هل أضحت الميديا الشعبية سوقا لاكتيال الحسنات

أقلام حرة

14/07/2020 06:46:00

عبد اللطيف مجدوب

هل أضحت الميديا الشعبية سوقا لاكتيال الحسنات

تحول من زمن إلى آخر

 

ما زال المغاربة يتذكرون أن كان هناك "إسلام" يجوب الشوارع والأزقة ويمتطي الحافلات قبل إقلاعها ، يروج له أناس من قارعة الطريق من خلال أشرطة كاسيط وكتيبات "الجنة والنار" ، " الشجاع الأقرع " ، "أهوال القيامة" .. لكن وفي غمرة هذه الطفرة الرقمية الرهيبة التي يشهدها العالم ، واكتساح الهواتف الذكية لحياة الناس ، انتقل هذا "الإسلام" ليستوطن هواتف البشر عبر منصات التواصل الاجتماعي ، أو الميديا الشعبية ، فوجدها أرضا خصبة لغزو العقول الصغيرة وتحويلها إلى أجنحة متطرفة عصية عن التواصل ، أو تجعل منها أجسادا بهيمية تعيش بغرائزها وتكفر بكل القيم النبيلة .

 

ظاهرة شعبوية بامتياز

 

اعتاد رواد منابر التواصل الاجتماعي ، أو بالأحرى الميديا الشعبية ؛ Popular Media ، وبخاصة قنوات التواصل الفوري مثل : WhatsApp ; Facebook ; Twitter ; Instagram ، استقبال كمّ هائل من الرسائل ، ذات صور نصوص مكتوبة أو صوتية ، لأدعية وأقوال مأثورة وروايات وأقاصيص ... يزعم أصحابها أنها من بركات "السلف الصالح" تجلب "الخير العميم" لصاحبها ولمن قام بنشرها وبثها على أوسع نطاق ، أو يكتفي مختلقوها بعبارات ؛ "جرب إيمانك" ؛ "أنت وعلاقتك بالله" ، وهي ؛ في عمقها ؛ حث للشخص على بثها بوسيلة أو أخرى ، وتستعمل الهاجس الديني النفسي كمعبر للتخلص من "مسؤولية" أناطوها بعنقه .

 

على أن هناك ؛ ودائما من خلال الميديا الشعبية ؛ مواقع قارة يحينها أصحابها كل وقت وحين بمضامين أغلبها رسائل صوتية لشيوخ ؛ يصولون ويجولون في المجال الديني ، كيفما اتفق لهم ؛ إما باستهداف مظاهر اجتماعية ؛ يعتبرونها خليعة ومروقا عن الدين ، ليكفروها ويتوعدوا أصحابها بأشد أنواع العذاب ، تارة باستعراض نصوص قرآنية ، وتارة أخرى بأحاديث نبوية ؛ يصرون على إلحاقها بأحاديثهم وأراجيفهم التي لا تخلو نبراتها من الوعد والوعيد والتكفير والزندقة ، أو الاغتراف من ينابيع الحسنات إذا ما سار المتلقي على نهجهم واقتفى أثرهم .

 

عينات من هذه المواد

 

هناك صور شتى تتضمنها هذه المواد العابرة لهذه القنوات في التواصل الاجتماعي ، ذات حمولة دينية في الإقبال على أوجه البر واكتيال الحسنات ، بمجرد نشرها ، نحاول فيما يلي الوقوف عند عينات منها :

 

* (لا إله إلا الله ما أشد حر هذا اليوم اللهم أجرني من حر جهنم) ، من نشرها فله كذا من الحسنات .." ؛

 

* (اطلبوا العلم ولو بالصين) ؛

 

* (الجنة تحت أقدام الأمهات ....) ؛

 

* (من ترك صلاة الصبح ليس في وجهه نور ....) ؛

 

* تزوجوا ولا تطلقوا فإن الطلاق يهتز له عرش الرحمان ...) .

 

نلاحظ أن معظم الأحاديث التي ترد في دروس ومحاضرات ومواعظ هؤلاء والمتبادلة بين نشطاء هذه القنوات ، مشحونة بعواطف هوجاء ، من نوبة بكاء أو حشرجة في صوت صاحبها ؛ فضلا عن كونها مقطوعة الأسانيد والرواة ، مجهولة المصادر والاقتباس ، كما أن تحقيقها يكشف عن ضعفها أو أنها (موضوعة) ومختلقة . وحتى المروجين لها لا يستوقفهم البحث والتقصي ـ ولو للحظة قصيرة ـ في أبعادها ومراميها ، فكل ما يرد بصيغة "عسى الله أن ينفع بك الناس" يعد برأيهم حسنة في التقاطها والترويج لها . على أن هناك مخاطر ومحاذير ؛ في تلقي هذه المواد وبهذه الحمولة الإلكترونية ؛ لا تخلو في كثير من الأحيان حملها لفيروس إلكتروني ؛ إما بتخريب الجهاز أو التجسس على محتوياته وخصوصية صاحبه .

 

 

هناك فكر تترسخ قدراته يوما بعد آخر ، يجد في هذه المنابر ؛ من الميديا الشعبية ؛ ميدانا خصبا لبث أفكار وتوجهات دينية أو إلحادية تستهدف عنصر الشباب ؛ في محاولة لغرس اللبنات الأولى للفكر الأصولي المتطرف ، أو حمله على التكفيربكل المعتقدات والديانات .

مجموع المشاهدات: 422 |  مشاركة في:
        

عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟