أخبارنا المغربية ـ ع.أبو الفتوح
في تفاعل مع الرسالة الملكية الأخيرة التي دعا فيها الملك محمد السادس إلى عدم ذبح أضاحي العيد هذه السنة، نشر الوزير السابق المصطفى الرميد تدوينة مطولة على صفحته الرسمية بموقع "فيسبوك"، أكد فيها أن هذه الدعوة جاءت بعد تمحيص دقيق ومراعاة للمصلحة العامة في ظل الظروف الراهنة.
وأوضح الرميد أن الدعوة الملكية لا تتعارض مع الدين، كون الأضحية سنة مؤكدة وليست فرضا، مشددا على أن الملك، بصفته أمير المؤمنين، لا يمكن أن يُقدم على خطوة كهذه إلا بعد استشارة العلماء وتقييم دقيق للوضع العام، خاصة مع توالي سنوات الجفاف والنقص الكبير في أعداد الماشية.
وأشار إلى أن الأثمان الباهظة التي بلغها سعر اللحم في الآونة الأخيرة، والتي وصلت إلى 150 درهما للكيلوغرام، كانت مرشحة للارتفاع أكثر لو استمرت العادة في شراء الأضاحي بشكل جماعي، ما كان سيؤدي إلى مزيد من المعاناة للفئات الهشة وذوي الدخل المحدود، خصوصا العائلات التي لديها أطفال صغار.
الرميد لم يتوقف عند الجوانب الاقتصادية، بل لفت إلى البُعد الاجتماعي والروحي للدعوة، معتبرا أن مخالفة التوجيه الملكي لا تمثل عبادة حقيقية، بل تحولت عند البعض إلى "عادة" قد تُسبب الأذى للغير، في إشارة إلى من وصفهم بـ"عباد الدوارة"، الذين يُصرّون على الذبح رغم كل الظروف.
وتابع الوزير السابق قائلا: "من يذبح في هذه الظروف، ليس فقط يخالف التوجيه الرسمي والديني، بل يؤذي جيرانه، ويُظهر تدينا مغشوشا"، مضيفا أن من يفعل ذلك بحاجة إلى "علاج روحي"، بحسب تعبيره.
وخلص الرميد إلى أن احترام القرار الملكي واجب وطني وديني، مؤكدا أن الدولة ستحرص على الحفاظ على أجواء العيد، باستثناء الذبح الذي سينوب فيه أمير المؤمنين عن الشعب المغربي لهذا العام.
في ما يلي النص الكامل لتدوينة الرميد:
السلام عليكم
من المؤكد ان الملك امير المؤمنين،( المقلد بالامانة العظمى، والمطوق بالبيعة الوثقى، على توفير كل مايلزم لشعبه الوفي للقيام بشروط الدين ، فرائضه وسننه ، عباداته ومعاملاته) كما جاء في رسالته الموجهة الى الشعب بتاريخ26فبراير2025، لم يقدم على دعوة شعبه الى عدم القيام بشعيرة اضحية العيد لهذه السنة، الا بعد تفكير ملي ، وتردد جلي، واستشارة واسعة.
ذلك انه يعرف حق المعرفة، ان الامر يتعلق بشعيرة مستحبة، اصبحت مع مرور الزمان عادة متمكنة مستحكمة، ويعرف ان هذه الدعوة بقدر ماسيتسحسنها الكثيرون، سيقول بشانهاالبعض ماسيقولون !!!.
لكن واجب رفع الحرج عن الناس ، ودفع الضرر عنهم، من منطلق ماتقرره الشريعة الغراء، من واجب جلب المصالح وتكثيرها، ودرء المفاسد وتقليلها، امتثالا لقول الله تعالى( وماجعل عليكم في الدين من حرج)، دفعه الى دعوة شعبه الى مادعاه اليه.
ومن المعلوم ،ان توالي سنوات الجفاف على المغرب، ادى الى نقصان كبير في اعداد قطيع الماشية ، مما ادى الى ارتفاع اثمان اللحوم.
ومن المعلوم ايضا، ان الحكومة فشلت في السنة الماضية في توفير الاضاحي لتخفيف ازمة غلائها، مع كل الدعم المالي الكبير،الذي استفادت منه القلة القلية بدون عائد واضح على اثمانها.
ومعلوم انه لو لم يقدم الملك على ما اقدم عليه من الدعوة الى عدم الاقدام على شعيرة الذبح يوم العيد، لتسابق الناس في شراء الاكباش، ولتفاحشت اثمانها، ولتضرر الفقراء والمساكين، وتقلبوا في مضاجعهم حسرة والما ،خاصة منهم ذووا الابناء الصغار.
ومن المعلوم ايضا ،ان عدد رؤوس الماشية التي تذبح يوم العيد، تتراوح بين خمسة الى ستة ملايين راسا من الغنم.
ولنا ان نتصور المستوىالذي كان سيؤول اليه ثمن اللحم بعد عيد الاضحى، وهو الذي كان قد بلغ مائة وخمسين درهما للكيلو الواحد،قبل يوم26 فبراير ، تاريخ الرسالة الملكية!!!.
ان من واجب الملك ان يقدر المصلحة العامة للناس، بقدر تقدير الناس لمصالحهم الخاصة. لذلك ، فان المصلحة العامة اقتضت حتما ان يقوم الملك بمباذرته المذكورة، دفعا للضرر المحقق الذي كان سيلحق بفئات كبيرة من الشعب، لاسيما ذوي الدخل المحدود.
ولقد قرر فقهاؤنا ان الحاجة العامة تنزل منزلة الضرورة الخاصة، وكما يقرر الناس في شان ضروراتهم الخاصة، بعد استفتاء العلماء، فان من واجب ملك البلاد ان يقرر بشان الحاجة العامة التي تهم البلاد والعباد، بعد استحضار معطيات التراجع الواضح في اعداد قطيع الماشية ، واستيفاء الراي الشرعي اللازم في مثل هذه الاحوال.
لذلك، فان من واجب الناس ، كل الناس ، احترام التوجيه الملكي، خاصة وان الدولة حريصة على الحرص على استيفاء كل سنن العيد ومظاهره، ماعدا الذبح الذي سينوب بشانه الملك امير المؤمنين عن كافة المواطنين.
وعلى الغلاة المتنطعين، الذين يلبس عليهم الشيطان في مثل هذه الاحوال...
كما على عباد( الدوارة)، الذين يذبحون على سبيل العادة لا العبادة، ان يعلموا ان الذبح يوم العيد على خلاف عموم الناس، هو الحاق الاذى بالجيران، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من كان يؤمن بالله واليوم الاخر، فلا يؤذ جاره) . وليس هناك من اذى للجار يوم العيد اعظم من ان يسمع ابناءه اصوات الشياه،او يشمون روائح الشواء، في محيطهم، ولدى جيرانهم.
وليعلم من يقدم على الذبح في هذه الظروف، انه مواطن سيء، وان تدينه مغشوش، بل ،انه مريض يحتاج الى علاج ، شفاه الله وغفر له.

عبده
هو عالى حق
السيد الرميد عندو الحق..الجار الصالح هو الذي يراعي حق الجوار. و المواطن الصالح هو من يراعي حق الوطن..