الرئيسية | أقلام حرة | مغاربة الداخل والهُروب من الوطن

مغاربة الداخل والهُروب من الوطن

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
مغاربة الداخل والهُروب من الوطن
 

هل فهمتُم لماذا يتسابقُ هؤلاء المغاربة ؟ وعلى ماذا يتسابقون؟  

هؤلاء هم البُؤساء من أبناء الوطن، يتسابقُون من أجل الهُروب من وطنهم، نعم إنّهم مغاربة الدّاخل الذين ضاقت بهم الأرض بما رحُبت، فسارعوا ولبُّوا النّداء من أجل الظّفر بِفُرصة يَعتِقُون بها رِقابهم. 

أرأيتم كيف يُعلّمُوننا كيف نهرُب من أوطاننا ؟

هذه الصُّوّر التي تأتينا دائماً من بلدنا، والتي تُظهر تهافت أغلبيّة أبناء الشّعب على بعض الفُرص التي يُمكن أن تضع  نهايةً لمآسيهم، هو عُربون تأكيد على أنّ علاقة المغاربة بوطنهم أصبحت معقّدة أكثر من السّابق، وأصبح العيشُ في هذا الوطن  بالنّسبة لهؤلاء  قطعة جحيم لا يُطاق .

ماذا كنتم تنتظُرون  من شعبٍ يَعيشُ  بلا  أدنى كرامة  في وطنه؟

ماذا كنتم تنتظُرون من شعبٍ يتسوّلُ أغلبه الدّولة من أجل أن تَمُنّ عليه بالصّدقات في الأعياد والمناسبات، في الوقت الذي تُنهبُ خيراته وتُهَرُّب أمواله إلى الخارج، ولا حظّ له من كلّ ذلك سوى المزيد من الاستبداد. 

ماذا تنتظرون من شعبٍ لا يحظى حتّى بموت مشرّف في  وطنه ؟حتّى الموت الذي نموتُه وكأنّهم أبوا إلاّ أن يكون على مقاسهم .

هؤلاء الذين يتهافتُون على عرض عمل تقدّمت به شركة فرنسيّة مختصّة في زراعة الحوامض، يعرفُون حقّ المعرفة ماذا يعني لهم الوطن، ويعرفُون ماذا تعني لهم الوطنيّة في بلدهم، ويعرفُون من المستفيد من ثرواته كما يعرفون وقاحة من يسترزقون بالوطنيّة وبحبّ الوطن .

لقد فهمُوا أنّه لم يَعُد على أرضهم ما يستحقُّ الحياة، وفهموا أنّه لم يَعُد لديهم من أمل سوى الرّحيل ،وقد أدركوا أنّ اللّعنة التي أصابتهم وهم في بحث عن وطن يحميهم ويوفر لهم أبسط شروط العيش الكريم لا يمكن أن تُصيب أبناءهم مرّة أخرى لذلك يُفضلون البحث عن أيّ طريقة للخروج بأقلّ الخسائر من حربٍ تم إعلانها  على الشّعب بلا هوادة .

قد تتعدّد أشكال بحث المغاربة عن طُرقٍ لمغادرة الوطن، لكنّ النتيجة واحدة هي الرّحيل عن هذا الوطن. 

لا يهُمّهُم أن يأتي الرّحيل عبر الوكالة الوطنية لإنعاش التّشغيل، ولا أن يأتي عبر عقود عمل في مزارع اسبانيا أو فرنسا، ولا يهمّ أن يركبوا الأمواج أو يخاطروا بأنفسهم في عرض المتوسط، كلّ ما يهمُّهم هو أن يرحلوا تاركين وراءهم  أحلامهم وأموالهم ولُصوصا ًسيرثون  بعدهم الوطن ومن عليه .

صوّر التّهافت على مكاتب التّسجيل وتلك  الأعداد  الكبيرة من الحُشود  التي نراها في كلّ مناسبة، كافيّة لإقناع المسترزقين بالوطنية لتغيير اللّعبة، لأنّ الأمور قد انكشفت وأصبحت ظاهرة للعيان فلم  يعُد  أحد يقبل الإهانة في وطنه، ولم يعد  أحد من هؤلاء  يقبل الصّبر عل  الظُّلم وعلى الاستبداد. 

صُوّر التّدافع والاقتتال من أجل الظَّفر بفرصة العُمر التي تُمكّنهم من الرّحيل كافيّة لأصحاب التّعويضات الخيالية لقياس شعبيتهم لدى الشّعب ومدى ارتباط هؤلاء البؤساء بهؤلاء الذين استعبدوهم على مرّ السنين. 

سيأتي اليوم الذي سيجد فيه لُصوص الأحلام أنفسهم على موعد مع نزوح جماعي للمواطنين، سيأتي اليوم الذي سيجدون فيه أنفسهم أمام أرض رَحَّلُوا منها أهلها، وأمام أموال سَرقُوها من أصحابها وأمام صناديق اقتراع خاويّة على عُروشها كانوا قد  تعوّدوا على ملئها  عبر التّزوير و شراء الذّمم، سيجدون كل الوقت أمامهم لتنصيب أنفسهم بأنفسهم دون أن يكلفوا أنفسهم عناء تمثيل المسرحيات  الهزلية أمام الشّعب.

 

مع كل هذا  فإن كل أمانينا أن ينعم الشّعب المقهور بهروب آمن.

 
مجموع المشاهدات: 458 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة