
مقبول مرفوض
-2
2020/03/29 - 04:03
14 | Ahmed
Première etape d'economie
Les primes et les avantages non méritées par les chefs de service de division des direceurs et des secretaires generaux de la fonction public doivent être éliminés et revoir cette bureaucratie qui date des années soixantes et ne leur laissé que le salaire mensuel comme tous les cadres parceque le système de contrat appliqué dans le secteur privé est le plus efficace et le plus rentable et l avancement du grade doit etre suspendu a tous les fonctionnaires quelque soit le ministère que ca soit de la santé ou autres il faut faire des sacrifices parce que notre beau pays le mérite que DIeu nous protège
مقبول مرفوض
0
2020/03/29 - 05:23
المجموع: 14 | عرض: 1 - 14

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة