الجمعية المغربية لحقوق الإنسان: القرارات الحكومية الجديدة تنتهك حقوق المواطنين والمواطنات
محمد اسليم
أصدر المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بيانا مؤرخا بالثلاثين من يوليوز الجاري يهم إلغاء مجانية التعليم العالي، وذلك إستنادا إلى التصريحات الأخيرة للحسن الداودي، والمنشورة في العديد من الصحف والمنابر الإعلامية والتي تحدثت عن عزم الحكومة في قانون المالية المقبل، التخلي عن تعميم مجانية التعليم بالجامعات والمعاهد العليا المغربية، إجراء إعتبرته الجمعية في بيانها ـ الذي توصلت أخبارنا المغربية بنسخة منه ـ إستمرارا للقرارات الحكومية الجديدة، التي تنتهك الحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية للمواطنين والمواطنات، وضاربة المثل في هذا الصدد بإجراء ات من قبيل: الرفع من ثمن المحروقات دون مراعاة التأثير المباشر لذلك على السلع والأسعار، والسعي الحثيث لتفكيك صندوق المقاصة، في تغييب كامل للانعكاسات الكارثية لمثل هذه القرارات على القدرة الشرائية لأغلبية المواطنات والمواطنين وفي تجاهل تام لمطالبهم المشروعة؛ والذين ـ حسب البيان دائما ـ يتم التصدي لنضالاتهم العفوية أو المنظمة بالقمع والتنكيل والاعتقال والمحاكمة، فيما يتمتع في المقابل، ناهبو المال العام والمستفيدون من اقتصاد الريع بالإفلات من العقاب، ويحظون بالتفهم والصفح والغفران.
وقد إعتبر المكتب المركزي للجمعية أن السعي لإلغاء مجانية التعليم العالي إخلالا بالتزام أساسي يقع على عاتق الدولة الوفاء به، بموجب البند (ج) من الفقرة (2) من المادة (13)، المنصوص عليها في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي تؤكد على أن "ضمان الممارسة التامة" للحق في التربية والتعليم يتطلب، من بين أشياء عدة " جعل التعليم العالي متاحا للجميع على قدم المساواة، تبعا للكفاءة، بكافة الوسائل المناسبة، ولاسيما بالأخذ تدريجيا بمجانية التعليم"؛ كما أنه يرى بأن اعتماد أية تدابير تراجعية، ستعرقل، لا محالة، الحق في الاستفادة الكاملة من هذا الحق، الأمر الذي يتعارض مع جوهر ومضمون الفقرة 45 من التعليق العام رقم 13، حول "الحق في التعليم" المعتمد من طرف اللجنة الأممية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، سنة 1999، التي تنبه إلى أن "هناك افتراض قوي بعدم السماح بأي تدابير تراجعية بالنسبة للحق في التعليم، فضلا عن الحقوق التي يحددها العهد، فإذا اتخذت أي تدابير تراجعية عمدية تحملت الدولة الطرف عبء إثبات أنها أدخلت بعد دراسة دقيقة للغاية لكل البدائل، وأنها مبررة تماما بالرجوع إلى مجموع الحقوق المنصوص عليها في العهد، وفي سياق الاستخدام الكامل لأقصى الموارد المتاحة للدولة الطرف."
وقد إعتبر البيان أن الترتيب المتدني للتعليم وللجامعات المغربية على المستوى الدولي، يستلزم استنفار الدولة لكل الإمكانيات من أجل تعليم مجاني وذي جودة عالية ورفيعة، وليس ابتداع مبررات وتقديم حلول تجهز على الحق في التعليم، كحق تمكيني وأساسي من حقوق الإنسان.
وفي الأخير دعت الجمعية الدولة المغربية، إلى احترام التزاماتها الاتفاقية والتعاهدية، وإلى إخضاع مراجعاتها لسياساتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لمضمون تلك الالتزامات من جهة؛ وفتح نقاش عمومي رصين تشارك فيه القوى الحية بالبلاد، بناء على معطيات واستراتيجيات وطنية واضحة الأبعاد والآفاق، لا اعتمادا على ما سمته مجرد مقاربات ظرفية وتقنية، أثبتت التجارب السابقة عقمها وفشلها.
