الرئيسية | أقلام حرة | إنما الأمم الأخلاق ما بقيت

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت
 

بسم الله الرحمن الرحيم

و الصلاة على خير المرسلين 

 

      ميوعة  الأخلاق و تنامي الفساد الاجتماعي و السياسي  و الجهل و الجهر بالرذيلة و الخداع في التعامل و المحسوبية ، أسباب سقطت بها أمم سبقت بعد أن كانت في الازدهار و الريادة  ، فالأخلاق ضابط وازن للتعايش بين الناس و الأمم  في أمن و أمان ، و لا يمكن أن تنضبط أخلاق أمم إلا بالتربية و التعليم القويم و القدوة الصالحة و الوازع الديني الذي يبين  للشخص المصلحة و المفسدة ، ثم تطبيق القانون على الجميع دون استثناء ، فإن فسدت مناهج التعليم و تربية الوالدين للأبناء و عدم وجود قدوة صالحة بين الأهل والأصحاب و المدرسين و المسؤولين و غيرهم و عدم محاسبة الفاسدين ، فسوف ينغمس الجيل الصاعد في المفاسد و اتباع الشهوات و البحث عن الريع و الربح السريع  الغير المشروع دينا ولا قانونا ، و سيصبح المجتمع فاسدا من كل الجبهات و بكل المقاييس .

    عندما تُرتفع أصوات في بلد مسلم ما مطالبة بالحرية الشخصية في التعامل مع الجسد أو اللباس أو إشهار الإفطار في رمضان أو المثلية و كل حملات التغريب المنافية للأخلاق و القيم ، و تُكتم و تسد الأفواه و تُعمى الأبصار و تُصم الآذان حين يتعلق الأمر بحرية التعبير و الصحافة و الرأي و الدعوة إلى الالتزام بمبادئ الدين الإسلامي  و كل ما ينفع المجتمع المسلم بتصحيح مناهج التعليم و معاقبة الفاسدين ، و الحفاظ على الأسرة ، فاعلم أن هناك خلل عميق في المنظومة التربوية الأخلاقية لتلك البلد.

    مبادئ الأخلاق أول ما يمكن تطبيقه بين الناس لتستوي العيش بينهم ، فإن غابت قليل منها ظهر شيء من الفساد و إن غابت جملة ظهر الفساد والإجرام ، و لا يمكن أن نربي أجيالنا المقبلة إلا باتباع نهج الرسول صلى الله عليه وسلم الذي وصفه الله تعالى أنه كان على خلق عظيم ، قال تعلى  : (( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)) سورة القلم. فإذا ما عدنا لسيرته صلى الله عليه وسلم سنجد تعامله مع المسلمين و غير المسلمين و الأطفال و النساء و المسالمين و المحاربين كانت معاملة صدق و إخلاص و الوفاء بالعهد و العطف و الرحمة قال تعالى : (لَقَد جاءَكُم رَسولٌ مِن أَنفُسِكُم عَزيزٌ عَلَيهِ ما عَنِتُّم حَريصٌ عَلَيكُم بِالمُؤمِنينَ رَءوفٌ رَحيمٌ ) سورة التوبة .

    فهل لبلد مسلم  اليوم من مجد بين الأمم ؟ هل لنا صيت يُسمع ؟ أو قرار يتبع ؟ أو سلاح يُصنع ، أو حدود بين شعوبنا تُفتح ؟ أو مساعدات من الدول الغنية للفقيرة تُمنح ؟ أو نزيف الدم من الحروب يُمنع ؟ طبعا الجواب لا  و السبب رداءة مناهج التعليم و الابتعاد عن  منهج الأخلاق الإسلامية و المحسوبية و الفساد المتفشي في القطاع العام و الخاص و عدم التعامل بالديمقراطية و عدم احترام حقوق الإنسان  ، فأغلب الدول العربية والإسلامية في مؤخرة الترتيب عالميا في كل ما سبق ذكره . .

        طبعا بإمكان الدول العربية والإسلامية أن تخرج من وكر الفساد السياسي و الأخلاقي  بتصحيح مجموعة من القيم التي تتحكم في الحياة العامة في المجتمع ،  خاصة ضبط المعاملات و العدل في تصريف الحقوق و وضع الشخص المناسب في المكان المناسب و احترام الرأي المخالف و معاقبة كل المخالفين للقانون أسيادا و وزراء  كانوا أم أشخاصا عاديون ، فلا مجد بدون الانصراف عن الفساد الأخلاقي و السياسي و دون  الإنصاف و العدل بين الناس .

في الختام تمعن في قول الرسول صلى الله عليه وسلم عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) صححه الألباني

أي : بعثه الله ليتمم و يكمل ما نقص من الأخلاق فيزيد عليها  مكارمها الحسنة  في الأفعالَ و المعاملات و العدل بين الناس و الوفاءِ بالعهود والمُروءةِ ، والحياءِ والعفة  ، فيصير حسنها أحسسن ، فيطبقها طيب النفس ، و يجعل من  سيئها أسوأ ليبتعد عنها كل ذي لب و عقل سليم .

رحم الله الشاعر أحمد شوقي حيث وصف كل ما ذُكر في المقال المتواضع  في بيت واحد
 
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا  

ملاحظة بسيطة : 

 

      الأمم المتقدمة و التي تطمع أن تتقدم ، تحمي كل غيور فضح فاسدا  و ليس محاسبته و متابعته ثم معاقبته كما يجري بكثير من الدول العربية ، بل  تتابع الفاسد و إن علا وسما منصبه في الدولة ، فتحاسبه و تحاكمه حتى يكون عبرة لغيره .

مجموع المشاهدات: 19962 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة