الرئيسية | دين ودنيا | في رحاب قوله تعالى: (وأنزلنا الحديد)

في رحاب قوله تعالى: (وأنزلنا الحديد)

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
في رحاب قوله تعالى: (وأنزلنا الحديد)
 

قال الله تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [الحديد: 25].

 

فالبيّناتُ هي المعجزاتُ التي تؤكِّد صدق الرسل، والكتابُ هو المنهجُ، والميزانُ هو العقلُ الذي هو مناطُ التكليفِ، والهدفُ إقامةُ العدلِ في الأرض، وقوة الردع هي الحديد الذي فيه بأسٌ شديدٌ، ومنافع للناسِ.

 

ويعتقد علماءُ الفلكِ حالياً أنَّ النيازكَ والشهب ما هي إلا مقذوفاتٌ فلكيةٌ مختلفة الأحجام، وتتألَّف في معظمها من معدن الحديدِ، ولذلك كان معدنُ الحديد منْ أوَّل المعادن التي عرفها الإنسان على وجه الأرض، لأنه يتساقط بصورةٍ نقيَّةٍ من السماء على شكل نيازك، يتساقط في كلِّ عام آلاف النيازك والشُّهب على كوكب الأرض، التي قد يزنُ بعضها أحياناً عشرات الأطنان، وقد عُثر على نيزكٍ في أميركا بلغَ وزنُه اثنينِ وستين طناً، مكوَّناً من سبائك الحديد والنيكل، أما في ولاية (أريزُونا) فقد أحدثَ نيزكٌ فوهةً ضخمةً عُمقها مئتا مترٍ، وقطرها ألفُ مترٍ، وقد بلغتْ كمياتُ الحديدِ المستخرجةُ من شظاياه الممزوجةِ بالنيكل عشرات لأطنان.

 

ومن هذا الشرح العلميِّ تتبيَّنُ لنا دقَّةُ الوصفِ القرآني ﴿وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ﴾، ولكنْ ما البأسُ الشديدُ؟ وما هي المنافعُ التي أشار إليها القرآن بقوله: ﴿فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ﴾؟ لقد وجد علماء الكيمياء أنّ معدن الحديد هو أكثر المعادن ثباتاً، وقوةً، ومرونةً، وتحمُّلاً للضغط، وهو أيضاً أكثر المعادن كثافةً، وهذا يفيد الأرض في حفظِ توازنها، كما يُعدُّ معدن الحديد الذي يكوِّن ثلث مكوِّنات الأرض أكثر العناصر مغناطيسيةً، وذلك لحفظ جاذبيتها.

 

ولا بدّ أنْ نذكرَ أيضاً أنّ الحديد عنصرٌ أساسيٌّ في كثيرٍ من الكائنات الحيَّة، كما في بناء النباتات التي تمتصُّ مركباته من التربة، وتدخل أملاحه في تركيب خلايا الدم عند الكائنات الحيَّةِ.

 

وهنا محلُّ الإشارة إلى أنّ هناك توافقاً عددياً عجيباً بين رقمِ سورةِ الحديدِ، وهو سبعة وخمسون (57) في القرآن الكريم، والوزنِ الذرّي لمعدن الحديد.

 

وقد عُقدَ مؤتمرٌ عامَ (1910)، ليبحثَ في شؤون المعادن التي في خبايا الأرض، وكان هناك قلقٌ يساورٌ المؤتمرين من أنَّ الحديدَ سوف ينتهي مخزونه في الأرض في عام (1970)! وأصدروا التقاريرَ حول وُجودِ هذا الفلزِّ العظيم، على أنّه متوافرٌ في الأرض بكميّاتٍ كبيرةٍ، بل إنّ أحدثَ الإحصاءاتِ هو أنّ مادّة الحديدِ موجودةٌ في القشرة الأرضية بمعدّل خمسة بالمئة من وزن القشرة الأرضيّة بعضهم قدّر فلزاتِ الحديدِ الموجودةَ على سطح الأرض بسبعمئة وخمسين ألف مليونِ مليونِ طنّ! هذا شيءٌ لا يعنينا، ولكنّ الذي يعنينا أنْ تكون حياتنا نحن بني البشر، وحياةُ كلِّ كائنٍ حيٍّ، وحياةُ كلِّ نباتٍ متوقّفةً على الحديد! هذا شيءٌ ربما لا يُصدَّقُ.

 

إنّ الحديدَ يدخلُ في تركيب الدّم، وإذا افتقرَ الإنسانُ إلى ثلاثةِ غرامات فقط من الحديد تُهدَّدُ حياتُه بالموت، ووزْنُ الحديدِ الذي في تركيب الإنسان لا يزيدُ على هذه الغراماتِ الثلاثة، لأنّه داخلٌ في هيموغلوبين الدم، والحديدُ هو الذي يجعلُ الدّمَ أحمرَ قانياً في الإنسانِ، وفي كلّ كائنٍ حيٍّ

* أهم المصادر والمراجع:

- آيات الله في الآفاق: د. محمد راتب النابلسي.

 
مجموع المشاهدات: 7318 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة