هل تجد إدارة "الخليع" لذتها في مشهد آلاف المسافرين وهم مكدّسين يوميا في قطارات مكتظة؟
أخبارنا المغربية ـــ عبدالإله بوسحابة
في كل صباح، وعلى امتداد محور القنيطرة – الدار البيضاء، يتكرّر المشهد نفسه إلى حدّ الفضيحة: موظفون وطلبة ومئات من المسافرين محشورون داخل مقصورات ضيقة، يتنفسون بصعوبة، و يتشبثون بأي مساحة يمكن أن تُسمّى وقوفاً. اكتظاظٌ خانق لا يليق بدولة تستعد لاحتضان كأس إفريقيا وكأس العالم، ولا بمنشآت قيل إنها عنوان لـ"القطار فائق السرعة" و"النقل العصري".
الغريب أن الإشكال لم يعد سرّاً، ولا حادثاً طارئاً، بعد أن تحول إلى معاناة يومية يعرف تفاصيلها الدقيقة كل من يركب قطارات "الأوقات المكهربة"، وهنا نقصد "أوقات الذروة" التي تتحول إلى بشكل يومي إلى جحيم لا يطاق. ومع ذلك، يتصرف المكتب الوطني للسكك الحديدية وكأن الأمر لا يعنيه، وكأن شكاوى المغاربة، واحتجاجات الطلبة، ونقمة الموظفين مجرد ضوضاء عابرة لا تستحق الالتفات. فبدل الزيادة في عدد المقصورات على الأقل خلال فترات الذروة، تصر إدارة "الخليع" على الدفع بقطارات سريعة ذات طاقة استيعابية محدودة، وكأن الهدف هو سباق الساعات لا راحة المسافرين.
النتيجة؟ عربات تختنق بالبشر، أبواب بالكاد تُغلق، أطفال ونساء يقفون لساعات، وفوضى تتكرر منذ سنوات دون حل. أيّ منطق هذا الذي يُفضل "صورة السرعة" على حساب الكرامة؟ وأي سياسة نقل عام تُبقي آلاف المواطنين مكدّسين يومياً بينما بوسع قرار واحد عقلاني أن يخفف العناء؟
عدد من المتتبعين يطرحون نفس السؤال بحدة وحرقة: هل بهذه الطريقة نتهيأ لاحتضان أكبر التظاهرات الكروية في القارة والعالم؟ كيف سنستقبل جماهير منتخبات بالآلاف إذا كان نقل مواطنينا أنفسهم عاجزاً عن استيعاب حركة الصباح والمساء؟
إن إصرار المكتب الوطني للسكك الحديدية على تجاهل هذا الملف يطرح أكثر من علامة استفهام. فالمغاربة لا يطالبون بمعجزات، بل فقط بخدمة تحترم الحد الأدنى من إنسانيتهم. زيادة القطارات، مضاعفة المقصورات، إعادة النظر في البرمجة… كلها حلول بسيطة وبديهية. ومع ذلك، يبقى المشهد على حاله، وكأن إدارة الخليع تجد في الفوضى والاكتظاظ "أمراً عادياً" لا يستحق سوى بيانات تبريرية كلما تصاعد الغضب.
لقد آن الأوان ليُفتح هذا الملف بجدية، فمعاناة مئات الآلاف من المسافرين ليست هامشية، ولا يمكن أن تُترك معلّقة إلى أجل غير معلوم. إذا كان المكتب الوطني للسكك الحديدية يريد فعلاً أن يكون واجهة للنقل العصري، فعليه أولاً أن يصنع قطاراً يحترم راكبيه… قبل أن يحلم بجلب إعجاب العالم.

Abdou
قطار الحياة
يمضي قطار العمر دون توقف، ويمر على محطات الحياة واحدة تلو أخرى، بعضنا يغادر الحياة مبكرا، وآخر يلزم مقعده في القطار بصمت متأملا الحياة من نافذة الأمل متفائلا، وآخر يحاول أن يتفاعل مع الحياة وأن يجعل لرحلته هدفا وغاية، وآخر ينتظر بشوق المحطة القادمة، وآخر يحاول بجهد أن يوقف القطار.