24/03/2011 13:50:57
*الصادق بنعلال - أخبارنا هناك شبه إجماع من قبل الباحثين و المنشغلين بالتاريخ السياسي العربي ، أن العرب لم يشهدوا في تاريخهم القديم و "الجديد" نظاما سياسيا قائما على التعاقد و العدل و الحرية و المساواة..فمنذ معاوية بن أبي سفيان إلى "القائد" معمر القدافي ، لم نكن سوى أمام زمرة من المتسلطين و الحاكمين ب"أمرالله"يسومون شعوبهم سوء العذاب و يعيثون في الأرض فسادا. صحيح لقد أقام العرب بناء ثقافيا و حضاريا قل نظيره ، و كان عاملا من عوامل الإشعاع العلمي في الغرب منذ العصر الوسيط ، غير أن ذلك كان في الغالب الأعم تحت إشراف الحاكم المستبد غير العادل .أما في العصر "الحديث" (القرن التاسع عشر) فقد نهض العرب من سبات "انحطاطهم" بفضل الحملات العسكرية البونابارطية و أمثالها ، ليكتشفوا الهوة العميقة التي تفصل بين تقدم الغرب و تأخر المسلمين ؛ فانبرى رجال الفكر العربي آنذاك للبحث عن أسباب تراجع العرب الحضاري ، و الحلول الكفيلة بإعادة الحياة مجددا إلى الوجود العربي المهدد بالتلاشي و الذوبان . و خلص هذا البحث الشاق و المضني إلى أن العالم العربي يعيش أزمة هيكلية و شاملة ؛ تمس بالتحديد الاستبداد السياسي (عبد الرحمن الكواكبي) تخلف التعليم (محمد عبده) الفهم الساذج للدين (الأفغاني) استعباد المرأة (قاسم أمين) .. و لما دخل الاستعمار الأوروبي إلى البلدان العربية في مستهل القرن العشرين ؛ انتفضت الشعوب العربية ثائرة في وجه الاحتلال الأجنبي ، و استطاعت – رغم التضحيات الجسام و سقوط عدد مهول من الشهداء في ساحة الشرف – أن تخرج المحتل على أمل أن تبني حاضرا عربيا يكون بداية لانطلاقة نوعية نحو بعث متجدد ، بيد أن الرياح جرت بما لم تشته السفن .فعوض أن يتكفل رجال الثورة بإنجاز الاستحقاق المطلوب : وضع هياكل و تنظيمات سياسية و اقتصادية و اجتماعية و ثقافية عصرية ؛ تستلهم المعطى الفكري لرواد "البعث و الإحياء" ، و أجرأته على أرض الواقع و مأسسة المجتمع العربي ، هرول الانتهازيون –كعادتهم – و عملوا على قرصنة نضالات الشعوب العربية و دمائها الزكية لخدمة أجندات مخالفة لتطلعات الأمة العربة نحو التقدم و الرقي وإقبار آمال و طموحات الشباب في العيش الكريم . و جرت مياه متدفقة تحت جسر "الأمة العربية" لنجد أنفسنا في بحر لجي من الصراعات و النعرات ، و التعاطي السياسي البائد مع أصول و فصول الشأن السياسي . و أضحى الحكام العرب "أصحاب الجلالة و الفخامة و السمو" الفاقدون للشرعية القانونية (الديمقراطية) ينهجون نمط الحكم السياسي الفردي في أسوئ تجلياته و أحلك تمظهراته ؛ الاستحواذ المطلق و "الأبدي" على السلطة و قمع الحريات الفردية و الجماعية و التحكم في مقدرات الأمة و نهب المال العام .. و "تأجيل" النظر في الإصلاح و التنمية و الديمقراطية .. إلى أن "يتحقق حلم" تحرير فلسطين كل فلسطين ، و إنجاز "الوحدة العربية" وإقامة "الاشتراكية" إلى آخر لائحة الشعارات الديماغوجية ؛ التي طالما سمعناها من عظمة لسان حكامنا "الأشاوس" في لقاءات "القمة" العربية و غيرها من اللقاءات الرسمية و السرية "الهامة" .و الآن و في سياق التحولات الدولية الكبرى و الثورة المعلوماتية الرقمية الهائلة ، و في خضم انهيار العناوين الكبرى و سقوط أوراق التوت ؛ طفقت الأرض تشتعل من تحت أقدام طواغيت ظهروا في شكل كائنات ورقية بفضل ثورات الشباب العربي الذي حطم جدار الرعب إلى غير رجعة ، و خرج في مختلف ساحات التحرير العربية مطالبا بإسقاط الأنظمة و الفساد الذي ران على الإنسان العربي وحرمه من الإحساس بوجوده . ل"يكتشف" للمرة الألف أن الحاكم العربي دموي حتى النخاع ، وأنه مستعد تمام الاستعداد للتضحية بالبلد كله من أجل أن يخلد في السلطة و يورث مقاليد الحكم ل"فلذة الأكباد" بالحديد و النار و ما جاورهما . و أخيرا و ليس آخرا أضحى الشباب العربي مدركا لحقيقة إنسانية خالدة : لا بداية إلا من البداية ؛ تغيير قواعد اللعبة و القطع النهائي مع المسلكيات السياسية المنحطة ، و العمل من أجل دمقرطة العالم العربي و وضع قطاره على سكة الحداثة و قيم العصر و المواطنة و التعددية ، و التداول السلمي على السلطة المستندة إلى إطار تنافس سياسي حضاري بعيدا عن البلطجة و استظهار القوة و الترهيب . لا مستقبل للأمة العربية إلا في ظل مناخ سياسي و حضاري جديد يتطلب بناؤه "كتلة تاريخية" مدركة لمتطلبات اللحظة الراهنة ، و لن تخرج تلك المتطلبات عن القوانين و الأعراف و المواثيق الدولية المتفق عليها كونيا .فهل سيستجيب زعماؤنا العرب ؛ الشيوخ و "الشباب" لمستلزمات القرن الواحد و العشرين ؟ و هل سيلتقطون صوت الشارع العربي ؛ الذي يصدح بالدعوة إلى الالتزام اللامشروط بالديمقراطية و التوزيع العادل للثروة و تفعيل قانون المراقبة و المحاسبة والفصل الفعلي بين السلط و التخلي التام عن الغطرسة و الاستكبار البغيضين ؟ أملنا أن ينحازوا إلى عين العقل و منطق العصر ، و إلا فإن الشعوب ستطاردهم بصدورهم العارية "زنكا زنكا" . *أستاذ و باحث في قضايا الفكر و السياسة
هل كان حادثا مدبرا.. تنبؤات سابقة للعرافة اللبنانية "ليلى عبد اللطيف" تثير ضجة كبرى عقب مصرع الرئيس الإيراني ومن معه (فيديو)
عدد التعليقات (0 تعليق)
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟