الرئيسية | قضايا المجتمع | لماذا يجب على "العثماني" أن يقدم اعتذارا رسميا للمغاربة؟

لماذا يجب على "العثماني" أن يقدم اعتذارا رسميا للمغاربة؟

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
لماذا يجب على "العثماني" أن يقدم اعتذارا رسميا للمغاربة؟
 

بقلم : إسماعيل الحلوتي

انطلقت كما هو معلوم يوم الاثنين 13 شتنبر 2021 الجلسات التشاورية الخاصة بتكوين الائتلاف الحكومي التي يقودها وزير الفلاحة السابق عزيز أخنوش، باعتباره رئيس الحزب الذي تصدر نتائج الانتخابات التشريعية ليوم الأربعاء 8 شتنبر 2021 بحصوله على "102" مقعدا، والمعين يوم الجمعة 10 شتنبر 2021 رئيسا للحكومة من قبل الملك محمد السادس الذي كلفه بتشكيل أغلبية حكومية جديدة. حيث أنه استقبل في المحطة الأولى أمناء الأحزاب حسب النتائج المحصل عليها، بدءا بعبد اللطيف وهبي الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة الذي حل ثانيا ب"86" مقعدا، تلاه نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال صاحب الرتبة الثالثة ب"81" مقعدا، ثم ادريس لشكر الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، صاحب الرتبة الرابعة ب"35" مقعدا...

      وخلال المحطة الثانية ليوم الأربعاء 15 شتنبر 2021، وكما كان متوقعا لدى الكثير من متتبعي الشأن العام ببلادنا، تخلف الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة المنتهية ولايته سعد الدين العثماني، الذي اعتذر عن الحضور لتك الجلسات التشاورية. وهو ما عزاه بعضهم إلى فقدانه الصفة والأهلية بعد استقالته من منصب الأمين العام للحزب فيما يرى آخرون أنه مازال لم يستفق بعد من هول الصدمة على إثر الاندحار المدوي، وتقهقر الحزب من الرتبة الأولى إلى الثامنة ب"13" مقعدا فقط، بعدما كانت نتائجه لا تنزل عن سقف مائة مقعد في الولايتين التشريعيتين السابقتين.

      فمن البديهي أن يقدم العثماني الجريح مضطرا اعتذارا عن عدم حضور مشاورات يعلم مسبقا أنها لن تفيده وقيادات حزبه في شيء، وهم الذين اعتادوا منذ توليهم السلطة على ترجيح مصالحهم الذاتية والحزبية الضيقة على المصلحة العليا للوطن وأبنائه. لكنه نسي أنه من النبل السياسي على رجل كان يحتل المرتبة الثانية في هرم السلطة طوال خمس سنوات، أن يبادر إلى تهنئة غريمه عزيز أخنوش على فوز حزبه "التجمع الوطني للأحرار" في الانتخابات الثلاثية غير المسبوقة، والثقة المولوية التي حظي بها في تعيينه رئيسا للحكومة طبقا للفصل 47 من الدستور، بدل التشكيك في النتائج متعللا بكون ممثلي مرشحي حزبه لم يتسلموا محاضر مكاتب التصويت في حينه، والإسراع في الاعتذار للشعب المغربي عن خذلانه، قبل إشهار الاستقالة الجماعية لأعضاء الأمانة العامة للحزب، غداة ظهور نتائج اقتراع الثامن من شتنبر 2021.

      ترى لماذا يجب على العثماني تقديم الاعتذار للمغاربة؟ في واقع الأمر ليس وحده العثماني من يتعين عليه الاعتذار، بل هناك أيضا سلفه عبد الإله ابن كيران الأمين العام السابق للحزب ورئيس الحكومة الأسبق وجميع القياديين الذين تحملوا مسؤولية تدبير الشأن العام المحلي والحكومي. فالبيجيدي بجميع هياكله وأطره مسؤولون عما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية من ترد وتأزم خلال السنوات العشر العجاف وخاصة في ظل الظروف الاستثنائية التي عرفتها بلادنا جراء تداعيات جائحة "كوفيد -19"، وعلينا اليوم أن نسائلهم عن مصير تلك الشعارات الرنانة التي رفعوها في انتخابات عامي 2011 و2016، والوعود التي قطعوها على أنفسهم أمام الناخبات والناخبين من أجل محاربة الفساد والاستبداد، تخليق الحياة العامة وتجويد الخدمات الاجتماعية في التعليم والصحة والقضاء والإدارة، الارتقاء بمستوى عيش المواطنين وتحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية والحد من الفوارق الاجتماعية والمجالية وخفض معدلات الفقر والأمية والبطالة...

     فقد كان حريا بالعثماني ورفاق دربه في حركة التوحيد والإصلاح وحزب المصباح تقديم اعتذار فصيح وصريح لكافة المغاربة، حيث أنهم انشغلوا عنهم  بتحسين أحوالهم الشخصية والعائلية والحزبية، من خلال التهافت على المناصب والمكاسب وتعدد الأجور والتعويضات، ألم يقل كبيرهم صاحب المعاش الاستثنائي "الخرافي" ذات لقاء أمام أعضاء المجلس الوطني للحزب، بأنهم جاؤوا للسلطة بهدف حل مشاكلهم الشخصية ومشاكل الدولة ثم مشاكل المجتمع، وأنه ليس من العيب إطلاقا الاهتمام بأحوالهم المادية؟ ألا يتضح من هكذا تصريح أن البيجيديين يختزلون العمل السياسي، في القدرة على إيهام المواطنين بالإصلاح والتغيير ودغدغة عواطفهم، عبر استغلال الدين وإطلاق الوعود الخادعة، ادعاء الزهد والطهرانية وخطاب المظلومية وازدواجية المواقف، لغرض الوصول إلى مناصب المسؤولية، ليس للترافع عن هموم وقضايا البلاد والعباد، وإنما قصد تحقيق الامتيازات المادية، وهي الخلفية الريعية التي ظلوا حريصين على تكريسها عوض اجتثاثها من جذورها...

     كثيرة هي المؤاخذات الشعبية على حكومتي البيجيدي التي تستوجب تقديم العثماني اعتذارا عنها للمغاربة، باعتباره الأمين العام "الأخير" للحزب الأغلبي ورئيس الحكومة المنتهية ولايتها، لأنه لم يستطع تدارك أخطاء سلفه وفشل في اجتراح حلول ملائمة لأبرز المشاكل المطروحة بشدة. أليس حزبه هو المسؤول على إقرار نظام التعاقد، الارتفاع المتواصل في الضرائب وأسعار المواد الأساسية، خاصة بعد "إصلاح" صندوق المقاصة وتحرير أسعار المحروقات؟ فمن غيره اتخذ قرارات جائرة واعتمد سياسات لا شعبية أججت نيران الغضب الشعبي؟ ومن أغرق البلاد في مستنقعات المديونية وأجهز على أهم المكتسبات الاجتماعية من إضراب وتقاعد ووظيفة عمومية؟ ومن أطلق يد الأجهزة الأمنية في قمع المتظاهرين السلميين من الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد وأطباء الغد وغيرهم؟  

     إن اعتذار أو عدم اعتذار العثماني على تخلفه عن حضور مشاورات خلفه في تشكيل حكومة جديدة، لا يهم الشعب المغربي من قريب ولا من بعيد، بقدر ما يهمه الاعتذار على إخلال حزبه بوعوده الانتخابية وتخلفه عن موعد التغيير والإصلاح، رغم ما توفر له ولسلفه من شروط النجاح..

 
مجموع المشاهدات: 20340 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (16 تعليق)

1 | أحمد
تحليل أكثر من رائع
تحليل أكثر من رائع من طرف أستاذ متمكن وعارف بخبايا الأمور وبالنية السيئة لهؤلاء المتسلطين على رقاب صعفاء الوطن لأنهم خانوا الأمانة والوعد الذي قطعوه على أنفسهم أمام الله أولا والمواطن ثانيا
مقبول مرفوض
4
2021/09/18 - 10:22
2 | نور على نور
الاعتذار لا يكفي
الاعتذار للمغاربة لا يكفي وإننا يتبعه المحاسبة على كل شيء، وتفعيل **أين لك هذا** حتى تكون عبرة لمن بعدهم.
مقبول مرفوض
5
2021/09/18 - 11:52
3 | حفيظ
الحساب عند الله
مابغيناش الاعتذار ماغادي ينفع حتى حد الله غادي يحاسب كل واحد... ونعم الحساب
مقبول مرفوض
2
2021/09/18 - 11:54
4 | الامل
كلمة حق و انصاف
يجب على العدالة و التنمية ان يقدم موجز على العشر سنوات و يقارن بين ما ترك لها من الحكومة السابقة و ما ثم انجازه و ما ترك للحكومة القادمة لنستطيع ان نحكم اما الكلام الدي يضغضغ المشاعر و يبخس العمل ففيه احتقار لعقول المعاربة
مقبول مرفوض
-5
2021/09/18 - 12:12
5 | ملاحظة عن بعد
الميل بمكيال واحد
وهل قدمت الحكومات التي تعاقبت على المغرب منذ فجر الاستقلال اعتذارها؟؟؟ وحتى الصحافة الموجهة ندين لها بألف اعتذار لما تساهم فيه من تشويش الأذهان وغسل الأدمغة.
مقبول مرفوض
1
2021/09/18 - 12:37
6 | أستاذ
وفيت وكفيت
وكأنني من كتبت المقال ، ماقلت حق وصدق ، انخدعنا بهم لأنهم لبسوا عباءة الدين وجلباب الصدق والطهر و المصداقية .
مقبول مرفوض
4
2021/09/18 - 12:40
7 | عبده
ربط المسؤولية بالمحاسبة
لا نقبل ولا نريد اعتدارا. انا كنت مقتنعا جدا من نفاقكم الأخلاقي اما السياسي فلا تفقهون فيه شيءا. نريد محاكمتكم على أن اصبحتم اغنياء ومنكم بدل حتى الزوجة. وركبتم الحديد الذى لم تكونوا لتلمسوه. ونافقتم الله ورسوله و الشعب سنواتكم عجاف ثبا لكم
مقبول مرفوض
2
2021/09/18 - 12:46
8 | محمد
انتهى
إلى مزبلة التاريخ والجغرافيا وحري بهم دفن رؤوسهم كالحيات في الرمال انتهى الكم كما قال كبيرهم
مقبول مرفوض
3
2021/09/18 - 01:47
9 | جبلي
نهاية العدالة و التنمية
بل يجب على العثماني ان يعتذر لابن كيران فقط لأن لم يمشي على الخطى التي وعده بها. العدالة و التنمية سينطفئ مصباحها مع رحيل ابن كيران عن السياسة.
مقبول مرفوض
0
2021/09/18 - 01:50
10 | معاد
المسؤولية مشتركة
اذا كان لابد أن يقدم العثماني اعتذاره للمغاربة.فنفس الشيء الذي يجب أن يفعله اخنوش والعنصر والشكر وساجد وبنعبد الله.لانهم كانوا شركاء في الحكومة
مقبول مرفوض
5
2021/09/18 - 02:28
11 | مواطن
عند ربكم تختصمون
و اعتذارو يخليه عندو دا لفلوس واحنا يعتذر لنا.خلى لنا الجفاف
مقبول مرفوض
1
2021/09/18 - 03:08
12 | المصطفى
مافائدة الاعتذار؟
إن اعتذار العثماني ومن معه أو عدم اعتذاره لا يهم الشعب المغربي في شىء فحسابهم جميعا عند ربهم وهو أعلم بهم فما يهم الشعب المغربي هو إصلاح أحوال البلاد والعباد
مقبول مرفوض
0
2021/09/18 - 03:37
13 | Citoyen
Opinio
على حزب العدالة و التنمية تقديم اعتدارات و ليس فقط اعتدار فبسبب قرارات الحزب بخصوص صندوق التقاعد خصم من راتبي تقريبا 500درهم شهريا (ما كان ماعارف عليه انه في كل ولاية يتم اقرار زيادة و لو بسيطة الموضفين لكن pjd خفض الاجور!!!) و بسبب هدا الاقتطاع لم اتمكن من شراء شقة لان البنك الدي اتعامل معه لم يستطع منحي قرض (عندي قرض استهلاك عندما تضيف له قرض الشقة تتعدى الاقساط 50٪) في حين لو لم يتم الاقتطاع لقبل ملفي . زد على دالك اين وعد التغطية الصحية لوالدي الموضف؟ موعدنا امام الله لياخد لنا حقنا من تجار الدين.
مقبول مرفوض
0
2021/09/18 - 03:40
14 | الدمناتي ح س ن
الماء والشطابة......
شخصيا أرى أن يتواروا عن الأنظار وأن يتكرموا علينا بعدم رؤية وجوههم البئيسة وجوه الشؤم...هذا ربما أفضل من الاعتذار لانريد منهم إعتذار ... فلن نسامحهم على ما سببوه لنا من مآسي أثناء حكمهم أصلحوا حالهم البئيس وأفسدوا كل شيء على المغاربة ... أما الإعتذار على الأخطاء فلا تنتظره من الأنذال تجار الدين خونة العهود... أخزاهم الله في الدنيا والآخرة
مقبول مرفوض
1
2021/09/18 - 03:44
15 | rahsami
لا حياة لمن تنادي
اسال الله تعالى ان ينتقم من الحزب الظلامي واعضائه المهووسين بالمناصب وإصلاح احوالهم الدنيوية والانغماس في الفساد و الريع والتسابق على المناصب والاثراء الفاحش متناسين الحكمة القائلة :"كما تكونوا يولى عليكم". ثم قوله سبحانه وتعالى:( وما ربك بظلام للعبيد).صدق الله العظيم قد خنتم الأمانة واخلفتم الوعد.رجاؤنا في الله تعالى ان يتبخر هدا الحزب المتاسلم وان لا يعود ابدا.
مقبول مرفوض
1
2021/09/18 - 04:47
16 | تعقيب
اعتدار
اليوم 8 شتنبر هي الجواب على كل وعود البيجدي كفى ان المواطن تعاطف مع خطابته المغرية لكنه أعطاه الحق في تحمل المسؤولية ليييه ان الشعرات ليس هي الدق والسكات
مقبول مرفوض
0
2021/09/18 - 07:54
المجموع: 16 | عرض: 1 - 16

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة