أخبارنا المغربية- الرباط
كما هو معلوم، تحتضن مدينة مراكش في هذه الأيام معرض "جيتكس إفريقيا"، الحدث الذي يعتبر واحدًا من أبرز الملتقيات الرقمية في القارة. هذا المعرض، الذي يضم مؤسسات عمومية، شركات كبرى، وشركات ناشئة، يشهد حضور العديد من الخبراء والمختصين في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. وتستعرض خلاله الدول والشركات أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا في مختلف القطاعات.
لكن مع كل هذه الاحتفالات بتطور التحول الرقمي، تظل بعض الأسئلة الأساسية دون إجابة. ففي الوقت الذي يتم فيه استعراض هذه الإنجازات والتطورات في مجال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا، تزامن هذا الحدث مع وقوع أكبر اختراق سيبراني استهدف مواقع مؤسسات عمومية في المغرب، ما أسفر عن تسريب بيانات حساسة تخص مؤسسات ومواطنين.
وما يثير القلق هو أن هذا الاختراق لم يكن الأول من نوعه، بل أصبح ظاهرة تكررت بشكل يبعث على التساؤل حول مستوى استعداد المؤسسات الحكومية لمواجهة مثل هذه الهجمات.
إذا كانت الحكومة المغربية قد استثمرت مبالغ ضخمة في تنظيم هذا المعرض، وخصصت وقتًا وجهدًا لاستقطاب الشركات والخبراء من جميع أنحاء العالم، فهل يعكس ذلك فعلاً التزامًا حقيقيًا نحو التحول الرقمي وحماية أمن البيانات؟ أم أن هذه الفعاليات أصبحت مجرد منصات للإعلانات والصفقات التجارية، بعيدًا عن تحقيق تقدم ملموس على أرض الواقع؟
نعم، "جيتكس إفريقيا" يمثل فرصة لتبادل المعرفة والتجارب، ولكن ما الفائدة إذا كانت النتائج الحقيقية لهذه الفعاليات لا تنعكس بشكل إيجابي وملموس على هذه المؤسسات الحكومية؟ كيف يمكن للمغرب أن يعرض نفسه كقائد رقمي في القارة الإفريقية بينما تتعرض مواقع حكومية أساسية للهجوم بشكل مستمر؟ إن تعزيز الأمن السيبراني وحماية بيانات المواطنين يجب أن يكون في صميم أي استراتيجية للتحول الرقمي، وليس مجرد إضافة شكلية في برامج المؤتمرات.
لقد أصبح واضحًا أن الربط بين الفعاليات العالمية والممارسات اليومية لمؤسسات الدولة لا يزال بعيدًا. وفي الوقت الذي يجذب فيه المغرب الأنظار لاستضافة هذا المعرض الدولي، فإن ما يحتاجه المواطن المغربي اليوم هو حلول حقيقية، وبنى تحتية رقمية قادرة على تأمين بياناته وحمايتها، لا مجرد استعراضات قد لا يكون لها تأثير ملموس في النهاية.
إن الطريق نحو التحول الرقمي يجب أن يكون معبَّدًا بالتزام حقيقي من الحكومة بالاستثمار في أمن البيانات وحماية البنية التحتية الرقمية، وليس فقط من خلال تنظيم معارض، مهما كانت ضخامتها. ويبقى السؤال الذي يحتاج إلى إجابة: هل يمكن أن تكون هذه الفعاليات الرقمية مفيدة فعلاً إذا لم تترجم إلى نتائج ملموسة تحسن من الواقع الرقمي اليومي للمواطن والمؤسسة على حد سواء؟
