ليلة بيضاء بالدار البيضاء احتفالًا بتتويج أبناء السكتيوي بلقب كأس العرب

خروج ساكنة وزان للاحتفال بتتويج كتيبة السكتيوي أبطالا للعرب

الجماهير الطنجاوية تشعل شوارع المدينة احتفالا بتحقيق الاسود لكأس العرب على حساب النشامي

احتفالات هستيرية للجماهير الفاسية بعد تتويج أسود الأطلس بكأس العرب

تحت الأمطار.. وزير التربية الوطنية يدشن مؤسسات تعليمية بالحوز

فرحة هستيرية للمغاربة بعد التتويج بكأس العرب:"فينا هما صحاب هاتو المغرب هاتو!"

الحداثة المغربية في خدمة ... " العدالة و التنمية " !

الحداثة المغربية في خدمة ...  " العدالة و التنمية " !

الصادق بنعلال

 

  

"  كل كتابة في السياسة هي كتابة سياسية متحيزة ، و نحن متحيزون للديمقراطية  "  :            فقيد العقلانية العربية  - محمد عابد الجابري

 

مقدمة لا بد منها :     

 

يكاد يجمع الدارسون  و المعنيون بالشأن السياسي المغربي المعاصر ، أن المملكة المغربية شهدت تجاذبا سياسيا عصيبا استمر منذ الحصول على الاستقلال إلى نهاية التسعينيات من القرن الماضي ، و أن أحلام أجيال من المناضلين الصادقين بإقامة دولة مدنية ديمقراطية تنزع نحو التنمية و التقدم و الحداثة ٌ ، قد اصطدمت بجدار الدولة العميقة الساعية دوما إلى ضمان بقاء هيمنتها السياسية و الاقتصادية و الأمنية على حساب إرادة الشعب في التغيير و الإصلاح .. و مرت مياه متدفقة تحت جسر الأمة المغربية إلى أن هل الربيع العربي سنة 2011 ،  منطلقا من تونس ليشمل عددا غير قليل من الدول العربية الأخرى ، و نهض الشباب المغربي ، على غرار الشعوب العربية الأخرى ،  ممثلا في حركة 20 فبراير للتعبير عن مطالب الأمة في الحرية و الكرامة و العدالة ، و الدعوة إلى محاربة مظاهر الفساد و الاستبداد . و لئن أضحت مجريات أحداث بلدان الربيع العربي بالغة السوء ،  بسب الثورات المضادة و الانقلابات العسكرية و رعونة بعض "الزعماء" العرب .. فإن المغرب الأقصى تميز بتجربته الاستثنائية ، تمثلت في تعاطي السلطات العليا الإيجابي و السريع لمطالب الشارع المغربي ، فأصبحت لدينا وثيقة دستورية ، إن لم تكن ضمنت كل الأحلام  و المطالب المجتمعية ، فإنها بدون تأكيد أحسن وثيقة دستورية شهدها المغرب إلى حد الآن ، و تمت و إلى حد كبير  تصفية الأجواء السياسية و الاجتماعية .. و نظم أول استحقاق برلماني نزيه و حر في مغربنا الراهن ، فاز فيه الحزب الإسلامي المعتدل " العدالة و التنمية " و بفارق كبير عن منافسيه فشكلت الحكومة الائتلافية الأولى و الثانية التي تمارس مهامها بفشل حينا و  نجاح حينا آخر .. و بقية القصة معروفة !

 

عن أداء الحكومة الائتلافية :

 

و يمكن القول دون مواربة أن الحكومة المغربية الائتلافية سواء في نسختها الأولى أو الثانية ، لم تنجح في تنزيل برنامجا الحكومي ، و لم تتمكن من ترجمة شعاراتها و تصريحاتها أثاء الحملة الانتخابية و تجسيدها على أرض الواقع ، بالشكل الذي كان ينتظره الشعب المغربي ، صحيح أنها بذلت جهدا استثنائيا في التصدي لجيوب مقاومة الإصلاح ، و حققت  منجزات لا يستهان  بها  في الميدان الصحي و الاجتماعي ، و حاولت بدون نتيجة تكسير العلبة السوداء للبناء الريعي في مختلف الميادين ، و على الرغم من اعتراف رئيس هذه الحكومة الائتلافية بالفشل في بعض القطاعات الحيوية كالتعليم و الصحة ، إلا أنها مضت و استمرت في المضي نحو إصلاح صندوق المقاصة و رفع الدعم عن الوقود و نظام التقاعد .. و هي المناطق الملتهبة التي كانت الحكومات السابقة تخشى مجرد الاقتراب منها حتى لا تكتوي بنيرانها " الانتخابية " !

 

بيد أن ضعف أداء الحكومة المغربية ليس وليدا للأسباب الذاتية  فقط  ، بل يعود و ربما بالدرجة الأولى  إلى السياق الإقليمي و الدولي الحافل بالصراعات الدموية و الاضطرابات ، الناتجة عن انقلاب الدولة العربية العميقة على الربيع العربي و تحويله إلى خريف دراماتيكي رهيب ، فضلا عن الأزمة المالية العالمية ، و التي شملت جل الدول العربية التي يرتبط اقتصاد المغرب بمدى استقرارها المالي و السياسي .. لا بل إن هزالة منجزات  الحكومة المغربية يعود أيضا إلى الهيئات السياسية المنافسة لحزب العدالة و التنمية  ، و التي فضلت أسلوب التعاطي غير الأخلاقي  و غير المنصف مع هذا التيار الإسلامي المعتدل ، عبر مسلكيات سياسوية ميسمها التهجم العنيف والكذب المجاني و الاستفزاز اللامحدود ، و تسفيه كل ما يصدر عن الحكومة  من قرارات ، أملا في تشويه سمعتها و إسقاطها و " الانقلاب عليها " ..

 

و لئن كنا نجد الأعذار لشغب  بعض المكونات السياسية " اليمينية و اليسارية " المجهرية و المنتهية الصلاحية ، فإننا في الآن عينه لا نرى أي عذر لعدد غير قليل من الأحزاب و الشخصيات التي ترفع يافطات الليبرالية و العلمانية و الحداثة .. التي لم تتوقف عن استهداف منافسها السياسي  ( الحزب الإسلامي المعتدل : العدالة و التنمية ) ، ذنبه الوحيد أن الشعب المغربي اختاره لتسيير أمور البلاد في انتخابات نزيهة و شفافة قل نظيرها في راهن العالم العربي !

 

الحداثة موقف عقلاني و ... ديمقراطي :

 

و انطلاقا من اهتماماتنا بالفلسفة و الفكر الكوني ندرك كما يدرك أمثالنا من المتتبعين المحايدين ، أن الحداثة هي أرقى نقطة مثلت الحضارة الإنسانية المعاصرة ، و أنها جاءت نتيجة سيرورة من التحولات في ميدان العلوم و الفكر و الآداب ، منذ القرن الخامس عشر ، و تمظهرت من خلال الاكتشافات الجغرافية و النجاحات المذهلة في ميادين التاريخ و الاقتصاد و علم النفس و الاجتماع و السياسة و الفنون .. فضلا عن الإبداع المتواصل في مجال العلوم و التكنولوجيا . و إذا لم يكن هناك تحديد شبه موحد لمفهوم الحداثة لطابعها الشمولي ، و لشبكة بنيتها بالغة التنوع و التعقيد ، فإن الحداثة تظل في المحصلة الأخيرة موقفا عقلانيا من الكون و الوجود ، و منهجا علميا  في التعاطي مع قضايا الإنسان و المجتمع ، كما أنها فعالية فكرية تستند إلى المقاربة العلمية و المعاينة الاستدلالية للمعطى الإنساني ،  إنها رسالة بشرية تروم تجديد البنيات الذهنية و الوجدانية ، و تنزع نحو فهم العالم و نقد مفرداته بغية بناء منجز حضاري ، يجسد نسقا سياسيا/ اجتماعيا ديمقراطيا يستوحي جماع المواثيق و القوانين الدولية الداعية إلى تحصين قيم الحرية و العدالة و المساواة و الكرامة ..و يضمن التعددية و الاختلاف و الفصل بين السلطات ، و التنافس الحر و الشريف على  الحكم بين الهيئات الحزبية الفاعلة دون إقصاء أو تهميش أو استئصال .. كل ذلك مع توافق جدلي إيجابي مع الأبعاد القيمية و الثقافية و الدينية المخصوصة للمجتمع . و السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح جلي هو : هل يتوسل الحداثيون المغاربة بهذه الرؤية المزدوجة ( الجمع بين الدفاع عن مستلزمات الديمقراطية المتعارف عليها دوليا ، و التحليل العلمي الملموس للواقع المجتمعي الملموس  ) ، أثناء مساءلتهم للمعطى السياسي / المجتمعي المغربي ؟                                                                                    

 

حداثة تطلق الرصاص على نفسها :                                                                      

 

يؤلمنا القول إن المقاربة الموضوعية و المحايدة لقضايا الفكر و الواقع من منظور حداثي ،  تكاد تقتصر على فئة من الدارسين  الذين نكل لهم كل التقدير و الاحترام ، من قبيل عبد الله العروي و  طه عبد الرحمن و محمد سبيلا و المرحومين محمد عابد الجابري و عبد الكبير الخطيبي .. بيد أن الغالبية العظمى من الكتاب " الجدد " الذين يتخذون من الحداثة " منطلقا و مبتغى "  أهملوا المبادئ و القيم التي سطرها جهابذة الفكر الحداثي العالمي : هيجل – ماركس – نيتشه – فوكو – هايدجر – دريدا – أدورنو – هابرماس .. الذين اختلفت رؤاهم و مواقفهم إزاء القضايا التي شغلتهم ، إلا أنهم التزموا التزاما قطعيا بالتحليل العلمي الرصين و النزعة الحيادية مهما كانت النتائج و مخرجات المطارحات الثقافية و السياسية !

 

و في حماة التدافع السياسي و الأيديولوجي ، و في سياق الشعور بالتراجع المعنوي ، و تقدم التيار الإسلامي المعتدل ، و هزيمة الأحزاب الوطنية القومية و العلمانية .. في استحقاقاقات الربيع العربي ، أبى الحداثيون المغاربة  الاعتراف بالهزيمة و التوجه نحو النقد الذاتي لإحداث إصلاحات هيكلية و تغييرات جذرية في بيتهم الداخلي ، و فضلوا الطريق الخطأ ؛ طريق " تكسير الأواني " و التشويش غير المسؤول على خصومهم الإسلاميين ، و حصروا نضالهم " الحداثي " في تحديهم السافر لقيم المجتمع و ثوابت الأمة المغربية التي سطرها دستور المملكة بخط عربي منين ! و هكذا أضحت حرية المعتقد و المثلية الجنسية و تشجيع الدعارة و الإجهاض و معاداة اللغة العربية  و المجاهرة بالاستهتار بمقدسات الدين الإسلامي الحنيف .. المجال الأهم و الأجدى " للنضال "  السياسي ، و استجداء الحماية و القوة من الجهات العليا ليحافظوا على " مكانهم " تحت الشمس ،  أما الدفاع عن الطبقات الاجتماعية المستضعفة و محاربة مختلف مظاهر الفساد و الاستبداد .. كل ذلك لم يعد أولوية بالنسبة إليهم ! و هذا ما زاد في تعميق الهوة بين دعاة الحداثة المغربية و بين المجتمع ، الذي ينظر إليهم باعتبارهم كائنات إعلامية تلفزيونية ، لا يعكسون همومه و آلامه و تطلعاته إلى الكرامة و الحرية و العدالة ، و هذا بالذات ما يعزز مصالح عدوهم اللدود : الإسلام الديمقراطي المعتدل ، و يرفع من رصيده الانتخابي و الشعبي ، و يقدم له خدمة مجانية وعلى طبق من ذهب !!

 


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات
المقالات الأكثر مشاهدة