"الزلزال السياسي الذي عرفه المغرب في الأواني الأخيرة"
ياسين ناتج
إنه لأول مرة في تاريخ المغرب اتخذت مثل هذه القرارات وبالأخص بهذه الطريقة السريعة التي كانت فعلا بمثابة زلزال سياسي أصاب سياسيين لم يتفانوا في عملهم، هذه القرارات في حذ ذاتها لم تتخذ بشكل اعتباطي بل اختارت عن طريق بنود ينص عليها القانون الدستوري أي تحت سقف الدستور، ومن بين المظاهر الأساسية فيه هو أنه خلخل هذه الانتصارية.
هذا الزلزال السياسي هو بالأحق كان معلنا عنه من خلال خطاب العرش وأيضا في افتتاح البرلمان الذي تحذت بأن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر والذي قال فيه جلالة الملك محمد السادس نصره الله هذه العبارة " أنها بداية مرحلة حاسمة " وقال أيضا بأنه لا يمكن للأمور أن تسير كما كانت من قبل وبالتالي حينما يقع شيء لن يكن متوقعا من قبل أن يقع.
ومن جهة أخرى فالمواطن المغربي اليوم ما يعيشه ويراه في المنظومة السياسية المبنية على التوازنات والتي لم تعطي أي اعتبار للمواطن المغربي كان فعلا يتوقع وينتظر هذا الزلزال بطريقة أو بأخرى، وبالتالي وقع هذا الزلزال ولكن بدون تذبذبات أي أنه زلزال مفاجئ لهذا هذا الزلزال كان بمثابة بشارة خير على المغاربة والزلزال هذا ما زال آتيا لأنه كما هو معروف في لغة عالم المستديرة أن جلالة الملك لم يبقى لديه سوى أوراق حمراء في وجه من لم يريد العمل والجدية. لأن خطاب العرش وكدالك خطاب افتتاح البرلمان 13 أكتوبر اللذان كانا يتضمنان رسائل قوية للطبقة السياسية وأنه سوف يفرض دينامية جديدة وسيعطي أهمية أكثر وأكثر للفعل العمومي، لكن كل من خطاب العرش وافتتاح البرلمان لم يستوعبها الرجل السياسي كما هو مطلوب وبالتالي هذا الزلزال أولى مؤشرات هذه الرسائل، لأن اليوم أصبح من الضروري ربط المسؤولية بالمحاسبة.
وبعيدا عن السرعة في تنفيذ هذه القرارات هناك ما يسمى الفهم العميق للدولة، فالدولة اليوم تعيد تعريف نفسها من خلال الطبقة الحزبية والوجود السياسي، ولهذا كان من قوة هذه القرارات أنها لم تضحي بالدستورية أو بأخلاقيتها.
إذن هذه القرارات التي أصدرتها المؤسسة الملكية احترمت وبشكل كبير القوانين الدستورية، وربط المسؤولية بالمحاسبة يعني أن العالم السياسي المغربي اليوم لن ولا يبقى بعيدا عن المحاسبة لأن ليس هناك سياسة بدون محاسبة، وبالتالي رسالة الملك هي رسالة قوية وكانت بمثابة شبح لدى السياسيين وبالتالي هذا الزلزال الذي تفاعل معه الشعب المغربي سيمهد انشاء الله إلى سياسة دينامية جديدة يعني وداعا إلى تلك التوازنات السياسية التي كان يعمل بها السياسيون في القديم لأن مغرب اليوم يريد سياسيين شجعان قادرين على العمل.
السياسة اليوم في المغرب أصبح يترأسوها أصحاب الافكار الشعباوية والديماغوجيا فإن صح التعبير فنحن نعيش في العصر الحجري بالمعنى السياسي، لأنه لم تعطينا القدرة على الانطلاق والتقدم، فصراحة نحتاج الى سياسيين ملتزمين بقضايا وطنية ويرتفعون في حاجياتهم الخاصة وليسوا مشغولين بجمع الثروة وتكديسها وغير مسكونيين بهوس التملك للأشياء والأوطان، وانما مسكونيين بالإجابة عن ما يخرجنا من هذا النفق المظلم عن هذا البصيص من الأمل فالشباب اليوم سئموا من كل الألاعيب السياسية،
فكيف سنتحرر من ثقافة الحقد هذه ؟
كيف نتحرر أن المعارضة خصم وعدو وانما هي ثقافة راقية ؟
لماذا لم نتعلم من جارتنا أوروبا التي يوميا دروسا في هذا ؟
لماذا لا نستطيع أن نبني قوى ورموز سياسية واجتماعية وطنية تحمل هم التغيير والنجاح ؟
لماذا هذا الدهاء السياسي الذي يشوب السياسة المغربية ؟
لماذا ثم لماذا ثم لماذا، للأسف فلا نستطيع الاجابة عن هذه الأسئلة
فكفانا من السطحية والسذاجة، فالسياسة يا سادة علم ودراية ومسؤولية.
