ديمقراطية الفقر
محمد شاكري
عندما طلعت علينا الوزيرة الحقاوي بتصريحها أن عشرين درهم تخرج صاحبها من دائرة الفقر تذكرت زميلتها السابقة أفيلال و هي تقول أن معاش البرلماني و الوزير مجرد " جوج فرنك " فهذه هي ديمقراطية النخبة السياسة في البلاد و يا لها من مقارنة بين من يجب أن يقنع بعشرين درهما و بين من يعتبر الملايين لا شيء .
الحديث عن الديمقراطية حديث ذو شجون ، و هو إن اتخذ في العالم العربي و دول العالم المتخلف عموما صبغة سياسية أكثر من أي شيء آخر ، فلأن الإستبداد السياسي يجر معه استبدادا اقتصاديا يغني الغني و يفقر الفقير و يركز الثروة في يد الغني، فالعديد من فئات الشعب عانت و تعاني من سياسات عمومية مجحفة ، فإذا كان النصف الثاني من القرن الماضي فترة صراع سياسي بامتياز تميزت بلي الذراع بين النظام و معارضيه فإن الفترة الراهنة تجاوزت مطالب الحرية السياسية إلى التساؤل عن ثروات البلاد بأين و كيف و من .
تساؤلات مشروعة تحمل في طياتها غضبا عاما عن الوضع الإقتصادي ، فالدولة تتحدث عن التقشف و ترشيد الإنفاق العمومي و تثقل المواطن بالضرائب أشكالا و ألوانا و تسحب الدعم الذي كان يستفيد منه الفقير بحجة أن الأغنياء يستفيدون منه أيضا ... لكن ..
لكن هنا اعتراض على شيء غير مفهوم ، فالإصلاح المزعوم يتحمله المواطن البسيط وحده لأن الغني لن يشعر بثقل "درهم" زائد في مادة حيوية كالسكر أو الدقيق . ثم لماذا لا تجد الحكومة حرجا في المساس بكل ما يستفيد منه الفقراء على علاته و لا تجرؤ مثلا على فرض ضريبة الثراء على الأغنياء ؟ لماذا لا تفتح الصناديق السوداء التي لا يعلم أحد قيمتها ؟ لماذا مثلا لا تستخلص الزكاة من أغنياء البلاد و تجبرهم على المساهمة و التضحية كما تجبر عامة المواطنين ؟ لماذا لا يجرؤ نواب الأمة على مساءلة ميزانيات الخطوط الحمراء و تقصي أثر الفساد المالي أينما كان ؟
لدي شعور بأن الحكومة توسع مساحة الفقر من خلال ترك الباطرونا المحلية و الأجنبية والحيتان الكبيرة يمتصون دم الشغيلة مقابل أجر لا يصل حتى إلى الحد الأدنى المنصوص عليه قانونيا ناهيك عن باقي الإنتهاكات و من خلال تفقير الطبقة المتوسطة و حشرها في الخندق بإجراءات تمش معيشها اليومي .
من الصعب جدا إنكار أن البلاد تعاني من فساد يهدر الثروة لكن أين محاسبة الفساد و المفسدين ؟ يغمرني إحساس أن النخبة السياسية لديها طموح واحد هو كيف تجلس على المائدة التي توزع عليها الكعكة أما المواطن فهو آخر اهتماماتها سواء كان في المدينة أو في أعالي الجبال .
