نكتة.. مقابل سعيها لتقسيم المغرب، الجزائر تعتبر اعتراف إسرائيل بصوماليلاند مساسا خطيرا بسيادة الصومال
أخبارنا المغربية - عبد المومن حاج علي
مرة أخرى، تسقط الدبلوماسية الجزائرية في تناقض صارخ يختزل حالة الارتباك السياسي التي باتت تلازم مواقفها الخارجية، حيث سارعت وزارة الشؤون الخارجية بالجزائر إلى إدانة اعتراف إسرائيل بإقليم “صوماليلاند”، معتبرة الخطوة “غير شرعية” و”انتهاكا صارخا” لسيادة ووحدة أراضي جمهورية الصومال الفيدرالية، ومهددة بشكل مباشر للسلم والأمن والاستقرار في منطقة القرن الإفريقي.
وأعاد البيان الجزائري، الذي شدد على قدسية الحدود الوطنية ورفض أي مساس بوحدة الدول، التذكير بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والنظام القاري الإفريقي، وبالخصوص مبدأ احترام الحدود الموروثة عن الاستعمار، مع التأكيد على أن هذا المبدأ يشكل ركيزة أساسية لصون الأمن والاستقرار في القارة الإفريقية، وهي لغة تبدو للوهلة الأولى منسجمة مع الشرعية الدولية، لكنها تصطدم بشكل فاضح مع الممارسة السياسية الفعلية للجزائر.
وفي الوقت الذي ترفع فيه الجزائر شعار “وحدة الدول” و”عدم المساس بالسيادة الوطنية” عندما يتعلق الأمر بالصومال، تواصل، دون حرج، دعمها الصريح والمعلن لمشروع انفصالي يستهدف وحدة المغرب الترابية، عبر احتضان وتمويل وتسويق أطروحة “البوليساريو” في تناقض لا يمكن تبريره بأي منطق سياسي أو قانوني، وهو ما يجعل الموقف الجزائري أقرب إلى انتقائية مصلحية منه إلى التزام حقيقي بالمبادئ التي تدعي الدفاع عنها.
والأكثر إثارة للسخرية أن الجزائر، التي تعتبر اعتراف دولة أجنبية بإقليم انفصالي في إفريقيا “خطرا يهدد استقرار المنطقة برمتها”، ترفض الاعتراف بالواقع التاريخي والقانوني لسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، رغم الدعم الدولي المتزايد لمبادرة الحكم الذاتي باعتبارها حلا واقعيا وجادا للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، ليطرح السؤال حول الظروف التي يمكن لدولة أن تدين فيها التقسيم في القرن الإفريقي، بينما تعمل بلا هوادة على تغذيته في شمال غرب القارة.
ويكشف هذا التناقض الصارخ بوضوح ما يمكن وصفه بـ”السكيزوفرينيا السياسية” التي تحكم خطاب النظام الجزائري، حيث تتغير المبادئ بتغير الجغرافيا، وتستحضر الشرعية الدولية حين تخدم الأجندة الضيقة، ويتم القفز عليها حين تتعارض مع الحسابات الإقليمية.
وفي مقابل هذا الارتباك، يواصل المغرب نهجه القائم على الوضوح والثبات، دفاعا عن وحدته الترابية، واحتراما لسيادة الدول، ودعما للاستقرار الإقليمي، بعيدا عن ازدواجية الخطاب والمواقف المتناقضة، وهو ما يجعل من الموقف الجزائري، في هذه القضية وغيرها، مادة سياسية كاشفة لفقدان البوصلة، أكثر منه موقفا مبدئيا يعتد به في ميزان العلاقات الدولية.
