المياه الإقليمية بين المغرب وإسبانيا معكرة مع بدء التنقيب عن البترول في أكتوبر
أخبارنا المغربية
عادت مسألة المياه الإقليمية في المنطقة الأطلسية بين المغرب وإسبانيا إلى الواجهة بعد تصريحات مسؤولين إسبان بضرورة تسريع وتيرة التنقيب عن النفط في هذه المنطقة، مع اقتراب موعد بدء المغرب التنقيب على النفط في مياهه الإقليمية بمحاذاة جزر الكناري والذي من المنتظر أن يجري الشروع فيه مطلع اكتوبر المقبل.
وقد اكتملت، أمس الثلاثاء 24 شتنبرالجاري، المهلة امام حكومة جهة جزر الكناري لتقديم اعتراضاتها التي تتضمن توضيحات للتداعيات البيئية على الأقليم ضد الترخيص الجديد الذي منحته الحكومة الإسبانية التي يقودها الحزب الشعبي لشركة ريبسول من اجل التنقيب عن النفط في مياه بلادها المحاذية للأرخبيل الكناري. وتستعجل حكومة مدريد المركزية البت في هذا الخلاف لتسارع إلى التنقيب عن النفط قريبا من الجزر.
وتقول الحكومة الإسبانية استنادا إلى تقرير شركة ريبسول المختصة بالطاقة والتنقيب عن النفط، إن مياه الكناري، قد تكون تتوفر على 1400 مليون برميل من النفط الخام،ويمكن استخراج حوالي 140 ألف يوميا على مدى عشرين عاما، وهو ما يعادل 10 في المائة من مجموع الاستهلاك الوطني بإسبانيا، وهي نسبة يعتبرها المسؤولون المحليون جيدة وغير مسبوقة، قد تخفف كثيرا من حجم استيراد النفط من الخارج،وخصوصا في هذا الظرف الاقتصادي الذي تعيشه البلاد .
و بينما يجري البت في الاعتراضات الجديدة لرئيس الحكومة الجهوية للاقليم الكناري على الترخيص الذي منحته حكومة ماريانو راخوي لريبسول، يقول وزير التجارة والطاقة الإسباني منويل صوريا إن التنقيب عن النفط بالمياه الإسبانية القريبة ب 60 كيلومتر من جزرالكناري قد يجري البدء فيه سنة 2014.
ويوظف الوزير الإسباني المعني بالقطاع بدء المغرب التنقيب عن النفط في مياهه المحاذية لجزر الكناري كما هو منتظر، لممارسة ضغط اكبر على باولينو ريبيرا رئيس حكومة الجزر الجهوية، ووصفه في اخر تصريحه له بكونه ساذجا وضحية لوعد لم يلتزم به المغرب.
وعمد صوريا مؤخرا في تصريحات نقلتها عنه وسائل الإعلام الإسبانية بينها صحيفة إلموندو، إلى السخرية من جديد من رئيس الحكومة الجهوية للارخبيل مشيرا إلى انه سوف، يتوجه بطلب اعتذار إلى المغرب، بسبب تدخل رييرا في شؤونه الداخلية في تلميح إلى تصريحاته عقب زيارته إلى الرباط في2012 وتحدث عقب عودته منها عن ان المغرب أبلغه انه ليس لديه نوايا في التنقيب عن النفط في المياه القريبة من الأرخبيل. وهكذا يستمر المغرب طرفا داخليا ايضا في معركة التنقيب عن النفط بالقرب من الأرخبيل الكناري.
وفي الوقت الذي جرى فيه بين الرباط ومدريد تجاوز الخلاف مؤقتا عن التنقيب عن النفط في المناطق القريبة للمياه الإقليمية بين البلدين بسبب عدم ترسيم الحدود المائية لحد الآن، اتفق الجاران على مباشرة التنقيب في المناطق القريبة والتي لا يوجد عليها خلاف، لكن العائق الحقيقي في الوقت الراهن امام مدريد هو موقف حكومة الأقليم الكناري الجهوية، التي تعترض بشدة على أي تنقيب عن النفط في الأرخبيل بسبب مخاوف من تداعياته البيئية على منطقة تعتبر السياحة موردها الاقتصادي البارز.
ومازل الترخيص الذي منحته حكومة ماريانو راخوي لريبسول من أجل التنقيب عن النفط في الارخبيل، قيد التقويم والنظر من قبل مؤسسات معنية في إسبانيا من بينها المحكمة العليا بعد ان قدم رئيس حكومة الحكم الذاتي للاقليم باولينو ريبيرا اعتراضات قانونية على الترخيص.
ويشكل المغرب طرفا خارجيا مرة وداخليا مرة اخرى في ملف التنقيب عن النفط في المياه القريبة من جزر الكناري الذي تخوض فيه الحكومة الإسبانية.
وكان المغرب قد اعترض في العام 2001 بعد أول ترخيص منحه خوسي ماريا أثنار لريبسول للتنقيب عن النفط هناك بسبب عدم ترسيم الحدود في المياه المشتركة بين البلدين، وكان بالتالي طرفا خارجيا في تلك المعركة. ويعود المغرب من جديد ليشكل طرفا في معركة التنقيب عن النفط في واجهتها الداخلية، بين حكومة مدريد المركزية وحكومة جزر الكناري الجهوية ويتم التنافس على توظيفه بين الطرفين المتواجهين.
وتشرع خلال الأسابيع القليلة المقبلة »كايرن انيرجي«الاسكوتلاندية التنقيب عن النفط في المياه الإقليمية المغربية القريبة من جزر الكناري لصالح الرباط. وينتظر أن تبدا في مطلع اكتوبر المقبل مهام التنقيب على عمق يتراوح ما بين 500 م إلى 2000 م تحت مياه البحر وستشمل منطقتين متقاربتين هما »فوم درعة« ومنطقة أخرى قريبة حسبما صرح سيمون طومسون المدير التنفيذي للشركة الاسكوتلاندية »كاين إنرجي« المكلفة بمهام التنقيب عن النفط لصالح المغرب في هذه المنطقة.
ومن جهتها كانت »كارين انيرجي« نفسها أشارت على موقعها انه سيشرع في أعمال التنقيب عن النفط في المياه المغربية القريبة من كنارياس في الفترة المترواحة ما بين الأشهر الثلاثة الاخيرة من العام 2013 حتى الأشهر الثلاثة الثانية من العام 2014 .
وحسب الشركة الإسكتلاندية فيما يخص التنقيب عن النفط في منطقة فوم درعة التي تبعد عن السواحل المغربية ب 120 كليومتر مربع، وتقع شمال جزر الكناري، وتمتد على مساحة تصل إلى 3300 كليو متر مربع، أشارت إلى أن حصتها من استغلال هذه الموارد هي 50 في المائة فيما حصة المغرب عبر المكتب الوطني للطاقة والمعادن هو 25 في المائة. ويتقاسم شركاء آخرون حصة 25 في المائة المتبقية وهما شركتا سان ليون إنرجي14،2 في المائة وسيركا انيرجي 8،3 في المائة ، إضافة إلى شركة »لونغريش أويل آند غاز« بنسبة 2،5 بالمائة.
وفي منطقة التنقيب الثانية القريبة من السواحل المغربية ب60 كيلومتر وقريبة أيضا من جزر الكناري، فإنها تمتد على مساحة 5600 كيلومتر مربع وسيصل التنقيب فيه عن النفط إلى عمق تحت الماء يتراوح ما بين 100 متر و 1500 متر. ويحصل المغرب على نسبة 25 في المائة فيما ستحصل كارين انرجي على 37،5 في المائة وشريكها »جينرال انرجي« 37، 5 في المائة.
وتتوقع الشركة الرئيسية المنقبة عن النفط في المياه المغربية المحاذية للمياه الإسبانية ولجرز الكناري وجود حوالي 142 مليون برميل من النفط الخام.
وتسعى الحكومة الإسبانية إلى استغلال فرصة بدء المغرب التنقيب عن النفط قبالة جزر الكناري للتأثير على خصمها في معركة استغلال نفط الأرخبيل التي تعترض عليها حكومة الحكم الذي لاقليم كنارياس برئاسة باولينو ريبيرا .
وتنتظر شركة ريبسول وشركاؤها وهما الشركة الالمانية »إر دوبل في إي« والشركة الاسترالية »وودسايد«، الضوء الاخضر من السلطات المعنية بإسبانيا بتقويم اعتراضات حكومة الكناري الجهوية على الترخيص الذي منح لها من الحكومة المركزية، حتى تشرع في أعمال التنقيب. وتتمحور الاعتراضات على مخاطر التنقيب في هذا الإقليم الإسبانية على البيئة ومن تسر ب النفط إلى وساحل الارخبيل فتلحق به ضررا بيئا كبيرا وتهدد بذلك القطاع المركزي و الأول الذي يعتمد عليه الأرخبيل وهو قطاع السياحة.وتدعم قوى مدنية وسياسية بيئية و من الخضر في إسبانيا وفي اوروبا اعتراض رئيس حكومة الجزر الجهوية بولينو ريبيرا .
ومنذ ان منح رئيس الحكومة الإسبانية عن الحزب الشعبي الأسبق خوسي ماريا أثنار ترخيصا لشركة ريبسول للتنقيب عن النفط في العام 2001، حتى بدأ معرك قانونية وسياسية بين حكومة ريبرا الجهوية بالارخبيل الكناري وحكومات الحزب الشعبي المركزية منذ تلك الفترة إلى اليوم.
واستطاعت حكومة ريبيرا ان تعطل قرار الحكومة المركزية وخصوصا التي يقودها الحزب الشعبي، حيث ظفرت بحكم من المحكمة العليا الإسبانية في 2004 يدعم اعتراضاتها امام عجز الحكومة المركزية عن تقديم ضمانات بيئية.
ومع وصول الحكومة الاشتراكية بقيادة رودريغيز ثبايترو إلى السلطة في مدريد في العام 2004، وجد الرئيس الجهوي للارخبيل متنفسا، حيث وعدته حكومة ثباتيرو بعدم المضي في الترخيص لريبسول للتنقيب عن النفط في الجزر وتجميد القرار الذي كان سمح به سالفه خوسي ماريا أثنار.
ومع عودة الحزب الشعبي إلى السلطة في العام 2012، قامت وزارة التجارة والطاقة بالحكومة الإسبانية بالترخيص من جديد لشركة ريبسول من أجل التوجه لمياه جزر الكناري للتنقيب عن النفط. واستغل وزير التجارة والطاقة الإسبانية منويل صوريا ظروف الأزمة الاقتصادية لينظم حملة جديدة لحشد الدعم السياسي و المدني و الشعبي للترخيص الذي جرى منحه في وجه الاعتراضات.
وكان المغرب أعلن مؤخرا عن تكوين لجنة مؤقتة أوكلت لها مهمة ترسيم حدود المياه الإقليمية الوطنية على الواجهة الأطلسية، ستعمل على دراسة التفاصيل التي ستمكن من وضع حدود بحرية جديدة في انتظار تقديم الملفات، في غضون خمس سنوات، أمام اللجنة الدولية المكلفة بهذه المسألة، على اعتبار أن هذا الترسيم ضروري للحفاظ على مصالح المغرب.
وكان بلاغ للحكومة، أشار إلى أن اللجنة التي تم عقد اجتماع بشأنها تندرج في إطار تطبيق الاتفاقية حول الحق في البحر، التي انضم إليها المغرب، والتي تعطي للدول الساحلية الحق في حصر عرض مياهها الإقليمية في أزيد من 200 ميلا، دون تجاوز المسافة القصوى المحددة في 350 ميلا، مع احترام الشروط الجيومورفولوجية.
وتعكف الحكومة على بلورة ملف يستجيب للشروط القانونية والتقنية، سيتم إيداعه لدى لجنة ترسيم الحدود القارية التابعة للأمم المتحدة.
ومن المرتقب، أن تمكن نتائج الدراسات الميدانية من وضع حدود جديدة باستشارة مع الدول المعنية، خصوصا إسبانيا (جزر الكناري) والبرتغال (جزر مادير)، وهي نقاشات قد تؤدي إلى توترات جديدة.
هذا في الوقت الذي أعلنت فيه اللجنة الأوروبية عدم اختصاصها للحسم في أي خلاف محتمل بين المغرب وإسبانيا، في ما يتعلق باستكشاف البترول في المنطقة البحرية التي تفصل المغرب وجزر الكناري.
وحث المفوض الأوروبي المكلف بالطاقة، الطرفين على حل خلافاتهما في هذا الشأن والتوصل إلى اتفاق عبر الطرق السلمية باتباع مبادئ إعلان الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن الأممي والاتفاقية الأممية المتعلقة بالحق في البحر.
وكانت إسبانيا قد عززت وجودها العسكري في جزر الكناري تحسبا لأي خلاف بعد اكتشاف كميات مهمة من البترول في المنطقة غيرالمحددة بين المغرب وإسبانيا.
عن "العلم"