عبد الإله بنكيران، إساءة للإسلام و المسلمين
كمال ازنيدر
من بين أهداف الأيادي الخفية التي وضعت عبد الإله بنكيران على رأس الحكومة المغربية، تشويه صورة الإسلام و المسلمين. و كذلك الشأن بالنسبة لمن تسببوا في إبعاد سعد الدين العثماني عن وزارة الخارجية
سعد الدين العثماني، الإسلامي الذي يعطي إنطباعا جميلا عن الإسلام و المسلمين، الإسلامي الذي نكن له الكثير من الإحترام و إن إختلفنا معه في بعض النقط، تم إبعاده عن وزارة الخارجية. أما الإسلامي الذي يعطي إنطباعا بشعا عن الدين الإسلامي و معتنقيه، فقد تم الإحتفاظ به في الواجهة
مؤخرا، هذا الإسلامي المسيء للإسلام و المسلمين، خرج علينا في إطار جلسة برلمانية و دعا النساء المغربيات إلى التخلي عن عملهن خارج المنزل للإهتمام ببيوتهن و أسرهن. من يومها و أعداء الإسلام يشنون حملة ضد الدين الإسلامي و معتنقيه. من يومها و هم يصورون الإسلام كدين يحتقر المرأة و يعتبرها كناقصة عقل لا تصلح إلا للنكاح و الإهتمام بالمنزل و الأولاد
المسلمون الجدد و المسلمون الأحرار يجاهدون لتلميع صورة الإسلام و المسلمين. يؤلفون كتبا و يشاركون في العديد من المناظرات بهدف إعطاء صورة جميلة عن الديانة الإسلامية و معتنقيها... ثم يأتي هذا الكركوز و الحلايقي ليحطم كل ما يحاولون بناءه بخرجاته علينا داخل البرلمان و ليعطي لأعداء الدين فرصة ذهبية لقصف الإسلام و المسلمين
في مجتمعات الجاهلية الأولى، كان دور الزوجة ينحصر في ربة بيت. هذا الدور لم يحمي المجتمع الجاهلي من الإنحراف. بقاء الأمهات بالبيوت لم ينشئ أبناءهن تنشئة سليمة و لم يمنعهم من ممارسة الزنا و شرب الخمر و لعب القمار. كل ما تسبب فيه بقاء النساء بالبيوت هو التخلف و إفتقار المجتمع للمسة المرأة و قدرتها على الإنتاج و الإبداع، دون التحدث عن خلق مجتمع ذكوري يهيمن على النساء و يحرمهن من أبسط حقوقهن
هاته النقطة الأخيرة، هي ما يصبو إليه عبد الإله بنكيران. فكما لا يخفى على العديد، الخلفية الإيديولوجية لزعيم العدالة و التنمية ترفض عمل المرأة بدعوى أنها "ناقصة عقل" و تحصر دورها في الأعمال المنزلية و تربية الأولاد. أما الإنحراف فإننا نواجه مخاطره بمحاربة الجهل و الفقر و البطالة و ليس بالأفكار الرجعية و السياسات التي تزيد من تأزم أوضاع المواطنين و تساهم في إرتماءهم في أحضان عوالم المخدرات و الدعارة و القمار لنسيان همومهم أو لتحسين ظروف عيشهم... و هاته الخلفية الإيديولوجية، الإسلام بريء منها براءة الذئب من دم إبن يعقوب
الإسلام أيضا بريء من سياسة "عفا الله عما سلف" التي خرج علينا بها السيد رئيس الحكومة. هاته السياسة لا أصل لها في الإسلام. فالسارق في الإسلام يعاقب. اللهم إن كان فقيرا و مضطرا للسرقة لكي يؤمن عيشه و عيش عائلته، فهنا نعفو عنه. هذا هو الإسلام. أما ما قامت به حكومة بنكيران فهو قلب لمفاهيم الدين و تشويه لصورته
أي دين هذا يعفو على كبار المجرمين و لا يعفو على صغارهم ؟! أي دين هذا يحمي من تقووا بإمتصاص دم الشعب و يعصف بضحاياهم ؟! هذا الدين، يستحيل أن يكون الإسلام. فالإسلام يحمي الضعفاء من جبروث الأقوياء و ليس العكس... و بنكيران و جماعته حرفوا المفاهيم الدينية و إبتدعوا سياسة "عفا الله عما سلف" ليخمدوا نيران الربيع العربي و يحموا كبار المجرمين من غضب الشعب، غير مكثرتين بأنهم بفعلهم هذا فهم يسيئون للإسلام و المسلمين
تاريخ الإسلاميين مليء بالنفاق و الكذب و الغدر. تاريخ حكمهم أثبت أن غالبيتهم المطلقة، مجرمون يغتنون بتفقير و تجويع شعوبهم، أخصائيون في التلاعب بعقول المواطنين و تحريف الدين حسب أهوائهم. كنا نأمل أن يشكل عبد الإله بنكيران و جماعته الإستثناء و يعطوا صورة جميلة عن الإسلام السياسي... لكنهم، و مع كامل الأسف، أساءوا للإسلام السياسي و أثبتوا أن الغالبية المطلقة للإسلاميين منافقين و خونة
هذا التحريف و هذا الجانب الخفي من خبثهم السياسي إن عملت على كشفه للناس فإنك لن تسلم من عنف الإسلاميين و مكرهم. فالزمن تغير، لكن الإسلاميون لم يتغيروا. غالبيتهم المطلقة مازالت هي هي. العنف و المكر السياسي مازالا صفتين من صفاتها. و من سمات مكرها السياسي، الإتهامات الكاذبة و الترويج لإشاعات لا أساس لها من الصحة
بمجرد أن تنتقد حزبهم الإسلامي، يتهمونك ظلما و عدوانا بالمناداة بالعلمانية. يخادعون أتباعهم و يوهمونهم بأنك علماني، عدو من أعداء الحكم الإسلامي، و أنك تحارب حزبهم بسبب دعوته للإسلام و تمسكه بالدولة الإسلامية. و من لم يتهمك منهم بالمناداة بالعلمانية، يدعي زورا بأنك إستغلالي فاسد يحارب حزب العدالة و التنمية لأنه جاء لمحاربة الفساد و المفسدين
هكذا كانت غالبيتهم المطلقة بالأمس. و هذا ما هي عليه غالبيتهم المطلقة اليوم. الكذب و الزور كانا و مازالا سلاحهم المفضل. لو مارسوا السلطة في فترة ما قبل دستور 2011 أو في فترة ما عرف بسنوات الرصاص، أكيد كان مصير معارضيهم سيكون و لا شك تازمامارت أو المعتقل السري بالرباط، كما قال أخي و صديقي العربي ثابت. و لو مارسوها في بداية القرن العشرون، لإتهموا من يعارضهم بالتشيع و أحلوا دمه كما كان الحال عليه من قبل
هذا فيما يخص فكرهم و أخلاقهم. أما فيما يخص سياستهم، فرئيس الحكومة و حزبه وعدوا بأشياء و لم يفوا بها كما تسببت قراراتهم في غلاء المعيشة و تدهور مستوى عيش المواطنين. وعدونا بحكومة مشكلة من 15 وزيرا، فخرجوا علينا بحكومة مشكلة من 39 وزيرا. وعدوا بمحاربة المفسدين، فصدمونا بالعفو عنهم ثم التحالف معهم. وعدونا بالرفع من القدرة الشرائية و تحسين ظروف عيش المواطنين، فتسببوا في إرتفاع الأسعار و تدهور أحوال الشعب المغربي
من جهة، يدعون بأن المغرب يعاني من أزمة خانقة. و من جهة أخرى، يرفعون من ميزانيات البرلمان و الحكومة و المؤسسة الملكية كما يقومون بالزيادة في أجور القضاة و قادة الجيش و غيرهم من الموظفين السامين... بنفاقهم السياسي هذا و ضحكهم على المواطنين فهم يساهمون في تلويث صورة الإسلام و المسلمين، و يتسببون في إرتداد العديد من أبناء المسلمين المغاربة عن دين أبائهم
من إرتدوا عن الإسلام، لم يرتدوا كلهم بسبب رغبتهم في شرب الخمر و التعاطي للمخدرات و ممارسة الجنس خارج إطار الزواج و لعب القمار و و و و و. الإعتقاد بأن حب الشهوات المحرمة هو المتسبب الوحيد في ظاهرة الردة، أمر خاطئ. فالعديد ممن إرتدوا عن الإسلام، لا علاقة لهم بممارسة هاته المحرمات. ردتهم لها علاقة بالخلط الحاصل بين الإسلام الحقيقي و إسلام الدولة. إعتقادهم بأن ما يقوم به الإسلاميون من ظلم و إجرام هو الإسلام، هو سبب إرتدادهم عن هذا الدين و إعتناقهم لأديان أو معتقدات أخرى
فأي إله هذا يأمر بقتل المرتد و حرق المثليين و إخضاع الشعوب الغير مسلمة بالقوة و إحتلال أراضيهم، سلب ممتلكاتهم، قتل رجالهم و إستعباد نساءهم و أطفالهم ؟! و أي دين هذا يأمر بالجبن و الرضا بالذل و الظلم ؟! أي دين هذا يأمر معتنقيه بتقبل الديكتاتورية و الصمت أمام جرائمها ضد الإنسانية و عدم معارضة حكامها ؟! أي دين هذا يتعامل بسياسة "عفا الله عما سلف" مع كبار المجرمين و يعاقب ضحاياهم ؟! هذا الدين، يستحيل أن يكون نتاج إله. واضح جدا أنه نتاج لوبيات الإجرام التي إستغلت الدين و حرفت معانيه لخداع البشرية و الإستيلاء على خيرات العالم
بدفاعنا عن هؤلاء المتأسلمين و دينهم الباطل، نحن كذلك نساهم في إنتشار ظاهرة الردة. بدفاعنا عن خلق و فكر و سياسة هؤلاء الإسلاميين، نعتقد أننا ندافع عن الإسلام و المسلمين. لكن هذا الإعتقاد، هو في واقع الأمر، إعتقاد خاطئ و خطير جدا. بقيامنا بهذا، فنحن لا ندافع عن الإسلام بل نجرم في حقه، ننصر الخبث و النفاق و نسيء إلى صورة الدين و سمعة معتنقيه
المسلم، عليه الدفاع عن الأحزاب الإسلامية التي تصدق المواطنين و لا تعمل على خداعهم، تفي بإلتزاماتها و تعمل على تحسين الظروف المعيشية للمواطنين و ليس العكس. بقيامه بالعكس فإنه يخدم فكر من يعتقدون بأن "الدين آفيون الشعوب"، يثبت أننا حقا مازوشيون يقدسون و يحبون من يتسبب في معاناتهم، و يعطي لأعداء الدين فرص من ذهب لقصف الإسلام و المسلمين