الرئيسية | أقلام حرة | " راسي يا راسي" المدخل الحقيقي لتحقيق الذات

" راسي يا راسي" المدخل الحقيقي لتحقيق الذات

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
" راسي يا راسي" المدخل الحقيقي لتحقيق الذات
 

لكي تحقق ذاتك يجب عليك أن تزيل ذلك الحجاب الذي تتأبطه في شكل انتماءك السياسي أو مفهومك للفضيلة و الأخلاق، أو العائلة و الحياة و المجتمع و العلاقات، تجرد ببساطة من كل ذلك الهراء و الخواء المعرفي و القيمي و الاجتماعي الذي يمنعك من الرؤية بوضوح، سواء كنت موظفا مرموقا أو عاملا بسيطا، فأنت فقط مسمار في المنظومة، لذلك كن على استعداد أن تكون مكيافيليا، و انتشي بفلسفة ماكس شتيرنر، لتكون أنت الشخص الذي تريد.

 

ببساطة كن على استعداد للبطش حتى من أجل رغبة تافهة، و مستعد لتكريس الفقر و إرسال البلاد بسكانها و مؤسساتها و اقتصادها إلى نادي بلدان العالم الرابع الأفقر على البسيطة، فقط من أجل منافعك الشخصية في الأموال و السلطة و القوة.

 

لن أتحدث عن الفضيلة، لأن العالم من منظور أناني أناركي كله يسير وفقا لرغباتك، العالم والخلق بأجمله مجرد امتداد لك أنت، وهذه قمة "الأصالة" على ملّة مارتن هايدڭر، كذلك فاديم زيلاند نفسه المقبل من عالم فيزياء الكم، قد أقر بذلك في كتابه الضخم حول كيفية صناعة الواقع في فضاء الاحتمالات "التراسيرفينغ". فكل الفلسفات السياسية مغلوطة، وكلها بائدة، ببساطة لأنها تحاول الوصول إلى نموذج "أخلاقي فاضل" تسقط فيه مفاهيم "السعادة" و"البؤس" وغيرهما بشكل متساوي على الجميع، و هذا أكبر مقلب تخبطنا فيه، لأننا لا نعلم ما الذي سيجعل إنسان آخر أكثر سعادة، ومن هنا يمكننا التأكيد أن ماكس شتيرنر، قد أكد ذلك قبل ميلتون فريدمان ب 150 سنة.

 

نحن لا نعلم إذا كان مراهق فقير (على سبيل المثال) سيسعد بوجبة عشاء بورجوازية، أم بفرصة لمعاشرة فتاة، أم بحصة تعلم مهارة خاصة ... وهذا ما تؤكده معطيات القرن الواحد والعشرين. فالفقر حالة عقلية وليس وضعية مادية، الفقر نمط في التفكير وليس رقما في الحساب البنكي، لذلك فإن المرور من حالة "الفقر" إلى حالة "الثراء" هي عملية تعلمية بالأساس، حيث أن نصيحة دقيقة ومشخصة يوجهها شخص غني لشخص فقير، ستكون أكثر فعالية من الصدقة أو العطف أو الإحسان، ولهذا كان ماكس شتيرنر يصف الأخلاق الفاضلة

 

بالوهم، ليس رفضا للأخلاق وليس دعوة لعالم خالي من الفضيلة، بل هي دعوة لعالم خالي من الوهم.

 

لقد خلقت الأرض والكواكب والطبيعة لخدمتك أنت، نعم أنت يا من تقرأ هذه الكلمات، فقم واستغل كل فرصة تتاح لك لإشباع رغباتك، قم وابدأ مخططك الاستعماري للاستيلاء على أكبر قدر من المكاسب و الممتلكات.

 

إن التعليم الإنساني يحرص على إنشاء شخص صالح للآخرين، يفتقد للإحساس بالفردية وللرغبة في التفوق والإنجاز، وهذا تعليم فاشل، لأنه ينتج الإنسان الضعيف، كما أن المدرسة الواقعية فاشلة كذلك لأنها تمكن المتعلم من تعلم الوسائل دون تعلم الغايات، صحيح أن لكل شخص غايته الخاصة، بل هي جوهر الوجود، لكن المدرسة الواقعية تفتقد هي الأخرى إلى تحفيز وصقل "إرادة القوة" أو "إرادة الغاية" التي تخلق داخل كل فرد، فالعملية التعليمية تحطيم إرادة القوة عوض تحفيزها وصقلها، لأن إرادة القوة هي أساس الوجود، وهي ما يجعل الأفراد يعيشون للأبد داخل الزمان والمكان، كتصاميم مايكل أنجلو الذي جعلته حيا بيننا، وأفلاطون وأفكاره التي جعلته يعيش للأبد، أو قوانين ديكارت ... لذلك فإن جوهر عملية "نقل المعرفة" هو تحفيز وصقل إرادة القوة، وطالما نحارب "إرادة القوة" فإننا نحارب الحضارة ونحارب الحقيقة، و هو نفس المفهوم الذي طوره فريدريك نيتشه و اسماه بالسوبرمان.

 

لذلك فالحكومات لا تُريد أناس قادرين علي التحليل والتفكير النقدي، تُريد فقط عاملين مطيعين, ذكائهم يكفي لتشغيل الماكينات، وغبائهم يكفي ليتقبلوا الواقع الذي يقبعون فيه.

 

إن الإنسان أناني بطبعه و إن كان هو لا يدرك ذلك، فأنا مثلا أحب الآخرين، لكن الفرق بين حبي لهم و حبهم لي هو الوعي بالأنانية، أنا أعي أنانيتي بشكل كامل، لذلك أحبهم من أجل نفسي، وليس من أجلهم، أحب الآخرين لأن الحب يجعلني أكثر سعادة، لأن الحب متوافق مع طبيعتي، لأنه هو طبيعتي، أحب الآخرين لإشباع نفسي، مثلا نحن نتصدق على الفقراء و المحتاجين لأننا نشعر بالاطمئنان لذواتنا، ربما مقابل دعوة أو ابتسامة، كذلك نحن نغرم ليس لشئ مميز في الشريك، بل لأنه يشبع مكمل النقص فينا، و يكمل الخواء الذي نعيشه، و قس على ذلك كل الأمور الحياتية.

 

يقول شتيرنر في كتابه الأنا و الملكية : "الإنسان الفاضل إنسان ضعيف، لأنه لا يدري من هم أعدائه، ويظن أن عدوه الوحيد هو "الإنسان غير الفاضل" الذي لا وجود له أساسا، ولهذا سيخسر الإنسان الفاضل، دوما، المعركة أمام الإنسان الأناني. وهذا يفسر كل التاريخ."

 

و يضيف بأن " الدولة لا تتقن لغة أخرى غير العنف، تحتكر الدولة العنف، وتمنعه عن الأفراد، ولهذا تسمي الدولة عنفها "قانون"، بينما تسمي عنف الأفراد "جريمة". فالدولة مجرد وهم نشرعن به أشكال العجز والغباء الذي يصيبنا عندما لا نستطيع تحمل المسؤولية."

 

لذلك قبل أن تتخذ قرارك بأن تكون أناني، اعرف أن أول خطوة في سبيل ذلك هي معرفة النفس، و هي مسألة بسيطة نظريا و جد معقدة عمليا، لأنك لا تعي نفسك، مثلا يكفيك أن تسجل نفسك وأنت تغني، أو تصور نفسك وأنت تفعل شيئا ما، لتتفاجىء بالمستوى المضمحل والضعيف الذي تسبح فيه. وإذا كنت تحسب أن الأشخاص الناجحين يمتلكون حظا خارقا أو قدرات خارقة فأنت على خطأ، فالتحقيق ليس سوى نتيجة للمعرفة التامة بالنفس، تماما مثل لعبة البوكر، تفعل الذي تجيده و تتجنب ما هو مبهم، و الأكثر أن تخطط متى تجازف، ومتى تتراجع لأن معظم الخسائر تأتي وقت الضعف، وتعلم كذلك متى تنسحب.

 

لذلك فأحسن تسلية تضيع بها وقت فراغك أن تجلس وحدك في عزلة، و تغمض عينيك، و تذاكر العواطف التي شعرت بها، و كل الدوافع التي تأرجحت بينها، و كل الافعال التي أتيتها، و الكلمات التي قلتها، و النيات التي أخفيتها، ثم تحاول أن تصل الى حقيقتك و تعرف واقعك، صدقني أن واقعك سيدهشك و يفاجئك كأنه واقع شخص اخر لا تعرفه.

 

المهم لا حياة ولا سلطة ولا مصلحة أعلى من مصلحتك الخاصة، لذلك الموت في سبيل مجتمع مثالي أو سياسة مثالية أو واقع مثالي، أشبه بمن يموت في سبيل حبيبة خائنة، لأن "الإنسانية" و"القيم" بل وحتى "المجتمع" نفسه (على قول هايدك) مجرد أشباح تستعمل للسيطرة على عقول الأفراد، ولا يمكن لها سوى أن تخونك، كل مرة، وعلى قول ڭينون أيضا: لا يمكن لرأي الجماعة أن يعبر عن شيء آخر سوى عدم الكفاءة.

 

إن الحياة هي سلسلة من التفاعلات غير المتوازنة لان جوهرها الفعل البشري، و الفعل البشري في غالبه هو ناتج عن تفكير جمعي معقد، لذلك فعلى سبيل الجنون، جرب أن تطبل فوق طاولة الطعام متقمصا دور عازف Waltz، أو اصطحب صحونك في جولة بالسيارة، أو استحم بالعصير،كل هذا الخروج عن المألوف سوف يؤكد لك حقيقة واحدة، هو أن الواقع ليس ما كان، و إنما ما أقرر أنا أنه سيكون.

 

 

خلق الله الأرض للإنسان ليحتلها، وليس ليحافظ عليها.

مجموع المشاهدات: 1273 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة