الرئيسية | دين ودنيا | ينصر الله الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة

ينصر الله الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
ينصر الله الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة
 

إن إقامة العدل وأداء الحقوق لأهلها من أسباب بقاء الدول وتفوقها وغلبتها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالة (الحسبة): الجزاء في الدنيا متفق عليه أهل الأرض، فإن الناس لم يتنازعوا في أن عاقبة الظلم وخيمة، وعاقبة العدل كريمة، ولهذا يروى: "الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة" اهـ.

 

ولما سمع عمرو بن العاص المستوردَ بن شدادَ يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: تقوم الساعة والروم أكثر الناس. قال له عمرو: أبصر ما تقول؟ فقال المستورد: أقول ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال عمرو: لئن قلت ذلك؛ إن فيهم لخصالا أربعا: إنهم لأحلم الناس عند فتنة، وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة، وأوشكهم كرة بعد فرة، وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف، وخامسة حسنة جميلة وأمنعهم من ظلم الملوك. رواه مسلم.

 

 فكأنَّ عمراً رضي الله عنه يحكم بأن هذه الخصال هي السبب في بقائهم وكثرتهم، وفي المقابل يكون الظلم وتضييع الأمانة وإهدار الحقوق هي معالم الخراب والهزيمة، وهذا أصل مقرر في علم الاجتماع، وقد عقد له ابن خلدون في مقدمته فصلا بعنوان: (الظلم مؤذن بخراب العمران).

 

والمقصود أن الأمم الكافرة إن توفرت على معالم قيام الدول ونهضتها أقامها الله وجازاها بجنس عملها، ولا يظلم ربك أحدا، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله لا يظلم مؤمنا حسنة، يعطى بها في الدنيا، ويجزى بها في الآخرة، وأما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل بها لله في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يجزى بها. رواه مسلم. فالله تعالى يعطيهم في الدنيا ما يستحقونه باعتبار ما عندهم من خير وما يبذلونه من حق.

 

 

فهذا جانب، وهناك جانب آخر لا يصح إغفاله في هذه القضية، وهو أن الله تعالى قد ينصر أمة كافرة على أمة مسلمة؛ عقوبة لها على معاصيها، وشاهد هذا ما حصل في غزوة أحد، كما قال تعالى: وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ {آل عمران: 152}.

 

وقد ذكر ابن كثير في حوادث سنة خمس عشرة وستمائة أن المعظم أعاد ضمان القيان والخمور والمغنيات وغير ذلك من الفواحش والمنكرات التي كان أبوه قد أبطلها، بحيث إنه لم يكن أحد يتجاسر أن ينقل ملء كف خمر إلى دمشق إلا بالحيلة الخفية، فجزى الله العادل خيرا، ولا جزى المعظم خيرا على ما فعل، واعتذر المعظم في ذلك بأنه إنما صنع هذا المنكر لقلة الأموال على الجند واحتياجهم إلى النفقات في قتال الفرنج. ثم علق ابن كثير على ذلك فقال: وهذا من جهله وقلة دينه وعدم معرفته بالأمور؛ فإن هذا الصنيع يديل عليهم الأعداء وينصرهم عليهم، ويتمكن منهم الداء ويثبط الجند عن القتال فيولون بسببه الأدبار، وهذا مما يدمر ويخرب الديار ويديل الدول، كما في الأثر: إذا عصاني من يعرفني سلطت عليه من لا يعرفني. وهذا ظاهر لا يخفى على فطن اهـ.

 

 

وقال الدكتور/ ربيع بن محمد بن علي في كتابه (الغارة على العالم الإسلامي): الأمة الواعية كذلك هي التي تدرك أنها بتجرئها على المعاصي وابتعادها عن منهج إسلامها وشريعة خالقها، تجلب عليها سخط الله الذي قد يتسبب في أن يبعث عليها من يسومها- بسبب معاصيها- سوء العذاب، وفي الأثر أن بعض أنبياء بني إسرائيل نظر إلى ما يصنع بهم بختنصر من إذلال وقهر وإبادة وقتل وتشريد فقال: (بما كسبَتْ أيدينا سلطتَ علينا من لا يعرفك ولا يرحمنا). وذكر ابن أبي الدنيا عن الفضيل بن عياض أنه قال: أوحى الله إلى بعض أنبيائه: (إذا عصاني من يعرفني سلطت عليه من لا يعرفني) اهـ.

عن موقع : اسلام ويب
مجموع المشاهدات: 4789 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (6 تعليق)

1 | لا يهم
لا أعتقد بأن هذه المقولة صحيحة..ولكن الله ينصر المؤمنين الموحدين..ولا ينصر الكافرين أبدا مهما تظاهروا بأنهم أصحاب عدل وحقوق ومساواة وغيرها من المصطلحات الرنانة والخادعة..أصلا الكافر لا يمكنه أن يكون عادلا لأنه لا أخلاق له..على عكس المؤمن الموحد لله الذي لا يكتمل إيمانه إلا بتمام أخلاقه ومبادئه والتي من ضمنها العدل..
مقبول مرفوض
-1
2019/12/06 - 02:08
2 | لا يهم
عندما نرى دولة كافرة قائمة شامخة..هذا لا يعني أنها منصورة من الله..ولكن الله يملي لها ويمدها في غيها وطغيانها..حتى يأخذها بغتة..مستحيل أن يقترن الكفر بالعدل..لهذا فإن هذه المقولة خاطئة تماما وفيها تجرأ وتطاول على أشياء لا تخص إلا الله سبحانه..
مقبول مرفوض
-2
2019/12/06 - 02:14
3 | فهموني
و لماذا كل الدول الغربية الحرة يعيشون في رخاء و تقدم مع انهم كفار، و نحن المسلمون الطيبون المؤمنون ملاءكة الله في الأرض...إذن أين المنطق من هذا،و لكن سبحان الله منذ انتهاء الخلافة الراشدة و العرب ويضنون ان الله لن يهدي الا سواهم،و النتيجة نراها كلنا بما وضوح..الله يهدي ما خلق و السلام
مقبول مرفوض
3
2019/12/07 - 08:10
4 | الى التعليق 3
سأفهمك..هم يعيشون في رخاء لأنهم يستولون على كل ثروات العالم بقوة السلاح وطرق شيطانية أخرى..لهذا هم حققوا كل شروط الحياة والرفاهية لهم ولشعوبهم على حساب شعوب الدول الفقيرة..وتفرغوا للعلوم والثقافة والابتكار والبحوث..أما الدول الفقيرة والمنهوبة بما فيها الدول المسلمة فكل همها هو البحث عن الغذاء والدواء والمأوى لشعوبها..وأنا أرى في هذا حكمة ربانية بالغة وهي أن الله أعطاهم الدنيا بما رحبت حتى يحق عليهم الحق و يحرمهم من نعيم الآخرة..الذي يخصصه الله تعالى لعباده الذين كانوا مستضعفين في هذه الحياة الدنيا..
مقبول مرفوض
-1
2019/12/07 - 09:10
5 | larou
ملايين من المسلمين هربوا من الدول الاسلامية اتجاه الدول الكفار فقط في فرنسا يعيش فيها اكثر من ١٠ ملاين مسلم ؟
مقبول مرفوض
0
2019/12/07 - 10:34
6 | عبود
والى وجهت ليك يا أخي الكاتب سؤال هل المغرب دولة عادلة أم ظالمة غاتقولي عادلة ونفس الرد كايقولوه وعاظ السلاطين عندنا فالمغرب ولي قال الحق أي غير ذلك غايتأكد مسكين بنفسو من أن المغرب فعلا (دولة عادلة)اشكال عويص
مقبول مرفوض
1
2019/12/07 - 11:15
المجموع: 6 | عرض: 1 - 6

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة