اختصاصي يحذر: أدوية منتشرة في مواقع التواصل قد تدمّر الحياة الجنسية للرجل

المغربي جلال جيد حكما لمباراة أوغندا وتنزانيا بملعب المدينة

موتسيبي حاضر ملعب المدينة لمتابعة مباراة أوغندا وتنزانيا

حضور جماهيري في مباراة أوغندا وتنزانيا بملعب المدينة بالرباط

أمطار الخير تتساقط على منطقة أمسكرود ضواحي أكادير وتنعش الفرشة المائية

الصحفي التونسي صاحب تصريح "الضو مكاينش" ناشط مع الجماهير التونسية في فاس

لا تجعلوا من الزفزافي معركة "مطار بغداد" جديدة

لا تجعلوا من الزفزافي معركة "مطار بغداد" جديدة

ابراهيم حياني التزروتي

 

غداة الغزو الأمريكي للعراق في مارس من عام 2003، كان مبدئيا سقوط العاصمة بغداد هو معركة الحسم الأخير الآذنة بسقوط النظام وانهياره، لكن الذي حصل هو أنه تم توجيه كل وسائل الإعلام بطريقة غريبة نحو معركة هامشية وتم جعلها هي معركة الخلاص والحسم بدل العاصمة نفسها وهي معركة مطار بغداد التي وقعت في 19 مارس من نفس العام، فكان انه تم شحن وتهيئ الرأي العام المحلي والإقليمي والعالمي ومعه كل المتتبعين بشكل نفساني على أنها المعركة الفارقة والحاسمة في الحرب، رغم أنها على ارض الواقع تعتبر معركة هامشية وثانوية حتى وان كان الأمر يتعلق بمطار العاصمة وهو المطار الرئيسي في البلد، وهو ما حذا بالجميع للترقب وأصبحت كل وسائل الإعلام متوجهة الأنظار نحو هذه المعركة وأصبحت التغطية على الميدان وعلى مدار الساعة، لكن الذي حدث هو انه بمجرد سقوط المطار على يد القوات الأمريكية انهارت معه تلقائيا باقي الجبهات الأخرى، وبذلك سقطت المقاومة والجيش العراقي في معركة التمويه والتضليل الإعلامي الذي ساهمت في بشكل كبير حتى القنوات الداعمة والقريبة من المقاومة خاصة قناة الجزيرة القطرية الواجهة الإعلامية الرئيسية والمصدر الأول للخبر و التي بسبب ذلك اتهمت مباشرة بالتواطؤ في العملية رغم ما كانت تقدمه من قبل من خدمات إعلامية للمقاومة.

 

استحضار هذا المثال كان لابد منه في المعركة نحو الكرامة والمطالب الاجتماعية المشروعة التي يخوضها حاليا السكان في منطقة الريف بالشمال ومعهم فئات واسعة من الرأي العام الوطني الداعم لهم، حيث لوحظ أن هناك عملية تمويه وتم توجيه إعلامية أقرب إلى التضليل نحو معركة هامشية وثانوية، ويتم التعامل معها على أنها الحسم الأخير والمعركة الكبرى التي فيها نكون أو لا نكون، حيث بقدرة قادر أصبح الزفزافي هو الحراك والحراك هو الزفزافي، وأصبح على أساسه يتم القياس والتصنيف والحكم عليه وبالتالي أخذ موقف معين منه.

 

فالخطورة الشديدة لهذا الأمر هو انه بمجرد ما يتم حسمها فعلا بأي شكل من الأشكال تنهار باقي الجبهات الأخرى وينتهي كل ما تم بناؤه كقطع الدومينو الواحد تلو الأخرى، والمصيبة أن أكبر من يتواطئ في عملية الخداع الكبير تلك بوعي أو بدون وعي هي نفسها تلك المنابر والمؤسسات التي تخال نفسها أنها تدعم الحراك، تماما كما وقع مع قناة الجزيرة سنة 2003 في العراق.

 

فالزفزافي لا يجب أن يكون هو المعركة الرئيسية بل يجب الإبقاء والتركيز على الهدف والمطالب الحقيقية، ويجب الحرص والانتباه دون الانجرار نحو هدف غير الهدف الأساسي، إذ حذاري أن يتم تجسيد حراك كامل في شخص أو جماعة فالأشخاص مهما كان يبقون أشخاص وبألف طريقة يمكن إغرائهم أو إرهابهم أو ابتزاهم أو القيام معهم يمكن بين ليلة وضحاها أن يتحولوا إلى أشخاص آخرين دون أن يفهم أي أحد آخر ما الذي وقع بالضبط أو كيف، والتاريخ والتجربة بين ذات مرة صحة هذه الهواجس.

 

النظام اليوم حصل على هدية لم يكن يحلم بها سابقا، وكم كانت السلطة تنتظرها بأحر من الجمر لتتخذها ذريعة لنزع هذا الضرس الذي طال صداعه، حيث أصبح بإمكانها استغلاله إلى جانب الأخطاء الكثيرة الأخرى التي سقط فيها نشطاء الحراك (والتي لا نستطيع لومهم عليها بأية حال) على رأسهم الزفزافي للبدء في عملها المعتاد والذي لن يخلوا حتما من قمع وتعنيف وشطط، هذا دون الحديث عن باقي الأعمال القذرة الأخرى المألوفة عنها في مثل هذه الحالات.

 

فبدءا من الخطأ الكبير في تجسيد كامل الحراك في شخص الزفزافي، ثم خطأ تحدي الدولة والسعي لإبراز واستعراض لعضلات القوة في عملية تحدي واصطدام مجاني معها، وانتهاء بما نعتقده الخطأ الكبير اليوم باقتحام مسجد بدعوة أن الإمام كان مسخرا وأن خطبته للجمعة تضرب الحراك وضدا فيه، ثم الخطأ الأكبر الذي هو الوقوع في فخ الاصطدام واللجوء للعنف مع القوات العمومية، حيث شكل ذلك أكبر هدية للنظام لتوظيف واستخدام العنف المضاد وسيسعى لاظهار الأمر وكأنه دفاع عن النفس.

 

عامل ضعف التجربة السياسية لدى النشطاء وعدم المعرفة والدراية العميقة والكافية بآليات وطرق اشتغال المنظومة وصنع القرار السياسي كان لهما تأثير كبير في مسار الحراك وقد يجعل تكلفة الحل أكبر مع مرور الوقت، فاللاواقعية في خطاب النشطاء في بعض الأحيان وعدم التعامل مع المعطيات بمنطق الأمر الواقع، كل هذه الأخطاء انعكست بالسلب على الحراك ويمكن أن تؤدي لا سمح الله إلى إنهائه دون تحقيق أهدافه الرئيسية أو أن الثمن سيكون أغلى على الأقل مما كان يتصور.

 

قد نتفهم إلى حد كبير فقدان الثقة بشكل تام في المسؤولين الذين يمثلون المؤسسات والذي بسببهم تم رفض أي محاولة للحوار معهم أصلا، وقد نتفهم أيضا رفع سقف المطالب عاليا من قبل النشطاء نحو مطالب وقضايا قد تبدوا لدى الكثيرين تعجيزية، فهذا كله نابع من اليأس التام من أي إصلاح مع هؤلاء، لكن أيضا يجب أن نستحضر عامل مهم وهو أننا أمام نظام سياسي ومنظومة متغلغلة داخل المجتمع بأسره لا يمكن تغييرها بشكل جذري بين ليلة وضحاها كما أنه لا يجب أن نلوم هؤلاء دون الكثير من المتواطئين معهم من داخل الشعب نفسه.

 

لذلك فمهما كان الدولة تبقى الدولة ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تمس هيبتها، بل لا يجب أن نجعل المشكلة أصلا مع الدولة لكن هي مع المسؤولين الفاسدين داخلها، فالمؤسسات تبقى مؤسسات لكن الأشخاص الذين يديرونها هم من يحددون طبيعة وشكل العمل والخدمات التي تقدمها للمواطن، لذلك فليس من العقلاني استعداء الدولة وجعل المعركة معها كمؤسسة، فالإشكال فقط في من يديرون هاته الأخير، فالدولة هي للمواطن

 

ومن مصلحة المواطن أن تبقى المؤسسات قائما دائما وتعمل بكامل طاقتها لأن أي شيء غير ذلك يعني ببساطة انهيار الدولة.

 

ما حدث اليوم يشكل منعطف حاسم في مسار الحراك، لكن يجب الانتباه دوما لعناصر ونقط القوة في الحراك من التي لا يجب التنازل عنها، فضبط النفس، والحفاظ على الشكل السلمي، والإبقاء على المطالب الاجتماعية الصرفة مع اللعب على عنصر النفس الطويل الذي يعد العنصر الأبرز في كل العملية، كلها عناصر وأوراق ردع وتوازن لا يجب بأي حال من الأحوال التخلي عنها، ولا يجب مهما كان أو يكن السقوط في فخ وشراك الاستفزاز والجنوح نحو العنف الذي يسعى النظام لجر النشطاء نحوه، كما يجب الحذر كل الحذر من التعاطي الإعلامي الذي يعد سيف ذو حدين، لذلك فالمطلوب الآن هو التركيز على الأهداف الأساسية التي من أجلها اندلع الحراك ولا يجب السماح لأي عامل آخر التشويش عليها.


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات