الرئيسية | سياسة | لماذا نزل البرلمانيون إلى هذا المستوى من "اللهطة" وجعلوا المغرب أضحوكة في وسائل الإعلام؟

لماذا نزل البرلمانيون إلى هذا المستوى من "اللهطة" وجعلوا المغرب أضحوكة في وسائل الإعلام؟

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
لماذا نزل البرلمانيون إلى هذا المستوى من "اللهطة" وجعلوا المغرب أضحوكة في وسائل الإعلام؟
 

بقلم : اسماعيل الحلوتي

قبل حتى أن تحل الذكرى الأولى لفاجعة جماعة سيدي بولعلام القروية، التي أودت بحياة خمس عشرة امرأة وإصابة أخريات يوم الأحد 21 نونبر 2017، إثر حادث تدافع خلال توزيع مساعدات غذائية لا تتجاوز قيمة القفة الواحدة منها حوالي مائة درهم، تحت إشراف إحدى الجمعيات الإحسانية. تلك الفاجعة التي اهتز لها الرأي العام الوطني، وزاد من تأجيج نيران الغضب، التصريحات الاستفزازية للقيادية بحزب العدالة والتنمية الحاكم ووزيرة الأسرة والتضامن بسيمة الحقاوي، التي قالت آنذاك بأن الفقر لم يكن السبب المباشر في الحادث الأليم، بل هي أيضا "لهطة" المستفيدات وانعدام ثقافة "الطابور" في المجتمع، كما هو معمول به في الدول المتقدمة.

فإذا بنا نباغت مساء يوم الجمعة 12 أكتوبر 2018 بعد نهاية الخطاب الملكي، بمناسبة الإعلان عن افتتاح الدورة التشريعية، بلهطة أخرى أكثر غرابة تحت عنوان "تهريب الحلوى إلى بيوت البرلمانيين". وكنا نأمل لو تخرج علينا السيدة الحقاوي مرة أخرى لتحدثنا عن ثقافة "اللهطة" لدى هذه الفئة من المحظوظات والمحظوظين، الذين أصبح التهافت على المكاسب والمناصب والحقائب والتعويضات والحلوى، السمة البارزة في سلوكهم ومعاملاتهم.

ذلك أنه احتفاء بمثل هذه المناسبات، دأب المشرفون على تنظيمها بتقديم أشكال متنوعة من الحلويات مرفوقة بكؤوس من الشاي للحاضرين وخاصة منهم الوزراء والبرلمانيين، الذين ينبغي لهم استئناف مهامهم الدستورية في أجواء من النشاط والحيوية، تساهم في رفع معنوياتهم للارتقاء بأدائهم.

بيد أنه في سابقة فريدة لم يشهد التاريخ المعاصر نظيرا لها بسائر برلمانات العالم، سواء في الدول المتقدمة أو غيرها من البلدان المتخلفة. تناقل الناس في ما بينهم على أوسع نطاق صورا ورسائل وفيديوات، عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة في "الفيسبوك" و"الواتساب". تظهر إلى أي حد يصر ممثلو الأمة على الاستهتار بمسؤولياتهم والإساءة إلى أنفسهم والمؤسسة التي ينتسبون إليها، عندما أبوا إلا أن يغادروا مبنى البرلمان تحت عدسات المصورين، ويتجهون صوب سياراتهم الفارهة محملين بشتى أنواع الحلويات داخل أكياس بلاستيكية، يفترض أن العمل بها انتهى منذ ثلاث سنوات، بعد أن سبق لهم المصادقة بالإجماع على القانون رقم 15.77 في 10 نونبر 2015، القاضي بمنع ترويجها والمعاقبة على حيازتها...

وقد أثارت هذه الصور ومقاطع الفيديو والرسوم الكاريكاتورية موجة من اللغط والسخط والتذمر، والكثير من التعاليق الساخرة والانتقادات الحادة داخل الوطن وخارجه، حيث استهجن جميع من أتيحت لهم فرصة الاطلاع عليها، هذه الممارسة البئيسة وغير المحسوبة العواقب، التي يعبر عن مدى الجشع لدى من أنيطت بهم مسؤولية خدمة الشعب وحماية مصالحه والترافع عن قضاياه. أإلى هذا الحد تستبد بهم الرغبة في الفوز ب"حاجة فابور"؟ فبماذا كانت ستنتهي معاركهم لو أنهم ساهموا فعلا في اقتنائها بجزء من مالهم الذي ليس سوى مال الشعب؟ وهل بمثل هذه الرعونة يسترجعون ثقة المواطنين ويجعلونهم يصدقون ادعاءاتهم عن الشفافية والنزاهة وحسن تدبير الميزانيات الموكولة إليهم؟

قد نتفهم أحيانا وعلى مضض الحالة النفسية المتدهورة لعديد المواطنين لاسيما الشباب منهم، ودرجات اليأس والإحباط التي أوصلتهم إليها السياسات الفاشلة للحكومات المتعاقبة، من حيث ارتفاع معدلات الفقر والأمية والبطالة والقهر والظلم والحكرة والتهميش والإقصاء، من خلال استرخاص أرواحهم والانغماس في عالم الإجرام والمخدرات والحبوب المهلوسة أو ركوب مخاطر قوارب الموت، ملحقين الأذى بأنفسهم وعائلاتهم. كما يمكن التماس العذر لمن يحرق نفسه احتجاجا على سوء المعاملة، أو يتدافع للحصول على كيس دقيق وقنينة زيت وعلبة سكر...

غير أنه في المقابل يصعب أن نفهم كيف يسمح البرلمانيون لأنفسهم بالإساءة ليس فقط لصورتهم باعتبارهم ممثلي الأمة، بل حتى للمؤسسة الدستورية التي ينتسبون إليها. ويعطون بذلك الفرصة لخصوم وحدتنا الترابية في النيل من سمعة الوطن والاستهزاء بأبنائه. فالعجز عن التحكم في الذات ومقاومة المغريات بالإقدام على تهريب الحلوى، لا يمكن تفسيره إلا بكونه نوعا من التعويض عما ظل يلاحقهم من "جوع" ورثوه عن أسلافهم، ولم يعد بمقدورهم التخلص من قيوده.

وكما ذهبت إلى ذلك بعض الآراء، يجوز أن يكون لما تم تسريبه من صور وفيديوات وترويجها عبر الشبكة العنكبوتية، علاقة مباشرة بما تسعى إليه بعض الجهات الخفية في عدة مناسبات من محاولات يائسة في حجب الرؤية عن القضايا الأساسية، بخلق التفاهات من قبيل "البغرير والبريوات"، ثم "الحلويات"... غير أن هذا لا يشفع للبرلماني بأن يقع في مثل هذه المأزق المخجل، خاصة أن الخطاب الملكي جاء حافلا بالإشارات القوية والتوجيهات الواضحة والصريحة، التي تدعو إلى القطع مع زمن الانتهازية، الدفع بدينامية الإصلاح والانكباب على تحسين ظروف العيش، النهوض بالتشغيل والتضامن الاجتماعي، الاهتمام بالشباب وبلورة نموذج تنموي جديد يكون قادرا على مواجهة الرهانات والتحديات الراهنة... فهل قدر البرلماني ببلادنا ألا يصنع الحدث إلا من خلال مراكمة المهازل ؟

من المؤسف أن ينزل البرلماني إلى هذا المستوى من اللهطة وتهريب الحلوى إلى بيته، وهو الذي يستفيد من تعويض يقدر بحوالي أربعة ملايين سنتيما شهريا وامتيازات أخرى، فضلا عن معاش مريح بعد نهاية ولايته... مقابل مهام نيابية وسياسية قد لا يقوم بمعظمها، ترتبط أساسا بما هو دستوري وأخلاقي واجتماعي، ويمكن إجمالها في التعبير عن انشغالات وقضايا الشعب وحضور أشغال البرلمان، تتبع العمل الحكومي ومساءلة أعضاء الحكومة، اقتراح مشاريع قوانين والمصادقة عليها...

مجموع المشاهدات: 13931 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (9 تعليق)

1 | مغربي
هاذيك راها سرقة .بغينا نعرفوا شكون قاليهم سرقوا داك الشي .ومنين جابوا هاذيك القفة او خناشي ديال الميكة.واش جبوهم محزمين بيهم تحت الجلالب . واش كاين شي حانوت داخل البرلمان راه يبيع ليهم الميكة .....اقول لكم يا نوام الامة كم انتم وضيعين سفلة. ملهوطين جيعانين ...هذيك الحلوة من مال الشعب كان بالاحرى ترسل الى الخيريات راهم يموتون بالجوع .اسالوا الوزيرة الحقاوي عن خيرية تيط مليل كم مات من نزيل بالجوع .مع الاسف الشديد راحنا في القرن21 والانترنيت والتشدق بالعام زين والمغرب سيدخل نادي الدول المتقدمة و و و و لعنة الله عليكم وعلى من صوت عليكم .العالم يضحك علينا .قوارب الموت الحلويات قتل الح اكة بالرصاص وزيد. ....
مقبول مرفوض
2
2018/10/15 - 03:54
2 | اللهفة
حسبي الله ونعم الوكيل
حسبي الله ونعم الوكيل.
مقبول مرفوض
0
2018/10/15 - 05:24
3 | مواطن بسيط عفيف
نوام البرلمان داخل البرلمان ينامون نوما عميقا وكانهم ناموا مثل اهل الكهف ،واذا اراد رئيس مجلس النواب ان يبقى النوام مستيقظين عليه ان يجلب معه الحلوى لانها دواء النوم الثقيل،واخيرا توصل الخبراء المغاربة الى دواء النوم داخل البرلمان وهو الحلوى وما ادراك ما الحلوى.
مقبول مرفوض
1
2018/10/15 - 05:58
4 | عبد الله
مشهد مقزز لأناس تربوا على الفساد و انعدام المسؤولية
و ما فائدة حفل الشاي الباذخ أصلا؟ هل البرلمان وظيفته خدمة المواطن أو التهافت على الحلوى بنهم الضباع؟
مقبول مرفوض
2
2018/10/15 - 06:01
5 |
كذب البرلمان هذه التلفيقات اللي شوهتونا بها في الخارج يبدو أن الصورة لا تبت باي صلة بشخصيات برلمانية بل موظفين أوعمال أو نادلين...باراكا ما ضحكو فينا العديان
مقبول مرفوض
-3
2018/10/15 - 06:08
6 | الهاشمي
لا تستغربوا انهم الصم البكم الذين لا يعقلون هكذا وصفوا في افتتاح الدورة التشريعية السابقة لا تنتظروا الكثير
مقبول مرفوض
0
2018/10/15 - 06:30
7 | متقاعد
عمل سياسي يرجع طهارة
هناك اسباب كثيرة تقع في دولة وحيدة في عالم هادي الدولة. لديها نمو ضعيف مند استقلال ولديها نصف كبير من سياسين بين وزراء برلمانين مستشارين وفضيحة كبيرة لديها. مدينة من الاحزاب وعندما تقوم بنتقاد حقل سياسي. تنتقد تم تعود وتمدح وهل سياسة في عالم مثل هادي الدولة تعرف كل شئ وهي لا تعرف أي شئ اما عن للهطة ديال كعب غزال شاهدنا كل برلمانيون عالم يجتمعون من اجل شعب والوطن إلا مغرب عندما يريد ان يجتمع سياسيون ومسؤولين من اجل عمل ينقلب ألعب وتصبح طهارة. ولا عقيقة ولا ولا هل هؤلاء. الدي يأتون الي أكل سيعملون يقال ؛ضربو كرشو انسي لخلقو؛؛ ليس عيب فيهم بل في؟؟؟؟ وميزانية كعب غزال تخرج 5عائلات من كريان ويبقي بقشيش. انها سياسة مغربية وزردة. وزرورة ويريدون نمو انهم يضحكون علي عباد ونحنو في2018 وهم لازالو في عصر حجري هل فعلا لهم حس بمسؤولية ام هناك لغز الدي قالو عليه في كتاب الاخير؟؟؟؟
مقبول مرفوض
0
2018/10/15 - 06:34
8 | عبد الجبار
أكاد أجزم أنه لا يوجد برلماني واحد يسعى لخدمة هذا الوطن فكلهم همهم الوحيد هو نفسي ومن بعدي الطوفان...
مقبول مرفوض
0
2018/10/15 - 07:10
9 | واردي محمد
الحلويات
كلام صحيح جداً جداً وفي الصميم
مقبول مرفوض
0
2018/10/16 - 07:10
المجموع: 9 | عرض: 1 - 9

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة