مخرجات اجتماع المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار بمدينة طنجة

الدار البيضاء في أجواء الكان: استعدادات لاحتضان الحدث القاري قبل يومين من الانطلاق

"دار ثقافة الزرابي".. فضاء ثقافي يغني العرض السياحي بمراكش

وصول بعثة المنتخب الجزائري إلى مقر إقامتها بالرباط استعدادًا للمشاركة في كأس الأمم الإفريقية

قبل الكان بيومين… كاميرات مراقبة متطورة تُؤمّن أزقة المدينة القديمة بالدار البيضاء

السلطات تتحرك لفك العزلة وضمان الخدمات الأساسية في إقليم ميدلت

دفاعا عن فن الغناء

دفاعا عن فن الغناء

ابراهيم أقنسوس



ابراهيم أقنسوس

فن الغناء إبداع راق ، يخاطب فينا أشواق الحق ، والخير ، والجمال ، ويدعو أذواقنا إلى

 

قضاء لحظات رحيمة ، نهدهد فيها قيم الروح ، ونغذي فيها تجاويفنا العميقة ، لنخرج بعدها

 

وقد ازددنا عافية ، وارتوينا محبة ، وتجددت منا الفضيلة . هدا هو المنتظر ، وهدا هو

 

المطلوب ، وهده هي الغاية ، من طلب الترنم بلحن عذب ، وكلمة راقية ، وأداء رفيع .

 

يدخل علماؤنا الإنصات إلى فن الغناء ، ضمن المباحات التي يجوز أن يطلبها الإنسان ،

 

بحثا عن حقه في إراحة بدنه ، وسريرته ، وتحقيقا لحاجته إلى التأمل في نفسه ، وفي

 

العالم ، مما يمكنه من استعادة توازنه ، وتجديد نشاطه ، وحشد عزيمته ، لمواجهة الحياة

 

بمجرياتها ، وخطوبها المتلاحقة .

 

إن فن الغناء ليس دغدغة للمشاعر بلا معنى يطلب ، ولا غاية ترجى ، وليس أي كلام يقال ،

 

ولا أي لحن يرسل ، ولا أي أداء يلقى في آذان الناس ، وعلى مسامعهم . أعمال العقلاء

 

منزهة عن العبث ، وعن الابتذال ، وعن الإسفاف ، وفن الغناء من أعمال العقلاء ، ومن

 

مشاغل الحكماء ، نظر له الفلاسفة و الأدباء ، ولكن أي غناء ، هده هي القضية ، وهنا مربط

 

الفرس كما يقال . ليس الغناء تبذيرا للمال والوقت ، مال البلاد والعباد ، ووقت البلاد والعباد،

 

بلا غايات راقية ترجى وتطلب . إن فن الغناء يأتي لغرض التغني، في سبيل إشباع نهم

 

الروح لمعانقة المعاني البعيدة ، وملامسة الإيحاءات الراقية ، الغائرة في تجاويف الآدميين

 

و الآدميات ، فيتحقق الطرب البديع، ومعه الرقي الجميل . كل هدا الفيض السامق البهي

 

يتلاشى ويضيع، حينما يأتي الجسد العاري ليختزل فن الغناء في هيكل من لحم ينقصه

 

الحياء ، كل هدا التشوف و العمق يرتفع ، حين يتحول فن الغناء إلى جسد أنثوي ، أو ذكوري

 

يتمايل ، ثم يتمايل وكأنه يبحث عن تعويض لما لا يقبل التعويض . انه من الصعب محاورة

 

المعاني عبر الكلام المغنى ، وانه من الأصعب محادثة الأعماق عبر رسول اللحن البديع ،

 

والأداء الرفيع ، انه فن الغناء ، حين يكون فنا للغناء ، يطرب الأذواق ، ويأسرها ليرقيها

 

عاليا ، عاليا ، عاليا .

 

كم هو قبيح و مؤسف ، أن يختزل كل هدا العمق ، في مجرد جسد عار ، أمام الناس ،

 

يقول أي شيء ، ويقبل منه أي شيء ، فقط ، لأنه جسد قد تعرى . كم هو مؤلم كل هدا

 

الإسفاف ، في حق فن هو الغناء . نعم للجسد لغة ، ولغة الجسد ثقافة ، والإنسان كائن

 

قد يعبر بجسده و بحركاته ، أكثر مما يعبر بلسانه ، نعم للجسد لغة ، لغة تتعلم وتصقل ،

 

وهي ليست سهلة على كل حال ، ليست ظهورا أمام الناس بملابس كاشفة ، أو بلا ملابس،

 

فقط بلا ملابس . إن فن الغناء هو فن للغناء ، للكلمة  الراقية البانية ، وللحن المبدع الجميل،

 

وللأداء المؤثر والرفيع . يا أهل فن الغناء ، أطربونا و ارقونا ، أطربونا و ارفعونا عاليا ،

 

عاليا ، حتى نكون أهلا لتاريخ ، وعراقة ، وفنون هدا البلد . 

 

 


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات