هل دخلت الجزائر مرحلة الانهيار.. رد هستيري على عقوبات فرنسا يكشف كل المستور
أخبارنا المغربية - عبد الإله بوسحابة
إن المتتبع العاقل للواقع المر والمرير الذي تعيشه الجزائر خلال السنوات الأخير، قد لا يحتاج لكثير من التدقيق ليدرك أن نظام الكابرانات يعيش اليوم واحدة من أسوأ أحواله منذ الاستقلال. إن مرحلة انهيار شامل، وانكسار داخلي وخارجي يتجلى في كل مظاهر سلوكه السياسي، لعل آخرها ما عبّرت عنه وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية برد هستيري على تسريبات إعلامية فرنسية حول احتمال تجميد أصول مسؤولين جزائريين في فرنسا.
فأن تصل مؤسسة إعلامية رسمية إلى هذا المستوى من الهستيريا والانفعال والتراشق، فهو دليل دامغ على عمق الأزمة التي تضرب بنية النظام من الداخل، وتعرّي هشاشته أمام المجتمع الدولي.
التسريبات التي نقلتها صحيفة "L’Express" الفرنسية لم تكن مفاجئة، بل شكلت انعكاسا طبيعيا لفقدان الجزائر كل أدوات التأثير في علاقاتها مع باريس، بعد أن تحولت إلى طرف مشلول دبلوماسيًا، غير قادر حتى على انتزاع جواب على 51 إنابة قضائية أرسلها منذ سنوات. والأدهى من ذلك، أن النظام الذي يزعم محاربة الفساد عاجز تمامًا عن استرجاع أموال منهوبة وأشخاص مدانين يقيمون على الأراضي الفرنسية، تحت أعين الجميع.
وفي الوقت الذي كان يُفترض فيه أن تمثل هذه المعركة القضائية فرصة للجزائر لإظهار صلابتها ومهنيتها، اختار نظام الكابرانات أن يهرب إلى الأمام، عبر خطابات جوفاء ومصطلحات متكلسة لم تعد تقنع أحدًا. فحين تقول الوكالة الرسمية "تفضلوا ونفذوا تهديداتكم"، فذلك لا يُعبّر عن موقف سيادي كما يحاول البعض تصويره، بل عن حالة عجز تام عن الرد العقلاني، وانعدام لأي استراتيجية ناضجة، وتحول الموقف الرسمي إلى مجرد فورة إعلامية هزيلة.
هذا الانهيار لم يعد حكرًا على العلاقة مع فرنسا، بل أصبح هو القاسم المشترك في علاقات الجزائر مع محيطها بشكل عام. فعلى الصعيد الإقليمي، لم تعد الجزائر تحظى بأي حليف موثوق. صراعاتها المفتوحة مع المغرب، موريتانيا، النيجر، مالي، بوركينا فاسو، وحتى ليبيا، جعلت منها دولة منبوذة في فضائها الحيوي، فاقدة لكل أدوات الوساطة والتأثير. لم تعد الجزائر دولة مرجعية في إفريقيا، بل باتت عبئًا دبلوماسيًا، ومعرقلًا لكل مشروع إقليمي، وأصبحت تُعامَل من قبل جيرانها بوصفها مصدر توتر لا شريكًا.
والأخطر من ذلك، أن النظام الجزائري، بدل أن يقرأ هذه الإشارات بجدية ويعيد ترتيب أوراقه، اختار الانغماس في نظرية المؤامرة، وتخوين الجميع، والاحتماء بشعارات خشبية عفا عنها الزمن. فمرة يستحضر "الاستعمار"، ومرة "المؤامرات الخارجية"، وكأن الزمن توقف عند ستينات القرن الماضي، وكأن الشعب الجزائري لا يرى حجم الفشل والانهيار الذي يحيط به من كل جانب.
ما يجري اليوم هو ببساطة سقوط حر لنظام لم يعد يتحكم في صورته الخارجية، ولم يعد يملك ما يقدمه لشعبه أو لشركائه الدوليين سوى بيانات فارغة، وعداء مجاني مع الجيران، وشتائم رسمية عبر وكالة أنبائه. وبدل أن يتحول إلى دولة مؤسسات، اختار أن يختبئ خلف واجهات إعلامية يائسة، ويتصرف كما لو أنه فوق المحاسبة، في وقت باتت فيه حتى الدول الصغرى ترفض التعاطي معه بجدية.
الجزائر اليوم، بكل وضوح، ليست في موقع قوة كما يدّعي إعلامها، بل في موقع انكشاف كامل: دبلوماسيًا، إقليميًا، اقتصاديًا، وحتى أخلاقيًا. وإن لم يعِ هذا النظام أن سياسة الهروب إلى الأمام لم تعد تنطلي على أحد، فإنه سيجد نفسه قريبًا خارج كل المعادلات، غير قادر على إدارة الداخل، ولا على إقناع الخارج، ولا حتى على تبرير بقاءه في الحكم.

الريح المستريح
الله يعطيك الصحة آسي بوسحابة
الله يجازيك بخير آسي عبد الالاه بوسحابة نهار على نهار تكشف المستور الكابرانات في طريقهم للفناء وهذا جزاء الظالمين