أحمد البواري: فاس–مكناس تقود التحول الفلاحي والمائي بفضل استراتيجية "الجيل الأخضر"

أكد أحمد البواري، عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار ووزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أن جهة فاس–مكناس تُعد من أهم الجهات الفلاحية في المغرب، مشيدا بثراء إقليم تاونات على مستوى الموارد البشرية والطبيعية والمائية، وخاصة الموارد الفلاحية التي شكلت أساسا لتطوير مشاريع هيكلية واسعة. 

وطمأن البواري ساكنة إقليم تاونات، خلال المحطة التاسعة من "مسار الإنجازات" بجهة فاس مكناس، الذي احتضنته جماعة "تيسة" بتاونات، أن كل الطرق المبرمجة في الإقليم ستُنجز ابتداء من السنة المقبلة، معتبراً أن الدينامية التي تعرفها جهة فاس–مكناس اليوم لم تأتِ من فراغ، بل هي نتيجة لمسار إصلاحي استراتيجي انطلق مع مخطط "المغرب الأخضر"، الذي حوّل الفلاحة الوطنية إلى فلاحة منتِجة ومستدامة وقادرة على الصمود. 

وأضاف البواري أن هذا التحول تعزّز بشكل كبير خلال المرحلة التي تولى فيها رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، مسؤولية وزارة الفلاحة، مشيرًا إلى أن ما تحقق اليوم من منجزات يُبنى على أسس وُضعت في إطار المخطط، رغم تحديات سبع سنوات من الجفاف المتتالي.

وأوضح أن استراتيجية "الجيل الأخضر" تهدف إلى ترسيخ المكتسبات الفلاحية وفتح آفاق جديدة، عبر مواجهة تحديات الماء والمناخ، ووضع الفلاح والشباب القروي في صلب الأولويات. وشدد البواري على أن المسار الإصلاحي لا يزال طويلًا ويحتاج إلى جهد مستمر لضمان وصول التنمية والكرامة لكل مواطن.

في سياق متصل، شدد القيادي التجمعي على أن الماء يُشكّل التحدي الأكبر للفلاحة المغربية، لذلك اعتمدت الحكومة سياسة مائية دقيقة ومسؤولة، مسترشدين بتوجيهات ملكية واضحة لضمان وصول جميع المغاربة إلى الماء الصالح للشرب بنسبة 100%، وتوفير 80% على الأقل من حاجيات القطاع الفلاحي. 

وأكد أن هذه السياسة تجسدت من خلال تجهيز أكثر من 25 ألف هكتار بالري بالتنقيط في الجهة خلال السنوات الخمس الأخيرة، بالإضافة إلى برمجة 50 ألف هكتار من السقي التكميلي، منها 16 ألف هكتار ضمن مشاريع استعجالية باستثمار يقدر بحوالي مليار درهم.

وأشار إلى مشاريع كبرى في أقاليم تاونات وسبو الأوسط وبوهودة وسهلة، مع استمرار العمل على مشاريع جديدة في مراحل متقدمة من الدراسات. وفي منطقة واد اللبن بتيسة، يجري التحضير لسقي 4 إلى 5 آلاف هكتار جديدة، إضافة إلى الاستفادة من محطات التحلية المخطط إنشاؤها في الرباط والدار البيضاء لتخفيف الضغط على مياه سبو، وتحويل جزء من المياه إلى قرية با محمد لسقي 5 إلى 6 آلاف هكتار جديدة ضمن المشاريع المبرمجة قبل 2030، ما يجعل المساحة الإجمالية المزمع تجهيزها في الجهة تتجاوز 60 ألف هكتار بعد استكمال مشروع "سايس" والمشاريع الأخرى قيد الدراسة.

وأضاف البواري أن هذه الاستثمارات ستعود بالنفع المباشر على الساكنة القروية، لافتًا إلى العمل على إنشاء مكتب جهوي للاستثمار الفلاحي في فاس مكناس للإشراف على هذه المشاريع وضمان تسييرها بكفاءة.

وذكر الوزير مشروع "سايس" كمثال على المشاريع الهيكلية الناجحة في الجهة، والذي كان يومًا مجرد حلم، أصبح اليوم واقعًا ملموسًا، حيث بدأت عشرات الدورات الزراعية بالاستفادة من مياه السقي، ما ساهم في حماية الإنتاج الفلاحي خلال موسم الصيف الحالي. وأكد البواري أن نجاح المشروع جاء بفضل التوجيهات الحكيمة لرئيس الحكومة، واهتمامه بالفلاحين الصغار الذين يمثلون 95% من المستفيدين في منطقة "سايس"، مؤكدًا على الشجاعة السياسية لعزيز أخنوش في الدفاع عن المشروع وتحويله إلى واقع ملموس.

في المحور الثاني، شدد البواري على أهمية إعادة تشكيل القطاع الوطني الحيواني كركيزة أساسية للأمن الغذائي الوطني، موجّهًا الشكر لمربّي الماشية في جميع ربوع المملكة على جهودهم الكبيرة في الحفاظ على القطيع رغم سنوات الجفاف والصعوبات. وأوضح أن الحكومة خصصت غلافًا ماليًا قياسيًا قدره 12.8 مليار درهم لدعم القطاع الحيواني، حيث استفاد 912 ألف مربي ومربية عبر نظام رقمي شفاف، وتم صرف نحو 4 مليارات درهم خلال ثلاثة أسابيع فقط.

وعلى صعيد جهة فاس–مكناس، تم ترقيم نحو 500 مليون رأس ماشية، وتم صرف أكثر من 500 مليون درهم للكسابة، حيث استفاد حوالي 75% من الكسابة الصغار من هذا الدعم المباشر، ما يعكس التزام الحكومة بضمان الأمن الغذائي وتنمية الفلاحة الصغرى في الجهة.

ولفت وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، إلى أن المغرب يعيش اليوم لحظة سياسية مفصلية، حيث تُترجم القرارات الحكومية إلى مشاريع ملموسة على أرض الواقع، مع الالتزام بمواصلة المسار وفق الرؤية الملكية السديدة، التي تهدف إلى ضمان عيش كريم وعدالة مجالية وتنمية مستدامة لجميع المواطنين.