الرئيسية | قضايا المجتمع | إغلاق الحمامات لثلاثة أيام.. هل كان هذا القرار فعلا صائبا لمواجهة أزمة الماء؟

إغلاق الحمامات لثلاثة أيام.. هل كان هذا القرار فعلا صائبا لمواجهة أزمة الماء؟

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
إغلاق الحمامات لثلاثة أيام.. هل كان هذا القرار فعلا صائبا لمواجهة أزمة الماء؟
 

بقلم: إسماعيل الحلوتي

كثيرا ما يقف المواطن المغربي مشدوها وعاجزا عن تفسير ما يقدم على اتخاذه البعض ممن أوكلت إليهم مسؤولية تدبير الشأن العام من قرارات انفرادية وارتجالية أو ما يقدمونه من اقتراحات تكاد تكون أحيانا بدون جدوى، عندما تواجه البلاد أزمة ما سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية أو صحية وغيرها. وهو ما يؤكد أننا مازلنا بعيدين عن تحديد المعايير الموضوعية، التي من شأنها تيسير مأمورية انتقاء الشخص المناسب والمتوفر على الشروط اللازمة من حيث الكفاءة والاستحقاق والنزاهة لوضعه في المكان المناسب، حتى يمكن أن يساهم بفعالية في اجتراح الحلول المناسبة لمختلف المشاكل والأزمات.

فبعد الأزمة التعليمية التي أدت إلى شل مؤسسات التعليم العمومي لأزيد من ستة أسابيع متتالية، بسبب القرارات الهوجاء وغير المنصفة، ها هي بلادنا تمر بأزمة أخرى خانقة أكثر خطورة، جراء ما عرفته من موجة جفاف وقلة التساقطات المطرية خلال السنوات الأخيرة، وما ترتب عن ذلك من تراجع في نسب ملء السدود والمنشآت المائية بمختلف أحواض المملكة الشريفة. حيث كشف وزير التجهيز والماء والأمين العام لحزب "الميزان" نزار بركة أمام مجلس النواب في الأسبوع الأخير من السنة المنصرمة 2023 عن أرقام وإحصائيات مقلقة، إذ لا تتجاوز النسبة الحالية لملء السدود 24 في المائة بمختلف الأحواض، أي ما يعادل 3 مليار و750 مليون متر مكعب، علما أنها كانت تفوق 31 في المائة خلال نفس الفترة من السنة الماضية، مشددا على أنه لم يسبق لبلادنا أن عاشت جفافا بهذه الحدة التي تمتد لخمس سنوات متتالية، كما إن الشهور الثلاثة السابقة أبانت عن اتجاه البلاد نحو سنة أخرى جافة.

وهو ما جعل ذات المسؤول الحكومي يصرح كذلك بإمكانية انقطاع خدمات تزويد الساكنة بالماء الشروب والتقليص من صبيب المياه في ظل حالة الجفاف المستمرة التي تعيش على إيقاعها المملكة، مما أدى إلى إجهاد مائي متواصل وتراجع كبير في الواردات المائية بعدد من المدن المغربية، ويقتضي التعجيل باعتماد تدابير جديدة للحد من أزمة شح المياه، حيث سيكون من الضروري أن يعهد إلى اللجن الجهوية التي يترأسها الولاة والعمال مسؤولية تتبع وضعية المياه بشكل يومي.

فأمام هذا الوضع المقلق أبت الحكومة إلا أن تنكب على إعداد وتنزيل برنامج تدابير استباقية، تهم دعم تعبئة المياه الجوفية والربط بين المنظومات المائية والتدبير المندمج للموارد المائية، وخفض مستوى الهدر المائي، وذلك بغية تجاوز وضعية الإجهاد المائي وضمان الماء الشروب للمواطنين، حيث عملت على توقيع مجموعة من الاتفاقيات بين مختلف المتدخلين تخص الأحواض المائية في سائر الجهات، كما تخص أيضا الدعم الاستعجالي لتزويد العالم القروي بالحصة الكافية من الماء الصالح للشرب، فضلا عن عدة إجراءات أخرى، كالشروع في تحلية مياه البحر وإعادة استعمال المياه العادمة المعالجة...

وفي ذات السياق وعملا على ترشيد استهلاك الماء الصالح للشرب، وجه عبد الوافي لفتيت وزير الداخلية مراسلة رسمية إلى ولاة وعمال جهات المملكة يدعوهم من خلالها إلى "منع سقي جميع المناطق الخضراء والحدائق العامة، أو استخدام المياه في تنظيف الطرقات والساحات العمومية". الحرص على تقليص استخدام المياه في المسابح العمومية والخاصة وعدم استبدال مياهها أكثر من مرة واحدة في السنة، مشددا على تفادي استخدام المياه في الزراعات المستنزفة إلا بتنسيق مع وزارة الفلاحة والصيد البحري، وأن تعقد اجتماعات مع متعهدي توزيع المياه في الأسبوع الأول من كل شهر قصد وضع خرائط لاستهلاك المياه حسب المقاطعات، وتحديثها بانتظام لتسليط الضوء على المناطق الأكثر استهلاكا للمياه، استنادا إلى متوسط اللترات اليومية من المياه المستهلكة للفرد الواحد، دون إغفال الإشارة إلى إجراءات التوعية، بالارتكاز على الاتصالات المباشرة، وتوزيع الكتيبات والمنشورات وسواها.

إلى هنا لا يمكن إلا استحسان مثل هذه الإجراءات ولو أنها جاءت متأخرة نوعا ما، بهدف التصدي لتداعيات هذه الأزمة المائية الخطيرة، لكن الذي لفت انتباه الكثيرين، هو اتخاذ الولاة والعمال قرارا بإغلاق الحمامات العمومية خلال الثلاثة الأيام الأولى من كل أسبوع (الاثنين، الثلاثاء والأربعاء) ضمن قرارات أخرى صارمة، سعيا إلى ترشيد استهلاك المياه والحد من إهدارها. مما أدى بالكثير من الهنيين إلى التساؤل حول التدابير المزمع اتخاذها من قبل الحكومة لحمايتهم والتخفيف من الآثار الاقتصادية، معتبرين القرار جائرا ومتسرعا، خاصة أن السلطات لم تأخذ برأيهم وتشاورهم حتى يتم التوصل إلى حلول مرضية، تراعي مصلحة العاملين في القطاع وفق بيانات ودراسات موضوعية، لئلا يكون إغلاق الحمامات العمومية ذا تأثير سلبي على المجتمع والاقتصاد الوطني.

إن السلطات وهي تقدم على اتخاذ قرار إغلاق الحمامات التقليدية لمدة ثلاثة أيام متوالية في الأسبوع، عوض اعتماد إجراءات أخرى مثل تقليص ساعات العمل اليومي إلى جانب تكثيف حملات التحسيس والتوعية، لم تضع في الحسبان أن قطاع "الحمامات" يندرج في إطار الاقتصاد السوسيو اجتماعي، وأن لقرارها انعكاسات سلبية على آلاف المستخدمين، من حيث حرمانهم من مدخول يومي، سيؤثر لا محالة على قدرتهم الشرائية، بالإضافة أنه سيجعل المواطنين مضطرين إلى الاستحمام في بيوتهم، مما قد يضاعف من حجم استهلاك الماء والغاز، ولنا في أزمة "جائحة كوفيد -19" أفضل مثال على ذلك.

 

مجموع المشاهدات: 6901 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (9 تعليق)

1 | Lhoucine.ahd @gmail.com
ملاحظة
عليهم أن يعرفوا ان الاستهلاك سيزداد اكثر بفعل اللهطة والاكتظاظ الدي سيقع بفعل هدا الاغلاق وهدا يعتبر حل ترقيعي عليهم التفكير في الحلول الناجعة
مقبول مرفوض
4
2024/02/02 - 12:19
2 | Lhoucine.ahd @gmail.com
Remarque
Ce n'est pas une solution à cet effet là consommation va augmenter plus que la normale à mon avis trouver des solutions plus efficaces
مقبول مرفوض
1
2024/02/02 - 12:25
3 | Mohamed
أزمة الماء
انا من وجهة نظرى ارجو من الحكومة اغلاق الحمامات و محلات غسل سيارات ومقاهي والمسابح و منع دخول الى البحر فالعطلة الصيفية وترشيد استهلاك الماء والشركات و غيرها ومنع السقي في الارضي التي تنتج الفواكه بصفة نهائية وادا لزم الأمر قطع الماء علا جميع سكان بدون استثناء وتوفيره تلاتة ساعات في اليوم كافية وهدا رايي بختصار
مقبول مرفوض
-9
2024/02/02 - 12:33
4 | مغربي١٩٥٦
صلاة الاستسقاء
تطبيق زيادة مضاعفة في السعر على الأشطر كلما زاد الاستهلاك عن المستوى الطبيعي و أن تذهب هذه المداخيل الى صندوق الدولة للتضامن و ليس الى الشركات ليديك و ريضال و ما جاورهما كما أنه يجب إقامة صلاة الاستسقاء و أن يتقدم الى الصفوف الأمامية الأطفال و المرضى و كبار السن و العلماء الفقهاء
مقبول مرفوض
1
2024/02/02 - 04:49
5 | ولد البلاد المواطن
الترشيد بعدالة اجتماعية
لا جدال بأننا نعيش على وقع أزمة حادة في الماء، تستدعي الكثير من حس المسؤولية والمواطنة والتضامن وإبداع حلول،،، ولكن لماذا داءما تتخذ الإجراءات التي تمس بالفئات الاجتماعية الشعبية، الحمام حيوي لقطاع كبير من المغاربة النظافة، بالمقارنة الانطلاق من استهداف مثلا الزراعات التصديرة المستهلكة للمياه كلافاكادو، الفواكه الحمراء،،،، والتركيز على الحاجيات الوطنية اي الخضر والقطاني وووو التي اصبح ثمنها لاسعا، نار،،،،، وتبقى رحمة الله واسعة اللهم اسقينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين
مقبول مرفوض
1
2024/02/02 - 08:52
6 | مغربي
غريب
الإقتصاد في إستهلاك الماء أمر محمود و مرغوب فيه و مأمور به أيضا في ديننا الحنيف حتى و لو كانت السنة ممطرة جدا. فيما يخص الحمامات و محلات غسل السيارات فلا أعتبرها سببا أساسيا في تبذير الماء سيما أن الماء المستهلك سرعان ما يعود لدورته العادية و هي الوديان. سوء أستعمال الماء في ميدان الفلاحة هو السبب الرئيسي لتبذير الماء و هذا هو مربط الفرس و فيه يجب التدخل لإقتصاد الماء.
مقبول مرفوض
0
2024/02/02 - 09:41
7 | م ب
توعية
اغلاق الحمامات وأماكن غسل السيارات لثلاثة أيام في نظري ليس حلا ناجعا . وعلى الدولة تحسيس المواطنين بالمشاكل المرتبطة بالماء وتوعيتهم عبر التلفاز ووسائل التواصل الاجتماعي وتحديد كمية الماء الكافية لكل شخص ليستحم في سطرين للرجال وثلاثة للنساء .
مقبول مرفوض
0
2024/02/03 - 08:47
8 | قرار صائب
اللهم إسقي عبادك وبهيمتك وأنشر رحمتك وإحيي بلدك الميت
يعتبر هدا القرار صائبا لعدة أسباب ليعرف البعض القيمة الحقيقية لهذه النعمة التي أنعمها الله علينا وإلا سيكون مٱلنا إلى كارثة فلا يعقل أن بعض الناس في الحمامات كيخلص 10 دراهم وكيدور بيه10سطولةويبدأ في تبدير بلا مبالاة ، أو أن بعض النساء تبغي تغسل كاس ولا سليب ولدها تخوي 50 ليترو بلا وعي وتقدير لهده النعمة التي يعاني بعض السكان والدواوير من نذرة وتهديد العطش نسأل الله العفو والعافية وأخيرا في هده الضروف العصيبة واللجوء إلى الله بالدعوات الخالصة لينعم الله عنا بنعمة المطر.
مقبول مرفوض
0
2024/02/03 - 09:04
9 | I can't talk
رشيد
قرار صائب إدا كان سيطبق على الكل فلا يعقل أن بعض الدواوير والقرى النائية تعيش جفافا ونذرة في المياه ومع ذلك يلجأبعض المستثمرين الفلاحيين الكبار إلى زراعة بعض الفواكه و الخضر التي تتطلب الكتير من المياه كالأفوكادو و الطماطم ......، ولا يبالون بمعاناة السكان والدواوير بشح في المياه ، بينما قرار إغلاق الحمامات ومحلاة غسل السياراة يعتبر صائبا لأن بعض الناس كيخلص 10 دهم ومضور بيه 20 سطل ، كما أن الناس عليهم الوعي بهده النعمة فيلجؤ بعض الناس إلى التبدير في بدون مبالاة .
مقبول مرفوض
0
2024/02/03 - 09:24
المجموع: 9 | عرض: 1 - 9

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة