الرئيسية | قضايا المجتمع | "العثماني" وقرار منع السفر...هل كان واعيا حقا بعشوائية وخطورة القرار الذي اتخذه وزيراه؟

"العثماني" وقرار منع السفر...هل كان واعيا حقا بعشوائية وخطورة القرار الذي اتخذه وزيراه؟

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
"العثماني" وقرار منع السفر...هل كان واعيا حقا بعشوائية وخطورة القرار الذي اتخذه وزيراه؟
 

بقلم: اسماعيل الحلوتي

أن يتخذ المواطن العادي والبسيط قرارا يخصه لوحده أو مع أفراد أسرته، فذلك شأنه وعليه أن يكون على استعداد تام لتحمل تبعاته، سواء كانت صائبة أو خاطئة. أما أن يتخذ مسؤول من مستوى عال قرارا يهم شعبا أو مدنا بكاملها ويحدد مصير ساكنتها، دون التفكير في انعكاساته السلبية، فتلكم طامة كبرى وجور فظيع. حيث أن الأمر جد مختلف عن الأول، ويتطلب الكثير من الحكمة والتبصر والتحلي بروح المسؤولية والحس الوطني الصادق.

      فاتخاذ قرار ما ليس دائما بالأمر الهين، إذ يعتبر مسؤولية جسيمة وعملية جد معقدة ومتنوعة الأهداف والغايات، وتقتضي أن يكون صاحب القرار على بينة من أبعاده ويدرك جيدا كافة العوامل التي تهيء البيئة المناسبة، من خلال البحث عن البدائل المتاحة وما قد يترتب عنها من نتائج، عبر وضع افتراضات منطقية، بالاعتماد على دراسة الوضع من كل جوانبه، والحرص على تفادي الحلول السهلة التي لا تحتاج إلى كبير عناء، لما في ذلك من خطورة وعواقب وخيمة.

     بيد أنه على عكس ذلك كله يبدو أن المسؤولين ببلادنا لا يجمعهم والحكامة الجيدة والرؤية الاستشرافية سوى الخير والإحسان، لما عرف عنهم من تخبط وارتباك في اتخاذ القرارات الإدارية، وعدم إيلاء المواطنات والمواطنين أي اهتمام أو أدنى احترام لمشاعرهم، وكأنهم مجرد قطعان بشرية. 

      وإذا كان الناس في الجاهلية يعملون على تأجيل مظالمهم إلى شهر رجب باعتباره أحد الأشهر الحرم التي يستجاب فيها الدعاء، ثم يأتون إلى الكعبة للابتهال إلى الله بأن يأخذ بثأرهم ضد الظالمين، حتى صاروا يضربون لذلك المثل بالقول: "عش رجبا ترى عجبا"، فإن المغاربة رأوا من العجائب والويلات خلال كل الشهور العربية والفرنسية في عهد الحكومتين الأخيرتين، سواء الحالية بقيادة سعد الدين العثماني الأمين العام لحزب "العدالة والتنمية" أو سابقتها برئاسة سلفه عبد الإله ابن كيران، ما لم يكن حتى أكبر المتشائمين يتصور حدوثهه. حيث توالت عليهم القرارات الجائرة تباعا وبدون أدنى رأفة بأحوالهم التي ما فتئت تتدهور وتتفاقم.

      ففي خطوة مباغتة وغير محسوبة العواقب، أقدمت السلطات المغربية على قرار غريب وفريد، أقل ما يمكن أن يقال عنه إنه قرار أهوج، يفتقد إلى أبسط مقومات الرصانة والشعور بالمسؤولية، قرار نزل كالصاعقة على رؤوس المواطنين الذين كانوا يتأهبون لقضاء عيد الأضحى المبارك مع عائلاتهم خارج المدن التي يقيمون بها، مما أثار موجة من الاستياء العميق والسخط العارم في أوساطهم وأفقدهم توازنهم النفسي والسيطرة على أعصابهم. حيث ارتفعت أسعار تذاكر السفر بشكل صاروخي رهيب، وعرفت المحطات الطرقية والطرق السيارة وتلك الرابطة بين المدن اكتظاظا مروعا، ساهم في انتشار الفوضى والسرقة وحوادث السير المميتة...

      ذلك أنه في بلاغ مشترك بين وزارتي الداخلية والصحة، تقرر بشكل اعتباطي ودون تمهيد سابق، منع التنقل من وإلى ثمانية مدن مغربية ابتداء من منتصف ليلة يوم الأحد 26 يوليوز 2020، وهي طنجة، تطوان، فاس، مكناس، الدار البيضاء، برشيد، سطات ومراكش، بدعوى ما عرفته الحالة الوبائية من تعقيدات خلال الأيام الأخيرة التي تلت رفع الحجر الصحي، على إثر الارتفاع الكبير في عدد الإصابات المؤكدة بجائحة "كوفيد -19" وتزايد معدل الوفيات، جراء عدم احترام أغلبية المواطنين للتدابير الوقائية، من قبيل التباعد الاجتماعي ووضع الكمامة واستعمال وسائل التعقيم. ودعا البلاغ إلى ضرورة الالتزام بالتدابير الاحترازية الضرورية، وإلا فإن المخالفين سيعرضون أنفسهم لإجراءات زجرية صارمة طبقا للقوانين المعمول بها.

      وفي هذا الإطار يتساءل الكثير من المغاربة إن كان رئيس الحكومة على وعي تام بما يجري حوله من "لخبطة" وما يتخذ من قرارات طائشة أم أن كل شيء يتم بمباركته؟ إذ تكمن خطورة قرار المنع هذا ونحن على بعد أربعة أيام فقط من حلول عيد الأضحى، في عدم تهييء الرأي العام الوطني وتوضيح الأسباب الداعية إلى ذلك بكثير من المرونة، حيث وجد الكثير من المواطنين أنفسهم أمام سويعات قليلة وغير كافية في إعداد شؤونهم للالتحاق بعائلاتهم وتسوية أوضاعهم في مقرات عملهم  وغيرها... هل نسيت الحكومة مثلا أن مئات الأشخاص يقضون العيد لدى عائلاتهم خارج مدنهم الأصلية، وأن العشرات من نساء ورجال التعليم لم يتم إخبارهم بإلغاء عملية توقيع محاضر الخروج حضوريا إلا في تمام الساعة الأولى من صباح يوم الاثنين 27 يوليوز 2020 بعد أن وصلوا إلى المدن التي يعملون بها، فكيف سيكون مسموحا لهم بالعودة إلى مدنهم التي تم إغلاقها؟ وما إلى ذلك من الأسئلة الحارقة.

       إن الحكومة التي لم تنفك تتباهى بالتدابير الاحترازية الاستباقية والوقائية المتخذة، لمواجة تداعيات تفشي جائحة كورونا الاقتصادية والاجتماعية والصحية، أبانت في أكثر من مناسبة عن تخبطها وعدم قدرتها على التدبير الجيد، وذلك راجع بالأساس إلى افتقارها للرؤية الواضحة والبعد الاجتماعي في سياساتها، لتظل الحالة الوبائية ببلادنا غارقة في الغموض والالتباس. لاسيما أن وزارة الصحة بدت عاجزة عن إعطاء توضيحات مقنعة حول ما يجري من تصاعد الإصابات والوفيات، فتارة تعتبر أن المسألة مرتبطة بارتفاع نسبة التحاليل المخبرية، وأخرى بعدم التزام المواطنين بإجراءات السلامة الصحية، مما يفسر الكم الحاصل من الارتجال والتناقض بين تصريحات وزيري الصحة والاقتصاد بخصوص فرض الحجر الصحي، ثم أين دور السلطات من تطبيق القانون؟

 

 

مجموع المشاهدات: 11360 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (15 تعليق)

1 | مشتكي
القرلر المشؤوم
إذا وكلت الأمور لغير أهلها فانتظر الساعة أين هي تعليمات جلالة الملك باختيار المسؤولين من ذوي الكفاءات ؟ الحكومة كمجموعة ليس بها وبين المسؤولية الوازنة والحكامة الجيدة سوى التيساع. مواطنون وجدوا أنفسهم وعائلتهم في وضعية مؤلمة بشتى أنواع الآلم خلال سويعات قليلة. أين هي الحكامة ولو بجزء بسيط من الجودة ؟ أين هى الرؤيا البعيدة في اتخاذ القرارات. هل هو غياب للكفاءات ؟ هل هو استخفاف واحتقار للمواطن ؟ هل هي اللامبالاة والمبالاة لاتكون إلا بالمصالح الشخصية؟ الله فوق الجميع. العيد أصلا هو فرحة ولكن أين هي الفرحة في هذا القرار ؟
مقبول مرفوض
2
2020/07/27 - 04:03
2 | Abdessamad
اتقو الله في عباد الله
هذا جزاء الخنوع ياعالم حكومة العتماني لا تحكم الملك ومستشاريه من يتحملون المسؤولية في ادارة الازمة فيقو شوية
مقبول مرفوض
1
2020/07/27 - 04:19
3 | Ana
العشوائية
ما وقع هو المعنى الحقيقي للعشوائية. يجب إظافة ما وقع لموقع ويكيبيديا عندما نستفسر عن العشوائية في غوغل. أحسن تفسير لكلمة العشوائية.
مقبول مرفوض
1
2020/07/27 - 04:19
4 | مواطن
التواصل قيمة
ليس من السهل على اى كان ان يتخذ القرار ...القرار يمكن اتخاذه و لكن يصعب اتخاذ القرار الصحيح ....والاصعب هو ان تتحمل تبعات قرارك في خالة ما كان غير صحيح. عندما تصبح رئيس حكومة فيجب ان تعي ان ذلك ليس بالامر الهين ....اذ ان من اوصلوك الى ذلك المنصب يفترضون انك اذكى و بالتالي يمكنك ان تتخذ قرارات اكثر صواب مما يمكن للمواطن العادي ان يفعل. و ايضا و انت تتقدم لكذك منصب يجب ان تضع نصب عينيك ما يقال عن ربط اامسؤولية بالمحاسبة فوانت مسؤول و اتخذت قرار اتضح انه لم يكن صحيح يجب ان تحاسب عليه. المشكلة ليست فيما اذا كانت قرارات الحكومة صحيحة ام لا -سنفترض ان تلك القرارات مبنية على استشارات مع مختصين -لكن المشكل في عدم التواصل مع المواطنين و فجائية التنزيل...كما حدث في تعليق الدراسة و الحجر و الان منع التنقل من و الى بعض المدن. ندعو حكومتنا الموقرة الى ايلاء اهمية قصوى للتواصل مع المواطنين في هذه الظرفية الخاصة.
مقبول مرفوض
0
2020/07/27 - 04:32
5 | احمد
تخبط وعشوائية
حكومة الارقام القياسية في التخبط والعشواءية في اتخاذ القرارات، كان من الممكن للعثماني ان يعتذر عن تحمل المسؤولية في تدبير شؤون الدولة والمجتمع، هو وحزبه لانهم لا يصلحون لشيء سوى العيش كباقي العامةيستهلكون ماينتجه رجال ونساء البلد، لقد عشنا زمن الجائحة وهي اهون علينا من حكم الجوائح المسلطة على رقابنامن يسمون انفسهم مناضلي النذالة والتعمية
مقبول مرفوض
0
2020/07/27 - 04:42
6 | احسايني
عجيب
هل يتخد الوزراء قرارات هامة كهذه دون علم رئيس الحكومة؟ أن يقول رئيس الحكومة انه لاعلم له بهذا الإجراء ،ويطعن وزراء آخرون في القرار،ويحوله أمناء بعض الأحزاب إلى إجراء متهور لا يخدم مصلحة المواطن.كما هناك من يؤيد القرار .وهناك من يطعن في كفاءة وزير آخر بعد انتشار الوباء في المعامل. الحقيقة أننا أمام حكومة متفككة.
مقبول مرفوض
0
2020/07/27 - 04:57
7 | مواطن
سلمت يداك
نعم القيل و نعم المقال، أجدت فأصبت
مقبول مرفوض
1
2020/07/27 - 05:11
8 | عفاف
التخرميز
لسوء الحظ العثماني لم ينجح في تطبيب السياسة بالمغرب
مقبول مرفوض
1
2020/07/27 - 05:19
9 | راسكول
سي العتماني
كان على العتماني .يقول ممنوع السفر قبل يومين و صافي .ميحتاجش يدير هاد التخربيقة.يمكن هادي هي الاخرى للعتماني
مقبول مرفوض
1
2020/07/27 - 05:40
10 | حسن
الجهل
ككل مرة تخرج هاده الحكومة الإرتجالية بقرارات عشوائية،على المواطن المغربي لما يفكر ان يدهب الى صندوق الاقتراع ان يفكر الف مرة في اختيار من يسير شؤون البلاد والعباد وان لا يبيع ضميره و 5 سنوات من حياتة لهاؤلاء الذين يتهافتون على المناصب وهم غير كفئ بها همهم هو الكرسي باي ثمن،او حتى اذا اقتضى الحال البياض احسن ،حتى لا يتسنى لهؤلاء ما يريدون، وعلى المواطن ان يتحمل مسؤولياته .
مقبول مرفوض
0
2020/07/27 - 05:45
11 | ادم
قرار اكبر من العثماني
وزارة الداخلية التي اتخذت القرارغير تابعة لرئيس الحكومة هي وزارة سيادة لا سلطة للعثماني عليها. القرار اكبر من رئيس الحكومة المغلوب على أمره والذي خرب هو وجوقته الحزبية عمل عشرات السنين من اجل المنصب والكرسي.
مقبول مرفوض
0
2020/07/27 - 05:49
12 | بن محمد
الفاشل يبقى فاشل
انا لا أعرف كيف بشخص فشل فشلا دريعا في إدارة وزارة الخارجية و تم إعفائه بعدما أبان عن ضعف كبير في التواصل، الإدارة، و في السياسة الخارجية على العموم... هذا الشخص يتم استدعائه بعد سنتين لقيادة و رئاسة الحكومة في زمن يحتاج فيه المغرب لكفاءات على المستوى العالي...
مقبول مرفوض
0
2020/07/27 - 09:07
13 | Abdou
الفرج ااااات
لست ادافع عن العثماني لاني ضدهذا الحزب منذ بنكيران.لكن ربما يكون القرار قد اتخذ منطرف جهات علياجدا لا تعير اهتماما لا للعثماني ولا لغيره.
مقبول مرفوض
0
2020/07/28 - 03:28
14 | سعاد
حسبي آلله ونعم الوكيل
مقبول مرفوض
0
2020/07/28 - 04:00
15 | مراد
الحكومة لا تتخذ القرارات اقرأوا الدستور يا بشر الحكومة فقط تنفذ القرارات . ولهذا اي حكومة سوف تتصرف بهذا الشكل
مقبول مرفوض
0
2020/07/28 - 05:24
المجموع: 15 | عرض: 1 - 15

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة

أقلام حرة