الرئيسية | قضايا المجتمع | عمدة الرباط تثير جدلا كبيرا بتصريحاتها حول "الموظفين الأشباح" الذين ينخرون ميزانية الدولة

عمدة الرباط تثير جدلا كبيرا بتصريحاتها حول "الموظفين الأشباح" الذين ينخرون ميزانية الدولة

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
عمدة الرباط تثير جدلا كبيرا بتصريحاتها حول "الموظفين الأشباح" الذين ينخرون ميزانية الدولة
 

بقلم: إسماعيل الحلوتي

في البرنامج التلفزيوني الأسبوعي "مع الرمضاني" الذي يعرض بالقناة الثانية مساء كل يوم أحد، استضاف منشطه رضوان الرمضاني في حلقة يوم 5 ماي 2022 القيادية بحزب "التجمع الوطني للأحرار" ورئيسة المجلس الجماعي لمدينة الرباط أسماء غلالو، التي صرحت أمام آلاف المشاهدين بوجود 2400 من الموظفين الأشباح في المقاطعات والإدارات العمومية والولاية، يتقاضون أجورهم الشهرية بانتظام دون أن يؤدوا وظيفتهم. وأنها في إطار ضبط عددهم الحقيقي أعدت لذلك خطة، تتمثل في تنظيم امتحانات الكفاءة المهنية الخاصة بالترقية.

      وهو ما اعتبره الكثيرون فضيحة أخلاقية تقتضي عدم السكوت عنها، إذ كيف يعقل أن يستمر مثل هذا العبث والتسيب، في وقت يعمل فيه المغرب جاهدا تحت القيادة الرشيدة لعاهله المفدى محمد السادس على الإصلاح الإداري والانتقال الرقمي. حيث أكدت عمدة الرباط على أن المجلس الجماعي يضم في سجلاته الرسمية 3700 موظف من بينهم مائتي موظف سيحالون قريبا على المعاش، في حين أن هناك ألف موظف فقط يواظبون على الحضور الفعلي إلى مقرات عملهم ومزاولة مهامهم؟ ثم أضافت بأن الأمر يتعلق بأشخاص تم تشغيلهم بطرق ملتوية.

       وأنها لم تخف خلال ردودها على أسئلة المنشط التلفزيوني استنكارها لما يجري من اعتداء سافر على المال العالم، مبدية استعدادها الكامل للانخراط في حرب ضروس ضد هذه الظاهرة الخطيرة التي ما انفكت تستنزف بدون رحمة ولا موجب حق ميزانية ضخمة من الخزينة العامة أمام عيون كبار المسؤولين.

      فكانت تصريحاتها بمثابة أعواد ثقاب أضرمت جدلا واسعا داخل المجتمع، ولاسيما في ظل وجود آلاف العاطلين من حملة الشهادات العليا. مما جعل ولاية الجهة تسارع إلى احتضان اجتماع طارئ يوم الخميس 9 ماي 2022، وانعقاد آخر في مقر مجلس المدينة. لكن عددا من رؤساء مجالس المقاطعات رفضوا الطريقة الانفرادية التي تدبر بها عمدة المدينة ملف الموظفين الأشباح، ولم يتردد بعضهم في مقاطعة اللقاء، معبرين عن تذمرهم من عدم إشراكهم في تهييء لوائح الموظفين المعنيين قبل كشفها عن وجود 2400 موظف شبح، فضلا عن مخالفتها للمساطر الجاري بها العمل في حقهم، جراء استمرارها في صرف أجورهم الشهرية والتوقيع على تعويضهم عن الأعمال الشاقة والملوثة. فهل يعقل والحالة هذه أن تؤشر مسؤولة إدارية من حجم عمدة مدينة كبرى على تعويضات ل"2400" موظف وهي التي تصرح بوجود ألف موظف حقيقي فقط؟

      وبعيدا عما وقعت فيه عمدة الرباط من تناقض صارخ، فإن "شهادتها" دفعت برئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام إلى المطالبة بفتح تحقيق فوري مع كل الجهات المعنية، بشأن ال"2400" موظف شبح في جماعة العاصمة الذين يستنزفون الخزينة العامة دون أداء أي وظيفة، معتبرا أنهم موظفون فوق القانون وأن من بينهم من هم خارج الوطن أو يتعاطون لمهن وحرف أخرى، مما يكبد البلاد سنويا في جهة الرباط وحدها خسارة مالية تقدر بحوالي 14 مليار سنتيم، في حالة ما إذا افترضنا أن الأجر الشهري للواحد من هؤلاء "العفاريت" هو أربعة آلاف درهم شهريا.

      ترى هل قامت عمدة الرباط بالمتعين عليها في سلك المساطر القانونية الواجبة ضد هؤلاء "الأشباح"، التي تتطلب توجيه استفسار عن أسباب التغيب غير المبرر، المثول أمام مجلس الانضباط وإيقاف الأجرة الشهرية، ثم العزل وغيره من الإجراءات والجزاءات القانونية؟ وعلى أي أساس اعتمدت في مواصلة صرف أجور موظفين تعتبرهم "أشباحا" وتمتيعهم بتعويضات لا يستحقونها؟ ثم ما الذي يحول دون اتخاذها قرارا مماثلا لما أقدمت عليه إدارة مجلس النواب يوم 17 ماي 2022، والمتمثل في إيقاف عدد من الموظفين عن العمل بعد التأكد من تغيباتهم غير المبررة لفترات طويلة، وفق ما هو مبين في سجلات الحضور بمقرات عملهم، كما هو الشأن مثلا بالنسبة ل"مصطفى بنعلي" الأمين العام لحزب "جبهة القوى الديمقراطية" المعارض، الذي يفترض فيه أن يكون قدوة في الانضباط واحترام أوقات العمل، عوض أن يضطر إلى توجيه رسالة استعطافية لرئيس المجلس رشيد الطالبي العلمي القيادي بحزب "الأحرار"، ملتمسا منه منحه عطلة استثنائية بدون أجرة لمدة ستة شهور، تفاديا للتشطيب النهائي عليه من الوظيفة بالبرلمان بسبب غيابه الدائم.

      فالموظفون الأشباح جزء من الفساد واقتصاد الريع، وبات لزاما على رئيس الحكومة عزيز أخنوش أن يعجل بإنقاذ الخزينة العامة من هذا النزيف القاتل ومحاسبة جميع المتورطين ومن يتستر عنهم، إذا كانت حكومته تسعى فعلا إلى بناء مغرب جديد يقوم على العدل والمساواة، وخلق فرص شغل وآلاف الوظائف لتلك الأعداد الهائلة من الشباب خريجي الجامعات والمعاهد المغربية الذين يرزحون تحت وطأة البطالة المدمرة. ثم أين نحن من خطابات التهديد والوعيد التي لم تفتأ الحكومات المتوالية ترددها للقضاء على "الموظفين الأشباح" أو التقليص من أعدادهم الرهيبة؟ وإلى أي حد ستكون الحكومة التي يقودها حزب عمدة الرباط قادرة على إحداث دينامية جديدة في التدبير الجيد للمرفق العام وانعكاسه الإيجابي على خدمة مصالح المواطنين؟

      إن المغاربة يرفضون بقوة تمادي المسؤولين في سياسة الهروب إلى الأمام من خلال إطلاق الفقاعات الإعلامية الرامية إلى إلهائهم عن مشاكلهم الحقيقية، ولاسيما أن ملف "الموظفين الأشباح" في المؤسسات العمومية والجماعات الترابية عمر طويلا، دون أن تستطيع الحكومات المتعاقبة إيجاد حل عاجل ونهائي لهذه الظاهرة الخطيرة التي تمتص ميزانيات ضخمة من المال العام ليس في مدينة الرباط وحسب، بل في جميع المدن بسبب غياب الإرادة السياسية الحقيقية.

 

مجموع المشاهدات: 10179 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (10 تعليق)

1 | رشيد المغترب
مرض العصر
الآن فهمت لماذا الدكاترة وخريجي الجامعة لم يحصلو على الوظيفة بعد ،لأن الميزانية استكملت نصيبها بهؤولاء الأشباح الذين يشبهون كورونا إلى حد ما لابد من تلقيح فعال للقضاء عليهم
مقبول مرفوض
14
2022/06/11 - 05:34
2 | oueld El Bachir Mrabih Mrabouh
Point de vue
القيادة الرشيدة لعاهله المفدى محمد السادس على الإصلاح الإداري والانتقال الرقمي....C'est ça était vraiment une bonne gouvernance, on va pas notifier ce genre de la pourriture que l'administration marocaine vit .La corruption, des employés et salariés fantômes, des salariés qui travaillent doublement ( Deux emplois payés sans présence
مقبول مرفوض
4
2022/06/11 - 05:49
3 | مواطن مغربي غيور
كفى
شيء جميل ان تقوم بفضح هاته الظاهرة ولكنها في نفس الوقت ارتكبت خطأ جسيم هذا الاسبوع وذلك بالتوقيع على منحة الاشغال الشاقة التي سيستفيد منها جميع العاملين والاشباح في نفس الوقت ومبلغها 3000 درهم . سواء السلاليم الدنيا او المتوسطة او خارج السلم .وتسمى بالجماعة (منحة الوسخ).ان الكتلة الاجرية لموظفي جماعات الرباط تستنزف 40 في المئة من الميزانية الإجمالية لمجلس الرباط
مقبول مرفوض
7
2022/06/11 - 05:52
4 | عبدو
الاشباح هههه
شكون هما هاد الاشباح را اغلبيتهم زوجات المسؤولين يتقاضين اجورهن وهن في فيلاتهم ومنتزهاتهن
مقبول مرفوض
8
2022/06/11 - 06:25
5 | لحسن
لكل ذي حق حقه
حسن ماقامت به العمدة كثر الله من امثالها من لايعمل لا مكان له. فالعجيب في الامر من يتقاضى راتبا ولا يؤدي اية خدمة فاكل السحت حلال عند هؤلاء .
مقبول مرفوض
3
2022/06/11 - 06:52
6 | محمد
رقية
إذا الادارة المغربية خاصها تفوسيخة او الجاوي وتتطلب راقي صحيح بالاضافة الاشباح هناك موظفين بدون مهمة وعطاؤهم ضعيف
مقبول مرفوض
3
2022/06/11 - 06:55
7 | محمد
الأشباح حتى في المؤسسات العمومية
يوجد أشباح حتى في المؤسسات العمومية يعرفهم كل من توظف في المؤسسة وحتى المسؤولين بها لكن بدون تحريك ساكن من المسؤولين. ضبط الأشباح سهل إن كانت هناك مراقبة جدية من طرف المدير العام للمؤسسة، تدخلات بعض الأحزاب او النقابات حالت دون دالك.
مقبول مرفوض
4
2022/06/11 - 07:43
8 | خريبگي
صح
هاذو غير العفاريت كياخذوا 14 مليار سنتيم وغير في الرباط... وما ادراك على الصعيد الوطني.... وعاد غادي نجبدوا التماسيح لي كيتخلصوا بالملايين شهريا واجي تشوف فلوس المغرب فين مشات... اسأل الله ان يطهر بلدنا من هاؤلاد الكوارث.... قولوا معي امين اخوتي المغاربة...
مقبول مرفوض
4
2022/06/11 - 08:18
9 | إكرام
لوبيات الفساد
سوف لن يتغير شيء لأن ببساطة سيتم الضغط على الوزيرة لكي لا تعلن سماء هؤلاء الأشباح فملفهم يشبه كثيرا ملف المستفدين من كريمات وسائل النقل وكذلك مقالع الرمال وووو...وكثير من ملفات لوبيات الفساد التي لايستطيع أحد أن يحركها
مقبول مرفوض
1
2022/06/11 - 08:43
10 | محمد
شكرا السيدة الرئيسة
السيدة أسماء قامت بفضح الظاهرة والتي تتعامل معها بحظر شديد حسب قدرتها وطاقتها. فمجرد الكلام على الظاهرة واستنكارها هو لبنة أولى لحلها ومحاربتها.اما ان نطلب من السيدة الرئيسة أشياء تفوق قدرتها .... كعدم أداء الرواتب والتعويضات ومحاسبتها على ذلك فذلك إنهاء لعملية البحث عن حل المشكل واسترجاع ما استفاد منه هؤلاء الأشباح... فشكرا للسيدة الرئيسة التي تشجعت وتكلمت على الظاهرة ... ونحن نشد على يدها بحرارة ونقول لها انك على الطريق الصحيح ونحن معك لاجتثات الفساد من الادارة ومن مؤسسات الدولة.
مقبول مرفوض
2
2022/06/11 - 10:42
المجموع: 10 | عرض: 1 - 10

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة