الرئيسية | اقتصاد | الشباب ورهان الاستثمار بالمغرب في ظل قانون مالية 2023..العراقيل والتحديات والحلول المقترحة

الشباب ورهان الاستثمار بالمغرب في ظل قانون مالية 2023..العراقيل والتحديات والحلول المقترحة

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
الشباب ورهان الاستثمار بالمغرب في ظل قانون مالية 2023..العراقيل والتحديات والحلول المقترحة
 

بقلم:محمد عنقود

دأب  المغرب منذ الاستقلال على تشجيع الاستثمار، وخاصة فئة الشباب وخريجي المعاهد العليا والجامعات المغربية أو الأجنبية لكي يجد الأرضية الخصبة و المناسبة لمشروعه وبداية حياته العملية. لكن في السنوات الأخيرة، أصبح الشباب يجد ويواجه تحديات كبيرة لإنجاح مشروعه، في ظل  القوانين والمشاريع التي تأتي بها الحكومات المتتالية، والتي لا تكون إلا آنية ولا تخدم إلا أجندات سياسية بحتة.

فهذه الحكومات لا ترسخ مبدأ المساواة والعدالة الاستثمارية بين الشركات الكبرى والصغرى، وما بين الشركات المبتدئة ونظيراتها القديمة. 

فالشباب المستثمر  يواجه  مشاكل وتحديات كبيرة نذكر منها:

أولا- التحديات الإدارية

ثانيا- التحديات الجبائية والضريبية

ثالثا- التحديات المالية

رابعا- التكوين والتعليم

خامسا-  تحديات السوق والمنافسة

1- التحديات الإدارية

من بين العراقيل والمصاعب، التي يواجهها الشباب وحاملي المشاريع الصغرى والمتوسطة، تحديات إدارية، ونخص منها بطء الإجراءات الإدارية - تعدد المساطر وكثره الوثائق المطلوبة  و أخيرا غلاء الوعاء العقاري والكراء المهني.

فبطئ المساطر والإجراءات الإدارية، يخص جميع الإدارات العمومية بكل أقسامها، التي يتجه  إليها المستثمر في بداية مشواره المهني، فمثلا من اجل إنشاء شركه ذات المسؤولية المحدودة، يجب على المستثمر بداية الحصول على الاسم التجاري، بل إن حتى الحصول على دفتر الشيكات يتطلب انتظار أكثر من شهرين، وهي مدة طويلة جدا بالمقارنة مع بعض الدول المجاورة، أو الدول التي سارت على درب التطور الرقمي،  ففي بعض الدول المجاورة والمتقدمة، يلزم فقط يومين إلى خمسه أيام لإنشاء الشركة، والحصول على جميع الوثائق والبدء في العمل، يلزم في المغرب من شهرين إلى  ثلاثة أشهر من الانتظار والمصاريف، خاصة إذا كان الشخص أجنبي فلن يتفهم هذه المدة الطويلة دون احتساب الوقت الإضافي من أجل الحصول على الترخيصات. 

هذه المساطر تدفع أغلبية  المسيرين، خاصة الأجانب إلى تغيير الوجهة نحو دول أخرى مما  يعطل  صيرورة  الاقتصاد الوطني.

بالإضافة  إلى المشاكل الإدارية،  نجد غلاء الوعاء العقاري وعدم وجود مكاتب  ذات سومة  كرائية في حدود المعقول ولا تنهك عاتق المستمر الجديد، وحتى ولو وجدت نجدها إما بعيدة عن مركز المدن  أولا تلبي متطلبات المستثمرين الشباب.

 فغلاء السومة الكرائية خلال أزمة كورونا، أدت  بمجموعة من الشركات إلى إشهار إفلاسهم  أو تصفية شركتهم  أو دخل أصحابها إلى ردهات المحاكم مع أصحاب العقار، نتيجة إخلالهم بأداء الكراء خلال هذه الفترة.

أما بالنسبة لحاملي المشاريع الصناعية والتجارية، والتي تتطلب وعاء عقاريا كبيرا في المناطق الصناعية المصنفة، التي وفرتها  الدولة فأصبحت حكرا على الشركات الكبرى الأجنبية، والشركات ذات النفوذ، ورغم ثمنها الذي لا يتعدى  في بعض الأحيان  1000 درهم للمتر المربع،  نجد المستثمر الشاب غير قادر ولا يستطيع اقتناءها نظرا لتعدد المساطر و المزايدات.

من اجل تخطي هذه التحديات نقترح:

  أولا:إعادة  فتح المراكز الجهوية للاستثمار، في وجه الشركات الجديدة، من أجل تقليص المدة  إلى 15 يوم كما كان معمول بها سابقا. 

  ثانيا:خلق وتهيئه مكاتب للعمل في حدود المعقول كل على حسب احتياجاته.

 ثالثا:التدخل عاجلا من طرف وزاره العدل لتقليص  مدة الانتظار من اجل الحصول على السجل التجاري.

 رابعا:محاربة الرشوة وتدخل الموظفين بصفة مباشرة وذلك عن طريق تبسيط المساطر ووضع آليات وقوانين تنظم عملية منح الوثائق.

 خامسا:تنظيم عمليه توزيع المناطق الصناعية الجديدة على الشباب الجدد ومنحهم الأولوية ووضع آليات للمراقبة لاحقا لمنع التلاعب في هذه المناطق والضرب بيد من حديد لكل من سولت له نفسه الإخلال بدفتر التحملات.

 سادسا:خلق نظام معلوماتي ورقمي يساهم في خلق الشركات في مدة زمنية قياسية من أجل المنافسة مع بعض الدول.

2 - التحديات المالية

عندما نتكلم على المال فالتحديات كبيرة، فبدون رأسمال لا يوجد استثمار وبدون المال لا توجد شركة، فمن أين يأتي المال لشباب في مقتبل العمر، من أجل ولوج عالم الاستثمار. إذا لم يكن احد أقاربك ابن فلان ويوفر لك المال، والدفعة الأولى للاستثمار، فمن أين يأتيك رأس المال فالشهور الأولى  غالبا تكون صعبة، بوجود مصاريف أولية كالكراء لمدة أربعة شهور  ومصاريف التأسيس، أجرة العمال، الإدارة للأشهر الأولى قبل بداية الإنتاج . 

ومن أجل حل معادلة رأس المال، وضعت الدولة قروضا صغيرة بنسب معقولة ومضمونه من طرفها، سعيا منها لتشجيع الشباب حاملي المشاريع. 

ولكن، إذا نظرت عن قرب إلى هذه القروض، تجد آن اغلبها يذهب لتمويل مشاريع ذات إنتاجية ضعيفة، ولا تحل مشكله البطالة، كالمقاهي وبعض المحلات التجارية الصغيرة. 

 أما اللجوء إلى القروض البنكية العادية، فسعر الفائدة يبقى مرتفعا يتعدى 10 في المائة مع وضع ضمانات شخصية، وعقارية، قد تجر الشاب إلى السجون في حاله عدم السداد، وتتقل كاهله في كل شهر، مما قد يدفع به إلى بيع ممتلكاته في المزاد العلني لتسديد ديونه.

3-التحديات الضريبية والجبائية

وضعت الدولة عددا من القوانين والتحفيزات  الضريبية، من أجل تشجيع الشباب والمقاولات خاصة في السنوات الأولى لبداية الاستثمار، ومن بينها إعفاءات لمدة خمس سنوات على شركات تصدير والصناعة التقليدية - إعفاءات لمده خمس سنوات على الضريبة المهنية-  نسبه ضريبة 10 في المائة بالنسبة للشركات التي تحقق ربح صافي  اقل من 300 ألف درهم - إعفاءات لمدة خمس  سنوات تصل إلى 50 في المائة بالنسبة للشركات المقيمة في طنجة أو في بعض العمالات - إعفاءات بالنسبة للشركات المقيمة في الصحراء لسنوات-  

أداء فقط 17.5 في المائة  بالنسبة للشركات العقارية التي وقعت مع الدولة اتفاقيات لبناء وحدات السكن الاقتصادي.

 ان كل هذه التشجيعات، من شانها ان تساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في خلق ديناميكية اقتصادية، وتشجيع الشباب على الاستثمار، لكن ما اتى به قانون 2023 سيجهز على هذه التشجيعات، خصوصا فيما يتعلق:

- رفع سعر الضريبة على الإرباح من 10 في المائة إلى 20 في المائة على مراحل بالنسبة للشركات التي تحقق أرباحا لا  تتعدى 300000 درهم، أي بزيادة  مائة في المائة

- تضريب المقاول الذاتي بضريبة على المنبع ب 30 في المائة إذا ما تعدى 50 الف درهم من رقم المعاملات مع نفس الزبون، كل هذا سيؤدي إلى غلق مجموعة من المقاولات الذاتية،  لأن الزبون لا يمكنه  أن يتحمل 30 في المائة إضافية

- ضريبة على المنبع بنسبة 20% على رقم المعاملات بالنسبة لجميع المهن الحرة، حيث كانت سابقا تؤدي نصف  في المائة أصبحت 20 في المائة أي بزيادة 390 في المائة، وهي اعلي زيادة في التاريخ وهناك تحديات جبائية أخرى مازالت  سارية ونعد منها

30 في المائة على المجموع الكراء السنوي بالنسبة للضريبة المهنية على شركات  التصدير والاستشارة والخدمات

 نسبة الضمان الاجتماعي تصل إلى 28 في المائة، من مجموع الرواتب، إذا أضفنا أن "السميك" وصل حاليا الى 2970 درهم  وهو يعتبر الأعلى في إفريقيا، كل هذه العوامل قد تحد من الاستثمار الاجنبي والمغربي مما يضطر مجموعة من الشباب إلى اختيار بلدان افريقية وبلدان الخليج أو حتى أوروبا لبداية حياتهم المهنية.

4- تحديات التكوين والتعليم 

يعتبر التعليم في المغرب الأفشل على الصعيد العالمي والعربي،  فلم تستطع الحكومات المتتالية على مر السنوات أن تأتي بإصلاحات من شانها النهوض بهذا القطاع، ووضعه في مراتب متقدمة أوحتى إخراجه من قعر الترتيب.  

فالتعليم والتكوين العلمي والبحث العلمي، لا يرقى إلى متطلبات الشغل فجميع المتخرجين الجدد يجدون صعوبة في ولوج سوق الشغل في السنوات الأولى.  

أما الجامعات المغربية، فسمعتها سيئة في سوق الشغل وخريجوها غير مرغوب فيهم في شركات القطاع الخاص، وعلى خريجي الجامعات انتظار اربع سنوات اخرى او اكثر حتى يجدوا أول عمل لهم برواتب أدنى من نظيراتها في  المدارس ذات الاستقطاب  المحدود أو الهندسة أو الطب أو خريجي الجامعات الأجنبية.

 مما يضطر مجموعة من خريجي الجامعات، للبحث عن سبل أخرى خارج الوطن، أو تضييع سنوات أخرى من أجل الحصول على ماستر أو دكتوراه.  

 فعلى الدولة، أن تجد شراكة بين الشركات والجامعات، وعلى هذه الشركات ان تقوم بتمويل بمساعدة الدولة البحث العلمي لأن في الأخير هي من سيستفيد عن طريق التكوين المستمر والتكوين البديل، لمسايرة التطور العلمي على الصعيد العالمي، وتشجيع المبادرات الفردية وتمكين أصحابها من تطوير قدراتهم الفكرية والعلمية.

 

بالإضافة إلى مشكل التكوين نجد مشكل اللغة، فالفرنسية كلغة للتكوين قد ولى عليها الزمن وأصبحت لا تلبي طلبات البحث وسوق الشغل.  

 فالطالب آو التلميذ المغربي، يدرس ثلاث لغات في نفس الوقت - في مدارس الدولة لا تدرس اللغة الفرنسية إلا في السنة الثالثة من التعليم الابتدائي، أما الانجليزية فيجب انتظار السنة الأولى من التعليم الثانوي.  

 فعلي الدولة الاهتمام بالانجليزية، كلغة للتكوين في المراحل الأولى للتعليم، وخاصة في المدارس العمومية، وتقليص الهوة بين التعليم الخاص والعام وبين التعليم في المدن والقرى.

 5- تحديات السوق والمنافسة

أول ما يواجه المستثمرين الشباب ،هو ولوج سوق الاستثمارات العمومية والخاصة، فالمنافسة على  الصفقات العمومية تكون جد شرسة وتكون فرص الشركات المبتدئة جد ضئيلة، نظرا للمتطلبات التقنية والمادية التي يتطلبها دفتر التحملات.

 بالإضافة إلى تعدد الشركات في نفس المجال والتخصصات، مما يؤدي ببعضهم إلى خفض ثمن المناقصة إلى أقصى حد، مما قد يضر الشركة في ما بعد، ويؤدي بها إلى الإفلاس خاصة إذا لم تحسب سعر التكلفة كما هو مبين في دفتر التحملات.

 أما  الشركات الكبرى والمتوسطة والشركات التي لها اقدميه في الميدان، فتستحوذ على جميع الصفقات العمومية، نظرا لما تتوفر عليه من تجربة وتقنيات وموارد بشرية ومادية  ولا تترك أي  فرصة بالنسبة للشركات المبتدئة والصغيرة.

فالولوج إلى الصفقات  العمومية، يعد بمثابة تحدي بالنسبة للشركات الفتية، فغالب الأحيان تفشل هذه الشركات، فتغير الوجهة نحو القطاع الخاص، في انتظار الفرصة، فتواجه صعوبات شتى، حيث  الأثمنة جد متباينة بالنسبة لنفس المنتوج، والزبون المغربي أصبح من الصعب جدا إقناعه، حيث ساهمت وسائل الاتصال الاجتماعي في تقليص مجال المناورة، وهنا على الدولة أن تتدخل في الصفقات العمومية وتتيح للشباب وسيلة سهلة للحصول على بعض الصفقات العمومية ذات التكلفة المنخفضة، وعدم وضع عراقيل إدارية ومالية أمام هؤلاء الشباب لتتيح لهم الفرصة لولوج عالم الاستثمار، والخبرة والتجربة، وعدم ترك الشركات الكبرى تستحوذ حتى على الصفقات الصغيرة و المتوسطة.

 وعلى الدولة كذلك، وضع معايير جديدة في دفتر التحملات، لإتاحة الفرصة أمام الشركات الجديدة والصغيرة والشباب المقاول، للحصول على هذه الصفقات دون قيود، وإعادة النظر في الطريقة التي تمنح بها الصفقات،فالشباب هو المستقبل.

مجموع المشاهدات: 5932 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة