الرئيسية | أقلام حرة | من يحقق العدالة الأجرية في حق المتقاعد المتوسط ؟

من يحقق العدالة الأجرية في حق المتقاعد المتوسط ؟

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
من يحقق العدالة الأجرية في حق المتقاعد المتوسط ؟
 

 

 

إذا ما كان ما يروج صحيحا حول تلقي رئيس الحكومة السيد عبد الإله بنكيران تعليمات من طرف صاحب الجلالة الملك

محمد السادس في موضوع تقاعد الوزراء،والمتعلقة بإعادة النظر في الموضوع في أسرع وقت ممكن، وبأن الإصلاح المرت

 سيكون عميقا ومعقولا، هدفه محاربة الريع في تعويضات ومعاشات الوزراء، وجعلها في حدود معقولة، فإنه قد آن الأوان بالفعل- حتى ولو حق لنا أن نحلم بهذا التغيير المفاجئ -لإرساء مفهوم جديد في العدالة الأجرية وفي توزيع الثروة والمساواة في الحقوق والواجبات بين كافة المواطنين من ناخبين ومنتخبين ورؤساء مجالس وجهات وشركات مملوكة للدولة ومنعشين عقاريين ، وهلم جرا.. وموظفين ومدراء وأجراء ومتقاعدين وأصحاب مهن حرة و معطلين ومعوزين وذوي الاحتياجات الخاصة، تفعيلا حقيقيا وبكل قوة وواقعية لدستور 2011، خصوصا ما جاء في الفصل 19 من الباب الثاني" يتمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، الواردة في هذا الباب من الدستور، وفي مقتضياته الأخرى، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها"، و أيضا الفصل 31 من الباب نفسه "تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من

:الحق في

العلاج والعناية الصحية؛

الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية، والتضامن التعاضدي أو المنظم من لدن الدولة؛

الحصول على تعليم عصري ميسر الولوج وذي جودة؛

التنشئة على التشبث بالهوية المغربية، والثوابت الوطنية الراسخة؛

التكوين المهني والاستفادة من التربية البدنية والفنية؛

السكن اللائق؛

الشغل والدعم من طرف السلطات العمومية في البحث عن منصب شغل، أو في التشغيل الذاتي؛

ولوج الوظائف العمومية حسب الاستحقاق؛

الحصول على الماء والعيش في بيئة سليمة؛

التنمية المستدامة

وفي بحر الأسبوع الأخير من شهر أبريل 2016،تستمر المفاوضات بين أطراف الحوار الاجتماعي ،والمعنيون والمعنيات به من فئات الشعب العريض المنهكة بالضرائب ومن الاستغلال الفاحش لهم واستغفالهم واستغبائهم من قبل المؤسسات البنكية وشركات القروض ولوبيات العقار,إلخ... مع نار مولعة على الدوام معظم الأسعار وتدن في قدرتهم الشرائية وسبات في الراتب والمعاش الأدنى والمتوسط(للمصنفين في أقل من 8000 درهم في الشهر),يؤسفهم أن يرددوا القولة الشهيرة -إذا لم يتحقق الأمر الأسعد لهم-: تمخض الجبل فولد فأرا ..وذلك كله،لأن من حقهم جميعا أن تفعل العدالة الأجرية والاجتماعية

فليس من المعقول شرعا ولاعقلا ولا عملا بالشعار التجاري في حق المستهلك:الزبون ملك،أن تقتطع بعض الأبناك مثل بنك الملياردير عثمان بن جلون،أغنى رجل في المغرب -حسب تقديرات أجنبية- رسوما تعسفية مبالغ فيها كل 3 أشهر بقيمة 66 درهما(49 درهما)على الاحتفاظ بالحساب عندها،وتفاجئك في كل مرة باقتطاعات مبهمة أو غير مبررة قد تنحدر إلى درهم

واحد،ماهذا العار،وياله من جشع وخسة وطمع لا محدود في جيوب الزبائن!!,كما تقتطع كل سنة رسما ثابتا لا يقل عن 110 دراهم بغير حق عن بطاقة الأداء الأتوماتيكي،وهي التي تسلم مجانا في بلدان أخرى من أجل تشجيع المواطن على الاستهلاك

ودعم لقدرته الشرائية، لأن الزبون عندهم جد محترم وموقر صاحب كلمة.وأمام هذه المعطيات الرقمية غير المعقولة التي تضر بجيوب فئات من الطبقتين الدنيا والمتوسطة ،خاصة الشريحة المهضومة الحقوق ، وهي شريحة المحالين على المعاش النسبي أو الكامل،وهم من يتعرض بصورة أكبر لأمراض مستعصية أو مزمنة كارتفاع ضغط الدم والقلب والسكري والأعصاب وأمراض العيون والكلى وغيرها من موبقات العصر ، تحتاج إلى نفقات مكلفة تضاف إلى متطلبات الحياة الأخرى من تمدرس الأبناء و القوت اليومي..وهم يؤدون الضريبة على القيمة المضافة لفائدة الدولة مثل الجميع ..وهذه الشريحة هي التي لم تستفد من زيادة 600 درهم المعلومة أيضا أمام الجمود التام لراتب المعاش لديها مقابل الارتفاع شبه اليومي في معظم أسعار المواد الاستهلاكية وأسعار الخدمات ورسوم التمدرس والتأمين بالقطاع الخاص وبوسائل النقل، واللائحة لا حصر لها في عهد هذه  الحكومة منذ خمس سنوات تقريبا ، والحال أنه إذا ضربنا 600 درهم الشهرية في 5 سنوات ، فسنحصل على مبلغ إجمالي يصل إلى 36000 درهم ، وهو ما تستحقه فئة المتقاعدين مثل نظرائهم من المواطنين من موظفين ووزراء ممن صرفت لهم ستمائة درهم على قلتها منذ 2011 ، ويجب في إطار دولة الحق والقانون المتحدث عنها ووفق معايير العدالة الاجتماعية والقيم الإنسانية المتعارف عليها دوليا أن تصرف لهم جميعا دون استثناء بأثر رجعي، والله يسامح في فوائدها المتراكمة خلال خمس سنوات مضت تقريبا ،ولا حاجة للتذكير بالدول التي ضاعفت أو زادت بمقدار وازن في رواتب المعاشات والأجور إبان هبوب رياح فورة الربيع العربي ، حتى تخفف إلى حد ما من وطأة الضغط الشعبي على حكوماتها وعلى رؤسائها، وهو ما ساعد إلى حد ما في تجاوز مرحلة صعبة

وأود هنا أن أنقل-باقتضاب وتصرف- صرخة من القلب على أرضية واقع مرير لفئة من المتقاعدين متوسطي المعاش، ممن هم في درجة أقل من 8000 أو5000 درهم في الشهر،وذلك على لسان السيد عبدالعزيز العزري،الكاتب العام للرابطة الوطنية لمتقاعدي وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ،وصاحب مقالات صحفية تناولت قضية المتقاعدين نشرت في أكثر من موقع إلكتروني،إذ يؤكد هنا بأن حكومة عباس الفاسي أقصت متقاعدي القطاع العام من زيادة 600 درهم في معاشهم التي استفاد منها موظفو القطاع العام وحكومة بنكيران زكت هذا الاقصاء بالسكوت عن الرفع من القدرة الشرائية لمتقاعديها

ومن المعلوم أن المشرع المغربي شرع الزيادة في معاشات الموظفين المتقاعدين بمقتضى الفصل 2.44 مكرر من القانون رقم 0011.71 المحدث بموجبه نظام المعاشات المدنية الذي ينص على ما يلي – تضاف إلى معاشات التقاعد ومعاشات المستحقين عن أصحابها بمقتضى هذا القانون كل زيادة تطرأ على المرتب الأساسي المخصص للدرجة والسلم والرتبة أو الطبقة التي كان ينتمي إليها الموظف آو المستخدم عند حذفه من سلك الموظفين أو المستخدمين التابع له وتضاف إلى معاشات الزمانة المستحقة بمقتضى هذا القانون كل زيادة تطرأ على المرتب الأساسي المخصص للرقم الاستدلالي 100 –

لكن الحكومات السابقة كلما تعلق الأمر بالرفع من القدرة الشرائية للموظفين فإنها تعمد للزيادة في التعويضات عوض الزيادة في الراتب الأساسي ،حتى لا يستفيد الموظفون المتقاعدون من آية زيادة

و بدأت سلسلة الزيادة في التعويضات الخاصة بالموظفين ابتداء من سنة 2003 إلى مايو 2011 وقد بلغت في حدها الأدنى 1170 درهم وفي حدها الأعلى خارج السلم 4000 درهمومن أسباب إقصاء الموظفين المتقاعدين من الزيادة في أجور معاشهم منذ سنة 1997 أن جمعيات المتقاعدين لا تلح في الطلب بتحسين أوضاع المتقاعدين ،والمتقاعدون لا يتظاهرون في الشارع العام ،وبالتالي لا يهددون السلم الاجتماعي

لكن من الناحية الأخلاقية، تبقى الحكومة مطالبة بالرفع من القدرة الشرائية للموظفين المتقاعدين مثلهم مثل الموظفين كما تفعل الدول التي تحترم حقوق الإنسان،كما ان قرار الرفع من القدرة الشرائية للمواطنين يصبح حقا لكل المأجورين كلما ارتفع مؤشر المعيشة، لأن السلع والمواد الغذائية-لا تفرق بين متقاعد أو غيره- وهي تباع بنفس الأثمان ولا توجد في الأسواق مواد منخفضة الأثمان خاصة بالمتقاعدين ومواد مرتفعة الأثمان لمن استفاد من زيادة 1170 درهم إلى 4000 درهم

وللتذكير ،فان وزير تحديث القطاعات العامة في الحكومة السابقة بصفته ممثلا للحكومة في الحوار الاجتماعي سبق أن صرح بأن زيادة 600 درهم ابتداء من مايو 2011 ،تخصص لجميع موظفي الوظيفة العمومية بمن فيهم الأطر العليا ، وجاءت استجابة لمطلب الزيادة بسبب ارتفاع الأسعار لحماية القدرة الشرائية للمواطن المغربي إذ قال بالحرف (إن الحكومة انطلقت من اعتبارات موضوعية أولها أن المطالبة برفع الأجور جاء بسبب ارتفاع الأسعار وان الحكومة كانت مضطرة لحماية القدرة الشرائية للمواطن المغربي، لان هناك نفقة القفة التي يتحملها الجميع على قدم المساواة ومن هنا ارتأت الحكومة أن يتمتع الجميع بالزيادة وانه هناك من كان يرفض أن يستفيد الأطر العليا من الزيادة في الأجور لكن بعد نقاش مستفيض توصلنا إلى أن تكاليف المعيشة يتحملها الجميع بدون استثناء )،السؤال الذي يطرح نفسه هل الموظفون المتقاعدون ليسوا بمواطنين مغاربة ،وهل تكاليف المعيشة ونفقة القفة لا يتحملها المتقاعدون حتى يتم إقصاؤهم من الزيادة للرفع من قدرتهم الشرائية

بالنسبة للمتقاعدين ذوي المعاشات المرتفعة من السلم 10 الى خارج السلم، فقد استفادوا من التخفيض من الضريبة العامة على الدخل من 42 في المائة إلى 40 في المائة ومن 40 في المائة الى 38 في المائة ابتداء من سنة 2010، وكذا الاستفادة من السقف المعفي من الضريبة من 24 ألف درهم إلى 30 ألف درهم سنة 2010 وهي تخفيضات هامة، كما استفادوا من

الرفع من التخفيض الجزافي من المبلغ الإجمالي للمعاشات والإيرادات المفروضة عليه الضريبة من 40 في المائة التي كانت قبل 2013 الى 55 في المائة ابتداء من يناير 2013(أنظر الجريدة الرسمية )،وهو ما قلص من الضريبة المفروضة على المعاشات المرتفعة ، وبسبب ذلك زادت أجور ذوي المعاشات العليا ،ابتداء من يناير 2013 ،مثلا متقاعد السلم 10 استفاد من

زيادة 50 درهما،وآخر خارج السلم استفاد من زيادة 400 درهم شهريا

تخفيض جزافي 55 في المائة من مبلغ المعاشات

بمعنى أنه قبل حساب  الضريبة العامة على الدخل على مبلغ المعاشات  فإن القانون المالي لسنة 2013 أقر تخفيض 55 في المائة من مبلغ المعاشات والباقي من المعاش وهو 45 في المائة هو الذي يخضع الضريبة العامة على الدخل . قبل سنة 2013 كأنها التخفيض محصور في 40 في المائة

إذن ابتداء من سنة 2013 ,زادت الحكومة في نسبة التخفيض 15 في المائة.وهذه 15 في المائة نتج عنها تخفيض فيما كان يقطع للمتقاعدين قبل الضريبة العامة على الدخل . يتفاوت حسب مبلغ معاش كل متقاعد ، مثلا متقاعد يحصل على معاش 13000 درهم أضيف إلى معاشه مبلغ 850 درهم، ولمن يحصل على معاش أقل من 13000 درهم أضيف له أقل من 850 درهم ، ومن يحصل على 8000 درهم أضيف له تقريبا مبلغ 450 درهم

وهذا التخفيض أي 55 في المائة حدد لصقف مبلغ  المعاش  الشهري الذي لا يتعدى 14000 درهم

وبقي التخفيض 40 في المائة ساري المفعول على جميع المعاشات ، كما جاء في القانون المالي لسنة 2014

وبالنسبة للمتقاعدين ذوي المعاشات الدنيا من السلم 8 الى السلم 10 الرتبة 5،استفادوا من السقف المعفي من الضريبة العامة على الدخل من 24 ألف درهم إلى 30 ألف درهم ابتداء من سنة 2010 وهو تخفيض هزيل لا يسمن ولا يغني من جوع وبالنسبة لمتقاعدي السلاليم من 1 الى 4 لم يستفيدوا من حذف هذه السلاليم، وهذا حيف في حقهم ولو أضفنا إلى هذا الحيف ، حرمان¨ جميع المتقاعدين من الزيادات السابقة المخصصة للموظفين سيكون الحد الأعلى للمعاش في الوظيفة العمومية لأستاذ بكلية الطب يضاعف الحد الأدنى لمعاش موظف متقاعد – السلم 1 ب 54 مرة

إن هذه الشريحة من المجتمع مازالت تتطلع إلى أن يشملها هذا الحوار الاجتماعي ، وما قد يسفر عنه من مكتسبات لصالحهم وعلى الأخص الرفع من قدرتهم الشرائية على غرار الموظفين ، هذه الفئة التي طالها النسيان للأسف رغم أن مشاكلها ليست أقل من مشاكل باقي الفئات الاجتماعية الأخرى إن لم نقل أنها أكثر حدة،وهي مشاكل تتعلق أساسا بهزالة معاشات التقاعد ، وعدم مسايرتها لارتفاع الأسعار ، وتردي المستوى المعيشي لأغلبهم ليجدوا أنفسهم في الأخير عرضة للإهمال والتهميش والنسيان ، على الحكومة أن لا تتخلي إذن عن موظفيها المتقاعدين الذين أفنوا زهرة شبابهم في خدمة وطنهم

إن أمل المتقاعدين ، أن يتم الالتفات إلى معاناتهم من طرف هذه الحكومة اليوم قبل الغد ، وذلك بالرفع من قدرتهم الشرائية وبزيادة 600 درهم في معاشهم بأثر رجعي ابتداء من مايو 2011 لمتقاعدي ما قبل شهر ماي 2011 وحذف السلاليم من 1 إلى 4 بالنسبة لمتقاعدي القطاع العام

ومتنفس القول هنا, الختم بما نسجته عقول الفلاسفة والحكماء, أن الضمير بلا دين، كالمحكمة بلا قاض ، وأن الضمائر الصحاح أصدق شهادة من الألسن الفصاح وأخيرا أنه إذا كانت الحكومة بطبيعتها ليس لها ضمير، فقد تكون لها أحياناً سياسة

مجموع المشاهدات: 1601 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة