أخبارنا المغربية- عبد المومن حاج علي
صادق الكنيست الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، على مشروع قانون يقضي بإحداث يوم وطني خاص لتكريم اليهود المغاربة الذين هاجروا إلى إسرائيل، واستحضار ذكرى أولئك الذين فقدوا حياتهم خلال مسار الهجرة، في خطوة تحمل أبعادا تاريخية ورمزية متشابكة، وتعيد إلى الواجهة أحد أكثر فصول الهجرة اليهودية من شمال إفريقيا تعقيدا وحساسية.
وعقب المصادقة، اعتبر رئيس حزب “شاس” وعضو الكنيست الحاخام آرييه ديري أن هذا القانون يشكل “إغلاقا لدائرة تاريخية تخص المجتمع المغربي المجيد”، مشددا على أن الوقت قد حان لكي تعترف دولة إسرائيل بتضحيات الآباء والأجداد الذين غادروا المغرب في ظروف صعبة، وتمسكوا بتقاليدهم وإرثهم الثقافي والديني، حيث أن ديري، المزداد بمدينة مكناس شمال المغرب، كان قد هاجر رفقة أسرته إلى إسرائيل سنة 1968، ويعد من أبرز الوجوه السياسية الإسرائيلية المنحدرة من أصول مغربية.
وسيتم تخليد هذا اليوم في الثالث والعشرين من شهر طيفيت وفق التقويم العبري، وهو تاريخ يوافق ذكرى حادثة غرق سفينة “إيغوز”، التي كانت تقل 44 يهوديا مغربيا في رحلة هجرة سرية نظمها جهاز الاستخبارات الإسرائيلي “الموساد”، في فترة لم تكن فيها السلطات المغربية تسمح بالهجرة إلى إسرائيل، حيث تعرضت السفينة، يوم 10 يناير 1961، لأمواج عاتية قبالة السواحل المغربية، ما أدى إلى تصدع هيكلها وغرقها بالكامل، ومصرع جميع من كانوا على متنها، بينما لم يعثر سوى على 22 جثة، جرى دفنها بالقدس.
وينص القانون الجديد على إدماج التراث اليهودي المغربي ضمن المناهج التعليمية في المدارس الإسرائيلية، إلى جانب تنظيم جلسة خاصة سنويا داخل الكنيست لإحياء هذه الذكرى، في محاولة لإعادة الاعتبار للبعد الثقافي والتاريخي لليهود القادمين من المغرب، الذين يشكلون إحدى أكبر المكونات داخل المجتمع الإسرائيلي.
وتشير المعطيات الرسمية إلى أن عدد الإسرائيليين من أصول مغربية، أو المنحدرين من المغرب، يناهز مليون شخص، في حين لا يزال يقيم بالمغرب حوالي ثلاثة آلاف يهودي، في إطار تعايش تاريخي ظل، على امتداد قرون، سمة مميزة للمجتمع المغربي.
ويأتي هذا التطور في سياق العلاقات المغربية الإسرائيلية التي عرفت منعطفا بارزا منذ دجنبر 2020، عقب الإعلان عن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في إطار “اتفاقيات أبراهام” التي رعتها الولايات المتحدة، حيث ومنذ ذلك الحين، شهدت حركة التنقل والتبادل ارتفاعا ملحوظا، إذ أفادت وزارة الشؤون الخارجية المغربية بأن الإسرائيليين شكلوا، خلال سنة 2024، أكثر من 55 في المائة من مجموع طلبات التأشيرة الإلكترونية المقدمة إلى المغرب، ما جعل إسرائيل في صدارة الدول من حيث عدد هذه الطلبات.
وفي سياق أوسع، تندرج هذه الخطوة ضمن مسار تاريخي شهد، ما بين 1948 و1972، إعادة توطين نحو 586 ألف يهودي قادمين من دول عربية بشمال إفريقيا وآسيا داخل إسرائيل، فيما هاجر حوالي 200 ألف آخرين إلى أمريكا الشمالية وأوروبا، وكان جزء كبير من هؤلاء يعيش أوضاعا مادية صعبة، خاصة بعد مصادرة ممتلكاتهم في البلدان التي غادروها، وهو ما جعل ملف الهجرة والذاكرة الجماعية لليهود الشرقيين موضوعا حاضرا بقوة في النقاش السياسي والتاريخي داخل إسرائيل إلى اليوم.
