أخبارنا المغربية - عبد المومن حاج علي
بعد أيام من انطلاق منافسات كأس أمم إفريقيا التي تحتضنها المملكة المغربية، عاد الجدل بقوة إلى منصات التواصل الاجتماعي، ليس حول الجوانب التقنية أو التنظيمية للبطولة، بل حول الغياب اللافت لعدد من المؤثرين المغاربة الذين كانوا إلى وقت قريب في مقدمة المروجين لنسخ سابقة من البطولة، خاصة تلك التي نظمت بساحل العاج، إضافة إلى الحضور المكثف لهم خلال كأس العرب بقطر؛ وهو غياب طرح أكثر من علامة استفهام، وفتح باب التأويل والنقاش على مصراعيه.
وعبر عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن استغرابهم من هذا الاختفاء المفاجئ، متسائلين عن الأسباب الحقيقية التي جعلت مؤثرين دأبوا على الظهور اليومي، وبحماس مبالغ فيه، خلال بطولات خارج أرض الوطن، يلتزمون الصمت أو يكتفون بانتقادات جانبية حين يتعلق الأمر بحدث قاري تستضيفه بلادهم، وهي المقارنة التي كانت حاضرة بقوة في تعليقات المتابعين، الذين استحضروا مشاهد الترويج المكثف، والبث المباشر، والصور من المدرجات والفنادق، خلال بطولات سابقة، مقابل فتور واضح في النسخة الحالية.
وسرعان ما اتجه النقاش نحو كواليس صناعة المحتوى، حيث أعاد معلقون ربط الحماس السابق بكون عدد من هؤلاء المؤثرين كانوا ضيوفا على الجهات المنظمة في دول أخرى، مع توفير الإقامة والتنقل والتغذية، وأحيانا امتيازات إضافية، مقابل الترويج للبطولات في قالب “تجربة شخصية”، كما أشاروا إلى أنه وفي غياب عروض مماثلة داخل المغرب، فضل أغلبهم، حسب المتابعين، الانسحاب بصمت، ما عزز قناعة لدى شريحة واسعة بأن التأثير الرقمي لدى هذه الفئة محكوم بمنطق المقابل، لا بمنطق القناعة أو الانتماء أو الوطنية.
ولم يقتصر هذا الجدل على انتقاد المؤثرين فقط، بل امتد ليشمل وعي الجمهور نفسه، حيث اعتبر عدد من النشطاء أن الخطأ الأكبر لا يكمن في اختيار المؤثرين عدم الترويج، بقدر ما يكمن في استمرار المتابعين في منحهم قيمة رمزية وتأثيرا أخلاقيا لا يعكس حقيقة أدوارهم، معتبرين أن كثيرا من المحتوى المتداول ليس سوى إعلانات غير مصرح بها، تقدم في ثوب وطني أو عاطفي عند توفر المقابل.
في المقابل، دافع آخرون عن حق صناع المحتوى في اختيار ما يروجون له، معتبرين أن المسؤولية الأساسية في الترويج للبطولات الكبرى تبقى على عاتق المؤسسات الرسمية والهيئات المنظمة، لا على حسابات فردية تخضع لمنطق السوق؛ غير أن هذا الطرح لم يمنع استمرار التساؤلات حول معنى “التأثير”، وحدوده، ودوره في اللحظات الوطنية، خاصة حين يتعلق الأمر بتظاهرة قارية من حجم كأس أمم إفريقيا.
وبين هذا وذاك، كشفت نسخة “كان” المغرب عن واقع غير مريح في مشهد التأثير الرقمي، حيث سقطت صورة الحماس المجاني، وبرزت ملامح تأثير مشروط، يتحرك حيث توجد الامتيازات ويتراجع حيث يطلب الموقف فقط؛ وهو نقاش مرشح للاستمرار، ليس فقط خلال هذه البطولة، بل مع كل محطة وطنية كبرى، ما دام سؤال المصداقية مطروحا بقوة في زمن التأثير السريع.
