محمد ادالطالب
الاثنين 25 مارس من عام 2019، وقع الرئيس الأمريكي المسمى دونالد ترامب قرارا ينص على ضم الجولان السوري المحتل إلى الكيان الصهيوني، تحت مبرر حماية أمن إسرائيل من خطر أن يصير هذا المجال الجغرافي أرضية استراتيجية لبناء قواعد لحزب الله اللبناني، يستعملها لشن هجمات على إسرائيل، في أية مواجهة محتملة بين الجانبين.
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وصف القرار بأنه "عدالة تاريخية" وبأنه "نصر ديبلوماسي". أما مايك بنس نائب الرئيس الأمريكي ترامب فقد قال إن واشنطن ملتزمة بأمن وسلامة إسرئيل، مؤكدا على أن الرئيس ترامب قدم لإسرائيل ما لم يقدمه أي رئيس أمريكي آخر، خاصة عندما نقل سفارة بلاده في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس في ماي 2018.
ومن المنتظر أن يصادق الرئيس دونالد ترامب، يوم الاثنين المقبل بشكل رسمي على القرار الذي بموجبه، سيصبح الجولان تحت السيادة الإسرائيلية.
والحق أن هذه التفاصيل والحيثيات التي تحيط بالموضوع لا تهمنا كثيرا، فلعل هذا من عمل الصحفيين والإعلاميين، لكن فقط من أجل وضع القارئ الكريم في سياق الموضوع. وبالتالي فنحن لن نخوض أكثر من هذا في هذه التفاصيل، فالهم الأكبر بالنسبة لنا كمهتمين بالشأن العربي، هو فقط فهم الكثير من القضايا العربية واتخاذ مواقف معينة منها.
فبداية لابد من الإشارة إلى أن تخاذل المواقف الرسمية إزاء الكثير من القضايا العربية المصيرية، وفي طليعتها قرار ترامب الذي يقضي بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والذي لم يشهد أي رد فعل عربي حقيقي من طرف الجهات الرسمية، اللهم إلا بعض المواقف المتخاذلة هنا وهناك، والتي لا تعدو أن تكون في أحسن الأحوال تجميلا للصورة المضببة لبعض حكام هذه الأمة المباركة من البحر إلى البحر، هو ما شجع ترامب، حسب كثيرين، على اتخاذ هذه الخطوة الجريئة والمستفزة لضم الجولان السوري المحتل منذ النكسة عام 1967، إلى الأراضي الإسرائيلية. بل إن بعض الذين يفترض فيهم الدفاع عن
قضايا الأمة، وإعلائها لتكون فوق المساومات وفوق كل الاعتبارات، هم من أفرشوا الأرض بالورود، إرضاء لترامب وأمثاله.
وقد لا يكون للمبالغة أي نصيب يذكر، إذا قلنا بإن ترامب لا يقيم أي وزن للعرب حكاما ومحكومين. أما الشعوب، فقابعة تحت وطأة الاستبداد، والجهل والذل، راضية بهذا الواقع المر، تفعل فيها الإشاعة والتفاهة والرداءة أفاعيلها. تنتفض أحيانا في وجه الطغيان، لكنها تلتزم الصمت في أحايين كثيرة. أما الحكام، فيرعون مصالحهم الخبيثة، وهم مستعدون لفعل كل شيء في سبيل حماية كراسيهم القذرة.
تأسيسا على ما سبق، لابد من التأكيد على أن الجولان السوري المحتل هو جزء لا يتجزأ عن الأراضي السورية بغض النظر عن الظروف التي تمر بها منذ ما يقرب من ثمان سنوات، كمت تؤكد كل القرارات الدولية والأممية. كما أن أي خطوة في الاتجاه المعاكس لهذه القرارات، لابد أن تجابه بالاستنكار والرفض غير المشروطين، وأن أي تساهل من أي أحد كان، سيظل وصمة عار، وموقفا لا يمكن القبول به تحت أية مسوغات.
