الكتابة تشفي العقل: كيف تساهم الكلمات في بناء المرونة النفسية؟
أخبارنا المغربية - وكالات
تحوّل الكتابة من مجرد وسيلة تواصل يومية إلى أداة فعّالة لتنظيم المشاعر وتحقيق صفاء ذهني، بحسب ما تكشفه دراسات نفسية حديثة. فمن كتابة رسالة نصية بسيطة إلى تدوين مقال طويل، يمكن للكلمات أن تحدث فرقاً جذرياً في الحالة النفسية، وتُظهر قدرة العقل على تجاوز التحديات.
بدأت الكتابة تُستخدم كأداة علاجية منذ ثمانينيات القرن الماضي، عندما طوّر عالم النفس جيمس بينيبيكر تقنية "الكتابة التعبيرية" لمساعدة المرضى على التعامل مع الصدمات. وأظهرت الأبحاث أن التدوين المستمر عن تجارب مؤلمة يخفف العبء العقلي ويساعد على خلق مسافة ذهنية بين الفرد والموقف الذي مرّ به، مما يسهم في التكيف النفسي والتعافي.
وكشفت دراسات تصوير الدماغ التي أجرتها الدكتورة إميلي جونستون أن التعبير عن المشاعر بالكلمات يُهدئ منطقة اللوزة الدماغية المسؤولة عن ردود الفعل الفطرية تجاه التهديدات، مثل الخوف والغضب. في الوقت نفسه، تنشط قشرة الفص الجبهي، المسؤولة عن التفكير المنطقي واتخاذ القرارات، ما يُمكّن الإنسان من الانتقال من رد الفعل الغريزي إلى الاستجابة الواعية والمتّزنة.
ولا تقتصر فوائد الكتابة على المواقف العاطفية الشديدة، بل تمتد لتشمل المهام البسيطة، مثل تدوين قائمة مهام يومية، حيث تُحفّز هذه العادة مناطق التفكير في الدماغ، وتساعد على استعادة التركيز وتقوية الإحساس بالحضور الذهني.
وتوصي الباحثة بمجموعة من النصائح المدعومة علمياً لتعزيز المرونة النفسية من خلال الكتابة، منها: اعتماد الكتابة اليدوية لما لها من أثر مهدئ ومحفّز للتفكير، والكتابة اليومية لتأمل الأحداث والمشاعر، واللجوء إلى الكتابة عند تدفّق الانفعالات بدلاً من التسرع في اتخاذ قرارات، بل حتى كتابة رسائل لا يُقصد إرسالها، من أجل تحرير المشاعر دون خوف من الحكم أو العواقب.
في النهاية، يتضح أن الكتابة ليست فقط أداة تواصل، بل ممارسة ذهنية علاجية تساهم في تعزيز الوعي الذاتي وتنظيم المشاعر وبناء عقل أكثر توازناً ومرونة.
