غضب جماهيري تونسي بعد التعادل أمام تنزانيا: منتخب ضعيف بلا روح وأداء مخيب

وسط أجواء قاسية.. السلطات المحلية بتزي نغشو تواصل فتح الطرق المقطوعة بسبب الثلوج بإقليم ميدلت

مغاربة يدعمون المنتخب التونسي أمام تنزانيا في أجواء أخوية بالملعب الأولمبي بالرباط

الركراكي يؤكد: أمرابط عنصر أساسي ونحتاجه في قادم المباريات

الركراكي: المغربي ممكن يتقلق عليك فالصباح، ولكن فالليل يوقف معاك ويعرض عليك

رغم الفوز أمام زامبيا.. لاعبو المنتخب المغربي يرفضون تقديم التصريحات للمنابر الإعلامية

سكيزوفرينيا رمضان والوطن

سكيزوفرينيا  رمضان والوطن

منصف الإدريسي الخمليشي

جو مستقر  , الهدوء يعم  المدينة  ,كانت ليلة الثلاثاء , أمة المختار تنتظر موعد إعلان أول أيام الشهر الكريم , أعلنت أن الغد فاتح رمضان , في مدينة هادئة , عائلة لا تهتم لشؤون غير الدينية , رجل أربعيني يشتغل كخباز بفرن تقليدي , عامل بسيط , و الصيام يغلبه و مع ذلك يصبر كأيوب النبي , صاحب الفرن يدخل ليكتشف الآخر في فترة راحة لبضع وقت , بعد عمل شاق دام لسبعة ساعات أمام النار و الحطب , صرخ  " السيد المحجوب " في وجه عامله البسيط الذي يلبي كل طلباته , و مع ذلك ظل صامد , لا يقوى على الكلام و لا على الرد , نظرا لسن الرجل الكبير , كما أن الرجل يدخن , و ربما بسبب الانقطاع عن السيجارة  بحكم الصيام هو الذي جعله يتصرف مع  " مولاي أحمد " هكذا .

و ها هو   " مولاي  أحمد " رفقة عائلته المحافظة على مائدة الإفطار , " ليلى "  الطفلة الصغيرة  لهذه العائلة , تبلغ أربعة سنوات , رغبة منها صامت , و كعادة الأسر المغربية  يستقبلون و يشجعون كل من صام , فكان الأب أسعد ببنته الطفلة التي صامت , آذان الصلاة , الكل يأكل , يشرب , إلا  " مولاي أحمد " كان شق ثمرة كاف , ليلتحق هو و ابنيه  " جليل و عبد النور "  للمسجد , و كأنه شبه فارغ عند صلاة المغرب , الإمام و كأنه يصارع جبروت إسرائيل , صلاة المغرب كلها في أقل من دقيقتين , يسرع , يسارع , انتهت الصلاة , تجرأ  " مولاي أحمد " ليسأل الإمام عن سبب هذه السرعة الغير الاعتيادية , أجابه و بسرعة البرق :

" نحن كنا صائمون, طيلة اليوم, يجب علينا أن نأكل و نشرب و ندخن, كما أنني و منذ مدة أنتظر برامج رمضان لأشاهد بعض من الفن المغربي, ذهب و ترك الآخر حائر من جوابه و يتساءل أ هكذا رمضان ؟  لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم  .

عاد الأب و الأبناء للمنزل , لم يأكل إلا قليلا , وجد زوجته المصونة  , السيدة  " عائشة  " تأكل , و كأنها كانت من بين المشاركات بغزوة بدر , تشاهد التلفاز لدرجة الخشوع , حدثها الزوج ليناقشا معا أمر يخص الأبناء لم تسمع فصرخت في وجهه , لم يتقبل تلك الصرخة , لكنه سكت مراعاة للأطفال .

رفع آذان صلاة العشاء, الطفلة " ليلى " حدثت أمها عن الصلاة, لم تكلمها, مرة, مرتين, في المرة الثالثة تضربها, كان الأب سعيد بما حاولت الصغيرة قوله, بكت الطفلة كثيرا, ربما اعتقدت أن ما قالته كان عيبا , الأب و لأول مرة يتكلم و بحسرة :

" عائشة «  لماذا هذه التصرفات المشينة المذمومة, أ هكذا هي التربية الدينية, ربما أظن أن رمضان هو شهر التوبة و الرحمة و القرآن و الصيام , ليس بشهر النميمة و مشاهدة التلفاز "

" مولاي أحمد « لا دخل لك في شؤوني الدينية 

مولاي أحمد يلهوا رفقة فلدة كبده الصغيرة  " ليلى "  , عبد النور يتوضأ  , جليل يشاهد التلفاز , على ما يبدو أنه تشبع بخلق أمه المبعثر , " مولاي أحمد " لم يكلمهما , " مولاي أحمد و ليلى " , يحاول تعليمها كيفية الوضوء .

لبسوا أطيب ما لهم للقاء الله تعالى في هذا اليوم العظيم , إنه يوم فاتح رمضان و صلاة التراويح , كان مقرئ صوته عذب جياش , كانت مصلى مبنية  بالحي , آلاف المصلون هنا يؤدون الصلاة , و الفريضة الإلهية  , الكل يصلي , يزكي , على ما يظهر أنه واجب ديني , أحد المصلين قام ببث مقطع على الهوى , بمواقع التواصل الاجتماعي , أما الآخر التقط صورة علق عليها , " أثناء اتصالي بربي رفقة عباد الرحمان , فكانت آراء متضاربة من ما هو ساخر , هناك من طلب له القبول , أما " مولاي أحمد " و أبنائه , صلوا , أدوا شريعتهم و مارسوا عقيدتهم السليمة , من دون تشهير .

في اليوم الموالي كان أحد الشبان الذين يبلغون الربيع الخامس و العشرين , يدخن في وضوح النهار , فكان يسبح بيده اليمنى و سيجارته باليد الأخرى , حاول   " مولاي أحمد " الاستفسار حول الأمر , فقال له :

" مع احتراماتي لكم يا سيدي فأنا رخص لي الطبيب و منعني من الصوم , لأنني أعاني من مرض عصبي , ألفت الدخان و الدخان ألفني , كما أنني التحقت بحركة الدفاع عن هذه الطبقة المسماة " لا للصيام "

" مولاي أحمد " أصابه العجب , كيف لشاب في بداية عمره , يتخلى عن الصيام , ليحرق جهازه الهضمي , و التنفسي , و المحزن هو أنه  يتصوف ليلا يعشق القنينة الخضراء , و في الصباح ينتظر الفرصة فقط ليبدأ نزاع بينه و بين أحد الجيران , على ما يبدو أنه كان نقاش من أجل فريق كروي .

زمن تغير , فقد السر , " مولاي أحمد " في رحلة البحث عن أحدهم للتصدق , في طريقه التقى جاره المسلم الذي كان قبل رمضان عامل بإحدى أوراش البناء , فالكل يغتنم فرصته في رمضان شهر الصيام , ما بين مفطر و متسول و متتبع لتفاهة رمضان التلفزيونية .

جوقة  أمام عمارة التي يسكن بها  '' مولاي أحمد " , على ما يبدو أنهن نساء مجتمعات في لغو الحديث , الذي طال , كانت إحداهن تحاول الفرار لكن من دون جدوى , رجل وسط النسوة , يشارك الحديث , أكل اللحوم , في شهر الصيام , يتناولون موضوع  " الشعوذة في ليلة القدر " كيف و لماذا , لكل منهن سبب و الغاية واحدة , كما هو معروف غالبا لصمود الأزواج عن قول الحق و لو كان حقيقة , خصوصا  " عائشة " التي لا تستحمل كلام الزوج الذي وصفته كالقرص المدمج . 

الكل يهتم بكل ما هو متعلق بالمأكل و المشرب , إلا القلة , ذات يوم و في فترة قنط و بغية التكفير عن ذنب كبير , قررت " عائشة "  تلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم  , تخشع الزوج , بكى , مسحت دمعته , و قالت :

" دموعك أغلى , فعلا كنت ربما شبه كافرة , قد قررت أن أقوم بأفعال شيطانية  , كدت أن أسحر لك , لكن كان كل هذا سببه لغو الحديث , النساء إذا ما اجتمعن يوما ربما يكون خير , لكن غالبا ما تكون مكيدة , و أنا أعترف لك أنني كنت مخطئة كثيرا , لذا أناجيك و لا أحاجيك أن تسامحني يا زوجي و يا قرة عيني "

تهاطلت دموع الرجل كالأمطار  , سامحها  قائلا :

" أنا أصرخ في وجهك الكريم خوفا و مهابة من الرب العلي القدير , و ليس مجرد خوف , و الآن هيا بنا للصلاة حبيبتي و يا كريمة "

كانت سعادة جميلة و الكل يصلي صلاة جماعية في بهو المنزل , '' ليلى , عبد النور , جليل , عائشة , مولاي أحمد " , رتل القائد القرآن ترتيلا , صلوا ستة عشر ركعة في صلاة التراويح , و في ليلة القدر , الجارات يقتحمن البيت و يطرقن الباب من أجل السحر و الشعوذة , دخلن , استقبله الدهي " مولاي أحمد ''

بالقرآن الكريم المرتل , ذهبن , ندمن على الاتفاق و التواكل على الزوجة  '' عائشة ''  .

مر شهر القرآن الكريم , صاحب الفرن هو و زوجته يشترون للأبناء كسوة العيد , و معها قدر من المال قصد التعاون مع الأجير '' مولاي أحمد و محاولة التكفير عن الخطأ . 

يوم العيد , الأبناء يتفاخرون بعضهم بالملابس , فمنهم من اقتنى سروال مستعمل , كما أن هناك من لم يشتري , و أيضا هناك من اشترى ملبس و كأنه رجل ديبلوماسي , زيارة الأقارب في يوم العيد , كان من ينوي صلة الرحم , بينما كان من ينوي جرح الأقارب , فهي وصية رسول كريم في زمن غير بعيد بزيارته , لكن هناك من يطبق النفاق الاجتماعي قصد كسب المحبة الوهمية .

عائلة  " مولاي أحمد " كانت مثالية , أخلاقيا و روحيا و روحانيا , لا المال و لا النفاق و الوجه المختلف المزدوج يهمهم , فما يهم هذا الرجل الكريم , الذي يربي أبنائه على حب الخير و عدم التفاخر بين الجيران و العائلة , فهناك من لم يجد ملجأ , عسى الثياب التي تستر , فهذا خلق المختار الحكيم النبيل الشريف الإبراهيمي , واجه مولاي أحمد عقبات و لم يستسلم لأنه يرجو خيرا في أبنائه .

 

 ظنه لم يكن كاذبا , فالذبذبات صدقت و ما تمناه كان , فسكيزوفرينيا التي عايشها رفقة أفراد العائلة التي تعتمد النفاق الاجتماعي و كانت تحتقر النبيل و تنعته بالذليل , فعلا الذليل أذلهم فأبنائه كلهم حققوا أمانيه و أصبح رجل صاحب مال بفضل الأبناء ذوي الجاه , رمضان أظهر حقيقة عائلة كانت تنوي الغدر .


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات