المغاربة يكتوون بغلاء اللحوم والشناقة يبتلعون إعفاءات الاستيراد

المغاربة يكتوون بغلاء اللحوم والشناقة يبتلعون إعفاءات الاستيراد

أخبارنا المغربية - أبو سعد

رغم الإجراءات الحكومية الرامية إلى كبح جماح أسعار اللحوم الحمراء، وعلى رأسها وقف استخلاص الرسوم الجمركية عن استيراد الأبقار والأغنام، ما تزال الأثمنة تحافظ على مستويات مرتفعة، في وقت يزداد فيه الضغط على القدرة الشرائية للمغاربة، وسط اتهامات مباشرة للشناقة بالاستفادة من الوضع القائم.

وحسب معطيات متداولة بسوق الجملة بطنجة وتطوان على سبيل المثال، فقد تراوحت أسعار لحوم الغنم خلال الأسبوع الماضي ما بين 95 و115 درهما للكيلوغرام، فيما استقرت أسعار لحوم البقر بين 68 و94 درهما، وهي أسعار لا تشمل البيع بالتقسيط، الذي تجاوز فيه ثمن لحم الغنم 120 درهما، مقابل حوالي 110 دراهم للكيلوغرام بالنسبة للبقر.

وتطرح هذه الأرقام، التي لم تعرف تغيرًا يذكر منذ أشهر، علامات استفهام حول جدوى إعفاء الاستيراد من الرسوم وتحمل الدولة للضريبة على القيمة المضافة، خاصة وأن هذه التدابير، التي كلفت خزينة الدولة أزيد من 4 ملايير درهم، لم تنعكس على المستهلك، في حين تشير معطيات متداولة إلى استفادة حوالي 71 مستوردا كبارا منها.

وفي هذا السياق، أكد ياسين بوعسرية، مهني في قطاع تسويق اللحوم، في تصريح لـ"أخبارنا" أن جوهر الأزمة لا يكمن في الاستيراد أو في عدد رؤوس القطيع، بل في تحكم الشناقة في مسالك التسويق، مبرزا أن هؤلاء يصنعون الندرة ويرفعون الأسعار بين الضيعة والمجزرة، مستفيدين من ضعف المراقبة.

وأضاف بوعسرية أن أي قرار ضريبي أو جمركي يبقى محدود الأثر ما دام الشناق هو المتحكم الفعلي في السوق، مشددا على أن المواطن يؤدي ثمن المضاربة، في حين تتبخر الإعفاءات قبل أن تصل إلى جيوبه.

ومن جهته، قال محمد النوينس، فلاح من إقليم تاونات لـ"أخبارنا"، إن الفلاح الصغير يُجبر على بيع الماشية بأثمنة منخفضة للشناقة، بينما تصل اللحوم إلى المستهلك بأسعار خيالية، موضحا أن الربح الحقيقي لا يصل لا للفلاح ولا للمواطن، بل يتركز لدى الوسطاء.

وأشار النوينس إلى أن ارتفاع كلفة الأعلاف والأدوية، إلى جانب سنوات الجفاف، دفعت العديد من المربين إلى تقليص قطعانهم أو مغادرة النشاط، معتبرا أن الحديث عن تحسن القطيع لا يعكس واقع الفلاحين الصغار على الأرض.

ورغم تأكيد وزارة الفلاحة تسجيل تحسن في القطيع الوطني، الذي تجاوز 32 مليون رأس بمختلف الأصناف، إلا أن ذلك لم يترجم إلى تراجع في الأسعار، ما يعزز فرضية استمرار الاختلالات داخل منظومة التسويق.

وفي سياق متصل، أظهرت معطيات المندوبية السامية للتخطيط أن حوالي 78 في المائة من الأسر المغربية صرحت بتدهور مستوى معيشتها خلال السنة الماضية، مقابل 5 في المائة فقط أكدت تحسنه، مع توقع استمرار هذا المنحى السلبي خلال السنة المقبلة.

كما حذر تقرير للمعهد الملكي للدراسات الإستراتيجية من تآكل الطبقة المتوسطة، خاصة بالوسط القروي، مقابل توسع دائرة الهشاشة والفقر، في ظل استمرار موجة الغلاء، التي تبقى أسعار اللحوم الحمراء أحد أبرز تجلياتها.

ويجمع مهنيون وفلاحون على أن كبح غلاء اللحوم لن يتحقق إلا بتفكيك شبكات الشناقة، وتنظيم الأسواق الأسبوعية، وتشديد المراقبة على مسالك التوزيع، بما يضمن وصول الدعم والإعفاءات إلى مستحقيها الحقيقيين، بدل تبخرها في جيوب المضاربين.


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات
المقالات الأكثر مشاهدة