مخرجات اجتماع المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار بمدينة طنجة

الدار البيضاء في أجواء الكان: استعدادات لاحتضان الحدث القاري قبل يومين من الانطلاق

"دار ثقافة الزرابي".. فضاء ثقافي يغني العرض السياحي بمراكش

وصول بعثة المنتخب الجزائري إلى مقر إقامتها بالرباط استعدادًا للمشاركة في كأس الأمم الإفريقية

قبل الكان بيومين… كاميرات مراقبة متطورة تُؤمّن أزقة المدينة القديمة بالدار البيضاء

السلطات تتحرك لفك العزلة وضمان الخدمات الأساسية في إقليم ميدلت

نتنياهو ضد الإرهاب !

نتنياهو ضد الإرهاب !

يوسف جالي

 

بعد الهجوم الهوليودي على جريدة شارلي إيبدو ، لم ينظر الفرنسيون إلى البطاقة الشخصية للجناة بقدر ما ركزوا على ديانتهم ، و لأن أبطال المشهد الدرامي صاحوا : «الله أكبر » بعد تنفيذ الجريمة فلا مفر من الزج بالإسلام في السجن الاحتياطي ريثما تنتهي التحقيقات .

 

ما يثير الحنق و الامتعاض هو أنهم يصرون على وضع الإسلام في قفص الاتهام ، كأن الجناة قد أخذوا إذنا أو توكيلا من المسلمين قبل أن يرتكبوا فعلتهم الحمقاء ،  و ما يثير الاستغراب أكثر ، هو إعطاء الواقعة حجما يفوق حجمها الطبيعي بكثير ، كما لو أن القيامة قامت أو أن الطوفان قد عصف بالعالم من جديد .. لقد جرى صنع ضجة كبيرة حول واقعة صغيرة ، رغم أن الدماء التي سالت في باريس لا يمكن أن تقارن بحجم الدماء التي سفكها الأمريكيون في هيروشيما و في الفيتنام و العراق ، و لا بما جرى من تصفية وحشية لشعوب أمريكا الأصليين ، و لا بما فعلته فرنسا في مستعمراتها الإفريقية ، و لا بما قاساه الشعب الفلسطيني طيلة ستين سنة .

 

لكن يبدو أن الجريمة التي تسيل فيها دماء تنتمي إلى المركز الغربي تستحق أن تصنف إرهابا و عدوانا على الإنسانية و يجري تسليط الضوء عليها و تضخيمها بشكل مبالغ فيه ، أما حين يرتكب السيد الغربي مجزرة ضد شعب من شعوب الهامش فإنه يجد لنفسه تبريرا يريحه من عذاب الضمير  ، لأنه يمثل الحضارة الإنسانية في أسمى صورها ، بينما نحن شعوب الهامش نشكل الخطر الذي يهدد الحضارة ، و لا مانع من إذلالنا كما جرى في أبو غريب ، و لا من الاستهزاء بمقدساتنا كما فعلت الجريدة الفرنسية ، لأننا مجرد عصابات من الهمج في نظر سادة العصر الجديد .

 

و من الغريب أن نرى السيد نتنياهو بملابسه الملطخة بدماء الفلسطينيين واقفا في مقدمة المسيرة الباريسية المنددة بالإرهاب ، لقد بدا المشهد عبثيا و مثيرا للسخرية ، كأننا إزاء فيلم من أفلام شارلي الهزلية ، حيث تحاضر فتاة سيئة السمعة عن العفة و الشرف ! و الأدهى من ذلك أن نجد الرئيس الفلسطيني يقف في الصف نفسه و على وجهه نظرات لا مبالية ، و لم يكن ينقص المشهد سوى أن يحضر هتلر و ستالين و بقية حمائم السلام ! لقد فعل وزير الخارجية المغربي خيرا و نأى بنفسه عن المشاركة في هذه المسرحية العبثية التي تعلن بدء عصر جديد للسياسة الفرنسية .

 

لا أحد يدري شيئا عما يخبئه العصر الجديد لمسلمي فرنسا ، فاليمين المتطرف جاءته الفرصة على طبق من ذهب ليمضي في دعوته العنصرية إلى التضييق على الموريسكين الجدد أو طردهم إلى الأبد  ، و لعل إيريك زمور و ميشيل ويلبيك و مارين لوبان هم أكثر الناس سعادة على ظهر الكوكب ، و لعلنا نرى في فنجان الغيب عاصفة بغيضة قادمة صوب مسلمي القارة العجوز ، رغم أنهم بريئون من الجريمة ، لكن اليمين المتطرف يعتبرهم جميعا مجرمين حتى يثبت العكس .

 

لاشك أن ما جرى ليس له مبرر ، لأن السخرية من المقدسات و إن كانت مرفوضة فإنها لا تعطي الحق لأحد في إزهاق النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق ، فطالما سخر كفار قريش من النبي ( ص ) و كان موقف رب العزة عظيما حين قال في كتابه العزيز مخاطبا رسول الرحمة : « أعرض عن الجاهلين ! » ، هذا هو الشعار الذي يحفظه كل مسلم صادق في حبه للنبي الكريم ( ص ) .

 

و من جهة أخرى ، علينا ألا نخجل من النقد الذاتي ، فلا يجب أن نتغاضى عن التطرف الذي أصبح ملازما لبعض المنتسبين للإسلام ، هؤلاء الذين يقرؤون النصوص الدينية بالمقلوب ، متجاهلين وضعها في سياقها التاريخي ، إنهم ينظرون إليها بعيون ابن تيمية ، و المصيبة أنهم يملكون ذاكرة قوية ، لكنهم للأسف الشديد لا يملكون عقلا مستنيرا يستطيع أن يفهم روح الشريعة ، و أن يفرق بين أساس النص و ديكوره التاريخي ، إنهم يقدسون ابن تيمية و محمد بن عبد الوهاب أكثر من تقديسهم لله !

 

 

نعم ما وقع في باريس هو جريمة بكل تأكيد ، غير أن هذه الواقعة الهوليودية يجب أن توضع في حجما الحقيقي بدون نفخ و لا تضخيم ، و الأهم من ذلك أن ننظر إليها باعتبارها سلوكا فرديا لا تربطه صلة بدين الرحمة  .


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات