الرئيسية | أقلام حرة | العلاقات المغربية الإفريقية: تأسيس "هيئة السلام المغربية " ضرورة ملحة

العلاقات المغربية الإفريقية: تأسيس "هيئة السلام المغربية " ضرورة ملحة

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
العلاقات المغربية الإفريقية: تأسيس "هيئة السلام المغربية " ضرورة ملحة
 

فطن الرئيس الأمريكي السابق إيزنهاور إلى الدور الذي قد يلعبه المواطنون العاديون، وليس المسئولين الحكوميين في التقريب بين الولايات المتحدة والدول الأخرى فترك مقولة بقيت شعارا لكل المؤمنين بأهمية دبلوماسية المواطنة، حيث قام في يوم 11 من شتنبر 1956 بدعوة ما يقارب 100 شخص ينتمون إلى مجالات مختلفة كالثقافة والفن والرياضة والتعليم والعمل الإنساني. وفي خضم حديثه عن العلاقات الدولية، ربط بين تقارب وتعاون الأفراد وبين تقارب وتعاون الأمم، قائلا إن " العلاقات السلمية بين الأمم تتطلب التفاهم والاحترام المتبادل بين الأفراد. لو أن الناس سيلتقون وسيتعاونون فيما بينهم، فإن الأمم ستفعل ذلك في آخر المطاف ". 

وهكذا يتجلى لنا الدور الفعال الذي يمكن أن يلعبه الشباب المغربي في إعطاء دفعة قوية للعلاقات المغربية الإفريقية. ولقد أصبح من الضرورة الملحة أن تؤسس المملكة " هيئة   السلام المغربية " التي ستمكن من ضخ دماء جديدة في عروق الدبلوماسية المغربية، حيث يشكل الشباب حلقة وصل بين الشعب المغربي والشعوب الإفريقية. وفيما يلي، سنسلط في ثنايا هذا المقال الضوء على أهداف ومكاسب هذه الهيئة. 

إن هيئة السلام المغربية تسعى إلى نشر ثقافة الصداقة والتعاون والسلام بين الشعب المغربي والشعوب الإفريقية.وذلك عن طريق إرسال شباب مغاربة ذوي الكفاءات الجامعية والمهنية للتطوع بدول إفريقية لمساعدتها في سد الحاجيات التنموية لمجتمعاتها. 

وقد تبلورت فكرة تأسيس هذه الهيئة كمنظمة تحت وصاية الدولة في إطار يستمد مرجعيته الأساسية من خطب جلالة الملك بخصوص العلاقات المغربية الإفريقية.إذ اعتبر الملك إفريقيا أفقنا و مستقبلنا وبيتنا الكبير.وأكد جلالته أيضا أن المغرب سيعمل سويا مع جميع الدول لأجل النهوض الجماعي بالتنمية في القارة والاستجابة لحاجيات وتطلعات المواطن الإفريقي، هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى، فإن الملك يعتبر الشباب ثروة حقيقة محرك للتنمية وليس عائقا أمام تحقيقها. 

تهدف هيئة السلام المغربية إلى توطيد أواصر الصداقة و التضامن و نشر السلام بين شعوب القارة من خلال تقديم المساعدة لها في المجالات المرتبطة بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والفنية والرياضية، حسب حاجيات ساكنة الدول المضيفة وفي إطار مقاربة تشاركية. كما تتوخى أيضا تعريف الشعوب الإفريقية بثقافة وثوابت المملكة والقيم الإنسانية التي يتشبع بها الشعب المغربي. وفي الحين ذاته، يتعرف الشعب المغربي,من خلال تجربة الشباب المتطوع, على ثقافة الشعوب الإفريقية المضيفة. وستشكل هذه الهيئة وبدون شك قيمة مضافة للمملكة وتجربة غير مسبوقة على الصعيد القاري.وهناك ثلاثة أسباب رئيسة تفرض تأسيس هذه الهيئة وإخراجها إلى الوجود عاجلا وليس آجلا:  

 

أولا:هيئة السلام المغربية ستكون رافعة أساسية للقوة الناعمة للمملكة بإفريقيا 

لم تعد القوة العسكرية هي المستحوذة على الطرق المستعملة في العلاقات الدولية في عصرنا الحالي.و وفي هذا السياق, تحدث الأستاذ الجامعي الأمريكي جوزيف ناي عن القوة الناعمة حيث تلجأ الدول للإقناع و الجذب لكسب حلفاء لها. والإقناع يتحقق بجاذبية المبادئ و القيم الإنسانية. وقد قطع المغرب أشواطا في هذا المجال،إذ تعتبر المملكة من الدول التي تتوفر على قوة ناعمة حقيقية بإفريقيا عبر الاستثمارات والبعثات الطلابية وتكوين الأئمة والمساعدات الإنسانية، إلا أن تأسيس هذه المنظمة سيعد سابقة من نوعها لأنها ستستجيب لحاجيات المواطن الإفريقي البسيط و سينخرط فيها شباب مغاربة من مختلف التخصصات.

 وبناءا على ذلك سوف تساهم المملكة في مساعدة المجتمعات الإفريقية في سد حاجياتها في التنمية الاقتصادية، الاجتماعية والفنية والرياضية.ولهذا فإن هيئة السلام المغربية تعتبر شاملة لجميع موارد القوة الناعمة للمملكة على المستوى القاري. ومن المتوقع أن يؤثر نجاحها إيجابا على موقف الشعوب والحكومات من قضية الصحراء المغربية. 

 ثانيا : هيئة السلام المغربية ستشكل فرصة لانخراط الشباب في دبلوماسية المواطنة

إن هيئة السلام المغربية ستجعل من الشباب سفراء داخل و خارج أرض الوطن.وسيبدو ذلك جليا من خلال تجسيدهم لقيم التسامح والتضامن والعيش المشترك التي يمتاز بها الشعب المغربي. وفي الآن نفسه، سيمدون جسور التفاهم والتواصل بين أفراد المجتمع المغربي والإفريقي عن طريق الحديث عن تجربتهم التطوعية بإفريقيا.

 ثالثا : هيئة السلام المغربية ستساهم في التخفيف من المشاكل المتعلقة بقضايا الهجرة 

إن تجربة الشباب المغربي لدى المجتمعات الإفريقية ستلعب دورا مهما في التوعية بضرورة الانفتاح و تقبل الآخر.وسيساهمون بذلك في بناء الثقة والتفاهم بين المهاجرين الأفارقة والمجتمع المغربي، وبالتالي تسهيل عملية اندماج هؤلاء المهاجرين في أوساط المجتمع المدني.

ومن المعايير التي يمكن وضعها لانتقاء الشباب المتطوع أن يكون الشاب (ة) ذو جنسية مغربية وعمره يتراوح ما بين 20و40 سنة، متوفرا على شهادة مهنية أو جامعية; بالإضافة إلى الإدلاء بشهادة طبية وسجل عدلي مع اجتياز مباراة كتابية وشفوية. 

وستبلغ مدة التطوع سنة واحدة قابلة للتجديد مرة واحدة وسيلتزم الشباب بتمثيل مبادئ وقيم المملكة أحسن تمثيل واحترام ثقافة ومعتقدات المجتمعات المضيفة. كما سيخضع الشباب لتدريب مدته شهر بالمغرب يشمل التعريف بلغة وثقافة المجتمعات المضيفة وظروف العيش هناك. وتوفر هذه الهيئة تغطية صحية وتذكرة ذهاب وإياب ومنحة شهرية لتغطية مصاريف العيش.   

تعمل المنظمة أيضا على إيجاد عائلة مضيفة لكل متطوع مدة شهرين قبل أن تتكفل بإيجاد وكراء محل مناسب للسكن. كما يقوم الشباب المتطوع بتقديم تقرير مفصل عن كل ثلاثة أشهر من الأعمال التي قاموا بها لفائدة الساكنة في إطار مقاربة تشاركية. وفي الأخير، يتوجون بشهادات نهاية الخدمة اعترافا بالخدمات التي أسدوها للوطن وللشعوب الإفريقية. 

 

 وقد فضلت تسمية هذه الهيئة ب "منظمة محمد السادس للسلام" وأعتقد جازما أن تأسيس المملكة المغربية لهذه المنظمة سيكون عملا رائدا وغير مسبوق على مستوى القارة السمراء. وتبقى المملكة هي الأجدر بالتوفر      على مثل هذه الآلية نظرا لتاريخها العريق الخالي من الأطماع الاستعمارية وغناها الثقافي وجذورها الإفريقية.  

 
مجموع المشاهدات: 730 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة