إلى متى سيستمر الاعتداء على رجال ونساء التعليم بالمؤسسات المغربية؟

مستجدات التعليم

13/06/2022 15:42:00

أخبارنا المغربية

إلى متى سيستمر الاعتداء على رجال ونساء التعليم بالمؤسسات المغربية؟

بقلم: إسماعيل الحلوتي

 كلما تجدد الحديث عن إصلاح منظومة التربية والتكوين وأبدى القائمون على الشأن التربوي ببلادنا استعدادهم وعزمهم الأكيدين على إحداث ثورة تربوية في اتجاه النهوض بأوضاع المدرسة المغربية، واعتقد الجميع أننا صرنا قاب قوسين أو أدنى من الخروج من نفق التخبط والارتجال والتخلف، إلا وطفت على سطح الأحداث بعض التجاوزات والانفلاتات الأخلاقية التي تنغص على الناس فرحتهم، لتعمق بداخلنا الشعور بالإحباط وتبث بذور اليأس في النفوس.

       إذ أنه في الوقت الذي أطلقت فيه وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة منصة رقمية بهدف إجراء مشاورات واسعة، عبر استمارة تقنية موجهة إلى جميع المواطنات والمواطنين وفعاليات المجتمع المدني والأطر التربوية، سعيا منها إلى إشراك أكبر عدد ممكن منهم في إغناء النقاش بمقترحاتهم حول السبل الكفيلة بالرفع من أداء المدرسة العمومية وتجويد خدماتها، فإذا بالرأي العام الوطني يهتز يوم الأربعاء 8 يونيو 2022 على إثر واقعة اعتداء إجرامي خطير تعرض له أحد أساتذة التعليم الأساسي إبان انهماكه في إنجاز عمله من قبل أحد الآباء، الذي أبى إلا أن يضرب عرض الحائط بحرمة المؤسسة ويقتحمها عبر سورها لتعنيف من يكرس وقته في تعليم ابنته أمام مرأى ومسمع من زميلاتها، مخلفا بذلك حالة من الهلع داخل حجرة الدرس. 

      وهو الفعل المتهور والهمجي الذي فضلا عن كونه دفع بالوزير الوصي على المنظومة التعليمية شكيب بنموسى إلى استنكاره والتنديد به، رافضا بقوة أن تطال مثل هذه الاعتداءات الإجرامية الأساتذة خلال مزاولتهم مهامهم داخل فصولهم الدراسية وبين جدران المؤسسات التعليمية أمام المتعلمات والمتعلمين، أدى كذلك بالمديرية الإقليمية بإقليم برشيد التي تحرص بشدة كغيرها من المديريات الإقليمية والأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين في كافة ربوع المملكة المغربية على محاولة حماية حرمة المؤسسات التعليمية وجميع مرتاديها من أساتذة ومتعلمين وغيرهم، إلى الدخول على الخط وتنصيب نفسها مطالبة بالحق المدني، ومتابعة المعتدي الذي تم اعتقاله على الفور من طرف عناصر الدرك الملكي...

      فالذي يؤسف له حقا هو أنه ما كاد المواطنون يستبشرون خيرا للتراجع الملحوظ في موجة اعتداءات التلاميذ على أساتذتهم داخل حجرات الدرس وخلف أسوار المؤسسات التعليمية، والتي أوشك أن يتوقف معها ذلك السيل المتواتر من أشرطة الفيديو التي ظلت توثق لذلك الكم من الحقد الأعمى على المدرسين في شبكات التواصل الاجتماعي، حتى أتى الدور على الآباء والأولياء الذين يفترض فيهم ومن أجل مصلحة بناتهم وأبنائهم وضع اليد في اليد مع الأساتذة وليس الاعتداء عليهم. إذ أننا مازلنا نذكر ذلك القدر الهائل من بلاغات مديريات الأمن الوطني، التي كثيرا ما أفادتنا مصالحها بما قامت به من أبحاث وتحريات فور تلقيها إشعارات بأحداث العنف من هنا وهناك، ولاسيما منها تلك التي يتعرض إليها المدرسون داخل "محاربهم" وما أسفرت عنه من توقيفات للمعتدين، استدعاء الشهود وعرض الملفات على أنظار العدالة...

      ويتذكر معنا الكثيرون من أبناء هذا الوطن تلك المناسبات التي عقد فيها البرلمان بغرفتيه ضمن جلسات الأسئلة الشفوية الأسبوعية، جلسات خاصة بمناقشة ظاهرة العنف المدرسي والاعتداءات المتكررة على الأساتذة أثناء قيامهم بواجباتهم في المؤسسات التعليمية. وهي اعتداءات تمس بصورة بلدنا وتسيء إلى واقعنا التعليمي، حيث يعتبرها عديد الملاحظين والمتتبعين للشأن التربوي بمثابة ناقوس خطر، ليس لأنها تنم عن انحدار القيم في مدارسنا وحسب، بل لكونها تشكل أيضا إعلانا صريحا وصارخا عن فشل المنظومة التعليمية في تحقيق أهدافها التربوية، وفشل السياسات التعليمية المتبعة من قبل الحكومات المتعاقبة. مما يستدعي مساءلة صناع القرار التعليمي والتربوي، ومدى نجاعة الرفع من قيمة المدرسة العمومية والعاملين فيها من مربين ومعلمين، إذ يعزو بعض البرلمانيين تفشي حالات العنف بشتى أنواعه إلى تراجع السلوك المدني لدى التلاميذ داخل وخارج المدرسة، وتردي علاقتها مع محيطها المتعدد.

      فواقعة مدرسة "النجمة" الابتدائية بمنطقة الدروة، التي انهال فيها أب "هائج" بالضرب المبرح على أستاذ ابنته وهو في آخر مراحل مساره المهني، دون أن تأخذه الرحمة بتقدمه في السن ولا بما يصدر عن تلامذته من صراخ لفرط ما انتابهم من رعب، وأخفقت فيها كل محاولات الحد من اندفاع الأب المعتدي من قبل اطر المدرسة، كما يظهر ذلك شريط الفيديو الذي أثار استياء عميقا في النفوس. هي من الوقائع التي تعيد إلى الواجهة ظاهرة العنف المدرسي التي كانت تشهدها مؤسساتنا التعليمية قبل تفشي جائحة "كوفيد -19"، سواء تعلق الأمر بتعنيف التلاميذ من لدن أساتذتهم أو العكس، وهو الذي كان ومازال سائدا بقوة أو تهجم بعض الآباء والأمهات على المدارس والعاملين بها. وهي مظاهر ما انفك الكثيرون يشجبونها ويطالبون بضرورة احترام حرمة المؤسسات التعليمية وتوقير الأساتذة وعدم المس بسلامة التلاميذ...

 

      وحتى لو افترضنا أن الأستاذ هو من استفز والد التلميذة من خلال إلحاق الأذى بها أو الإساءة إليها أمام زميلاتها، فإنه لا يجوز بأي حال لهذا الأب وغيره من المتهورين، القيام بمثل هذا التصرف الأرعن ما دامت هناك مساطر قانونية يمكن اللجوء إليها. ذلك أن العنف بمختلف أشكاله ومهما تعددت أسبابه، يعتبر ظاهرة اجتماعية مرفوضة لما له من انعكاسات نفسية واجتماعية واقتصادية، مما يستدعي تضافر جهود الجميع في اتجاه تحصين المجتمع وخاصة مؤسساتنا التعليمية من عواقبه الوخيمة.

 

مجموع المشاهدات: 7435 |  مشاركة في:
        

عدد التعليقات (6 تعليق)

1 - النهضة بالمدرسة العمومية
المعلم والأب
أظنكم بدأتم وكنتم تخلطون الأوراق بما كتبتموه وتقولون بأن الأستاذ رجل مظلوم وشخص نزيه لكن للأسف هناك بعض الأساتذة الذين يُشهد لهم بهذه النزاهة والكثير منهم يشهد لهم بالأزمات النفسية والعقد والمشاكل الأسرية التي يأتون بها إلى المؤسسة ووضع جام عقدهم وغضبهم على التلاميذ الذين هم أبناؤنا وأبناء إخوتنا من أرض هذا الوطن أنا لا أقول للأب الذي دخل للمؤسسة بأن يحل المشكل بالعنف لكن هناك مساطير إدارية وقانونية تتخذ لأخذ الحق إلا إن كان هناك أمر يخدش الحياء والمساس بأخلاق الأطفال مثلا كالتحرش وما إلى ذلك من أنواع مقيتة.
مقبول مرفوض
-3
2022/06/13 - 04:27
2 - رشبد
التحيمير والطنز
اريد ان اجيب على السؤال الذي هو في العنوان. الجواب واضح. مادام المغاربة ما عندهوم شغل من غير ولد وعاود ولد وعاود مرة اخرى ولد، هذا ما سنحصل عليه. ما كابن غير ولد وطلق الزنقة هي للي غادة تربي، الاب حال فمه فالقهوة متبع ميسي ورونالدو ونيمار، والام حالها فمها فالدار متبعة منار وسامحيني وووو. المغرب مشا احمادي.
مقبول مرفوض
8
2022/06/13 - 04:29
3 - متتبع
الإعلام
ما دام الإعلام وبعض المسؤولين بتهمون زورا وبهتانا جميع الأساتذة بالتهاون فالنتيجة واضحة . أولا أن يحترم القائمون على التعليم الأستاذ ثانيا توفير الحماية للمؤسسات التعليمية ثالثا عودة المدرسة للاهتمام بالأخلاق والتربية الإسلامية.
مقبول مرفوض
1
2022/06/13 - 05:15
4 - كمال
أساتذة
بالنسبة للحادثة الأخيرة التي نشبت بين الأستاذ وأب التلميذة حسب رواية أم التلميذة وأخوه أن البنت تعاني من سلس للبول لتستطيع أن تحبسه وأن الأستاذ إعتاد عليها بالضرب حسب رواية الأم وأن الأستاذ له سوابق في الإعتدءات على التلاميذ. وهذا لايبرر ضرب الأب للأستاذ ورغم ذلك يجب على هذا الأخير في الدعوى مم أجل البنت أكيد سوف تتأثر نفسانيا من سجن والدها وسوف يضيع لها عامها الدراسي وهي بنت صغيرة مريضة يجب على الأساتذة أن يتحلوا بالصبر ويعملوا أطفالنا مثل أولادهم لأنها مسؤولية كبيرة في عاتقهم لن يجازيهم عنها سوى الله
مقبول مرفوض
0
2022/06/13 - 05:23
5 - مواطن محكور
شكرا
الأستاذ ولي الأمر والتلميذ كلهم تربية واحدة ويجب إعادة النظر في التعليم، ولا الفشوش والسيبة وعدم الإحترام وإنعدام التربية السمة الأساسية، من لي ولات والخوصصة والفلوس شرط أساسي باش تقري ولادك فعل التعليم السلام
مقبول مرفوض
1
2022/06/13 - 10:08
6 - احسايني
الاستاد والفساد
تم ضبط استادة متزوجة مع زميلها يمارسون الرديلة،فهل هذه هي الأخلاق التي يدافع عنها مجموعة من المتشدقين.
مقبول مرفوض
-1
2022/06/14 - 12:35
المجموع: 6 | عرض: 1 - 6

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟