أخبارنا المغربية
أخبارنا المغربية : محمد اسليم
ستقدم اليوم الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمقرها بالرباط تقريرها السنوي حول أوضاع حقوق الإنسان بالمغرب برسم سنة 2012، والذي يهدف ـ حسب التصريح الصحفي للجمعية والذي توصلنا في أخبارنا المغربية بنسخة منه ـ إلى رصد إخلال الدولة المغربية بإلتزاماتها في مجال حقوق الإنسان، وعدم تقيّدها تشريعيا وواقعيا بالإعمال الفعلي لتلك الإلتزامات بصفة عامة.
هذا وسجلت الجمعية تأخرا حكوميا على المستوى التشريعي، خصوصا فيما يتعلق إخراج القوانين التنظيمية الجديدة، وما ستتطلبه القوانبن الحالية من ملاءمة مع الدستور، والقوانين المطلوبة لتنفيذ مضامين التصريح الحكومي.
كما إنتقد التقرير أيضا عدم توفر الضمانات الدستورية والقضائية لأجرأة الحقوق المتضمنة في الدستور الجديد. ورغم إيجابية تصديق المغرب على العديد من الإتفاقيات والبروتوكولات الدولية، إلا أنها سجلت بالمقابل تؤسفها لما يشوب هذه العملية من محدودية، ومن تلكؤ في المصادقة على إتفاقيات ومواثيق أخرى تهم مجال حقوق الإنسان كإتفاقية روما، والإتفاقية 87 الخاصة بالحريات والحقوق النقابية.
ورغم إعتباره إيجابيا لما قام به المجلس الوطني لحقوق الإنسان من خلال إصداره لتقارير موضوعاتية، ومطالبته بتفعيل التوصيات المرفقة بهذه التقارير، إلا أنه آخذ عليه بالمقابل إنصرافه عمليا عن متابعة ورصد الانتهاكات الجارية الماسة بالحقوق المدنية والسياسية وبحقوق الفئات، وتماهيه في الكثير من الأحيان مع خطاب الدولة.
هذا وسجل التقرير العديد من الخروقات التي طالت الحق في الحياة، والتي تتحمل فيها الدولة المسؤولية إما مباشرة أو غير مباشرة، وذلك بسبب العنف الذي يمارس على المواطنين، في مراكز الشرطة، في الأماكن العمومية، بالمراكز الصحية نتيجة الإهمال، في السجون نتيجة الاكتظاظ وغياب شروط السلامة الصحية وانتشار العنف، في بعض الأحداث الاحتجاجية، وأثناء التظاهرات والوقفات الاحتجاجية، وإبان الخضوع للحراسة النظرية أو بمجرد التوقيف من طرف دوريات الأمن...؛ واعتبر أن هذه الانتهاكات أصبحت ممارسات تتكرر باستمرار من طرف السلطة العمومية، بمختلف قواتها ووسائلها، خاصة بعد الحراك الشعبي الذي خلقته حركة 20 فبراير؛ وبشكل عام، يتمتع المسؤولون عن هذه الانتهاكات بحماية تجعلهم بمنأى عن المتابعة والمحاسبة مما يشكل تشجيعا لهم.
كما تحدثت الجمعية عن عشرات النضالات الإجتماعية التي شهدتها مناطق مختلفة من المغرب، وأرجعتها إلى ما سمته الحكرة والإزدراء، وأيضا للمطالبة بالكرامة ووضع حد للفساد والتواطؤ مع المفسدين... وتعرضت كل هذه النضالات ـ حسب الجمعية ـ لمواجهة عنيفة من طرف القوات العمومية، واعتقالات ومحاكمات غير عادلة عوض الحوار والاستجابة للمطالب.
وبخصوص ملف الإعتقال السياسي بالمغرب، فرغم إشارة التقرير لإطلاق سراح بعض المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، إلا أنه في ذات الوقت تمت اعتقالات جديدة وكثيرة، ويقدر عدد المعتقلين السياسيين الذين تابعت حالتهم الجمعية خلال 2012 ب 217 معتقلا. كما إعتبر التقرير الوضع بالسجون المغربية مترديا، ويعرف انتهاكات خطيرة لحقوق السجناء المنصوص عليها في القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء نتيجة تسييد المقاربة الأمنية في السجون. وتعرض لنسب الإكتظاظ الكارثية في 34 مؤسسة سجنية، إضافة لغياب شروط النظافة الشخصية، وضعف التغذية والتطبيب؛ وهو ما يؤدي إلى انتشار الأمراض و الوفيات، لكن ما يزيد الوضع مأساوية هو تعرض السجناء للتعذيب؛ حيث تلقت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان شكايات، من طرف المعتقلين وذويهم، تتعلق بالتعذيب الجسدي والنفسي.
أما الحريات العامة فقد عرفت وفقا للتقرير، خلال سنة 2012، تراجعات ملموسة؛ بفعل استمرار وتيرة الانتهاكات والخروقات التي تطال ممارسة الأفراد والجماعات لحقهم في حرية التعبير، والحق في تأسيس الجمعيات وحرية التجمع، وحرية الصحافة، والحرية النقابية وحرية التنقل...
أما الحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية فلم تشهد ـ وفقا للتقرير ـ أي تقدم، وبقيت أهم المؤشرات دون تحسن ملموس، بل عرفت إنتكاسات قوية في العديد من الأحيان، ووفق تقرير صادر من منظمة الأغذية و الزراعة (الفاو) التابعة للأمم المتحدة أن أزيد من مليوني مواطن مغربي يعانون من سوء التغذية، بنسبة 5.5% من العدد الإجمالي لسكان المغرب؛ في حين تفيد تقارير أخرى أن حوالي 8 ملايين من المغاربة إما هم فقراء أو معرضون للوقوع في براثين الفقر المدقع.
وبخصوص بعض المؤشرات التي أوردها التقرير: إحتلال المغرب المرتبة 130 في سلم ترتيب التنمية البشرية خلال عامي 2011/2012 ، وفي تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي صُنف المغرب في مجال المساواة بين الجنسين في المرتبة 127 من أصل 134، وفي سلم حرية الصحافة (الرتبة 138) وهو الأمر الذي تؤكده أيضا تقارير منظمة "فريدم هاوس" الذي سجلت من جديد الانتهاكات التي تعرفها حرية الصحافة، وقدرت اليونيسكو نسبة السكان المغاربة البالغين، الذين لا يلمون بالقراءة والكتابة، بنحو 44%؛ ونسبة الأمية داخل فئة الشباب، ما بين 15 و24 سنة 21%ومعظمهم من النساء
