دراسة وراثية تكشف: "نفاد الصبر" مرتبط بـ 11 منطقة جينية ويؤثر على الصحة الجسدية والنفسية
أخبارنا المغربية - وكالات
كشف فريق بحثي من جامعة كاليفورنيا عن وجود 11 منطقة وراثية في الحمض النووي البشري مرتبطة بسلوك "نفاد الصبر"، أي تفضيل المكافآت الفورية الصغيرة على المكافآت المؤجلة الأكبر. الدراسة، التي شملت تحليل بيانات ما يقرب من 135 ألف شخص، تسلط الضوء على أن هذا السلوك ليس مجرد خيار شخصي، بل له جذور بيولوجية يمكن أن تنعكس بوضوح على الحالة الصحية والنفسية.
وفي التفاصيل، طلب الباحثون من المشاركين إكمال استبيان مالي بسيط يتضمن 27 اختياراً بين مكافآت مالية فورية وأخرى مؤجلة. الأشخاص الذين اختاروا باستمرار المكافآت الفورية تم تصنيفهم بأن لديهم ميلاً أكبر لـ "الاستخفاف بالوقت"، وهي السمة الوراثية التي خضعت للتحليل الجيني في الدراسة.
ربطت الدراسة بين هذه السمة الجينية و212 حالة طبية، شملت الإدمان، السمنة، أمراض القلب، الألم المزمن، وحتى اضطرابات نفسية كالاكتئاب واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه. وعلى النقيض، فإن حالات مثل الوسواس القهري وفقدان الشهية والفصام أظهرت استعداداً وراثياً معاكساً، حيث يفضل الأشخاص المصابون بها الانتظار من أجل مكافآت أكبر مستقبلاً.
أحد أبرز الاكتشافات كان على الكروموسوم 6، حيث حُدد متغير جيني يقع بين جينين مرتبطين سابقاً بالمخاطرة، والتدخين، والاضطراب ثنائي القطب، وتعاطي الكحول، ووزن الجسم. كما تم العثور على نقطة مهمة في الكروموسوم 16، تحتوي على 18 جيناً مؤثراً في الذكاء ونمو الدماغ وسلوكيات الأكل، وترتبط باضطرابات مثل التوحد، وفرط الحركة، والفصام.
رغم أن الذكاء والتحصيل العلمي أظهرا تداخلاً وراثياً قوياً مع سلوك "الاستخفاف بالوقت"، فإن الباحثين استبعدوا هذه العوامل رياضياً، وتبيّن أن 19 ارتباطاً جينياً ما زالت قائمة، من بينها روابط بالتدخين، السمنة، الاتصال الدماغي، واضطرابات الجهاز الهضمي.
رغم أن العوامل الوراثية تسهم بنحو 10% في هذا السلوك، إلا أن الباحثين شددوا على أن العوامل البيئية، مثل التنشئة الاجتماعية والخبرة والتعليم، تؤدي الدور الأكبر في تشكيل الميل نحو الصبر أو العجلة. ومع ذلك، تبقى البصمة الجينية ثابتة في الجسم مدى الحياة، وتشكل خلفية بيولوجية تؤثر على القرارات اليومية، بما فيها ما إذا كنا نختار المكافأة الآن... أم ننتظر لاحقاً.
