أخبارنا المغربية
أخبارنا المغربية - عبد الرحيم القــاسمي
في حدثٍ نادِر قلَّ نظيرُه في عالم اليوم الذي تهُـز أركانه ،بين الفينة والأخرى ،قضايا فساد أطرافها أناس أوكلت لهمُ مسؤولية إدارة أمور الناس، فإذا بهم يخونون الأمانة ويغتنون بغير وجه حقٍ. في حدثٍ بالغِ المعنى والدلالة، أقدم السيد محمد المنصف المرزوقي رئيس تونس السابق على خُطوة أقل ما يُمكن القول عنها أنها "مُباركة" تنِمُّ عن "تزهد" الرجل، على الأقل، في كلِّ ما لهُ ارتباط بالماديات وحياة البذخ والترفِ.
فبعد أن سلَّم مقاليد السلطة لخلفه الباجي قائد السبسي، وقبل مُغادرته قصر قرطاج ،كان آخر قرار وقّع عليه المرزوقي هُو تنازله للدولة عن جميع الهدايا والتذكارات الثمينة التي تلقاها من رؤساء وملوك العالم ؛وهي بالمُناسبة هدايا شخصية تعُود ملكيتها له ولأفراد أسرته الصغيرة. فأين هم المسؤولين على كثرتهم من هذا التصرُّف "الراقي" ،ممن يُجفف منابع وزارته قبل خروجه ؟ أو من يُوظف أقاربه قبل مُغادرته ؟ أو من يترك مكاتب وصناديق في وضعية شبه مُعاقة بعد إختلاس أموالها ؟ فبالأحرى أن يُعطي من مال جيبه !!
لقد قال المرزوقي قولاً "حكيماً" ،نحسبهُ ،قُبيل مُغادرته قصر الرئاسة ،قـال: "اعترافا مني بفضل هذا الشعب العظيم الذي منحني شرف تولي مهمة رئاسة الجمهورية خلال الفترة الانتقالية التي شهدت خُصوصا إرساء دستور جديد فإني أتنازل عن جميع المنقولات الواردة في القائمة الجاري ضبطها لفائدة الدولة التونسية تنازلا صريحا ناجزا لا رجعة فيه" ؛ وأضاف "منقولات من مُختلف الأنواع أهديت الي شخصيا والى افرادعائلتي".
وبعد أن حياهُ الرئيسُ الجديدُ لتونس ،غادر محمد المنصف المرزوقي قصر قرطاج مرفوع الهامة يمشي تحت تصفيق الكثيرين تقديراً واحتراماً لمواقف الرجل النبيلة؛ فهل سيستفيدُ مسؤولينا من الدرس البليغِ أم أنهم في حاجة إلى الدَّعم ؟

