الرئيسية | أقلام حرة | السياسة تضحية أم غنيمة؟

السياسة تضحية أم غنيمة؟

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
السياسة تضحية أم غنيمة؟
 

وأخيرا حصيلة فريدة من نوعها (البيليكي و الدبشخي و الغميق)، تنضاف إلى حصيلة

 

برلماننا الموقر، الذي تتزلزل أركانه كلما انعقدت دوراته، دفاعا عن المواطن المغلوب على

 

أمره. حصيلة عدد كلماتها قليل ولكن مضمونها ثقيل، تحسب للرجل الثاني في الحزب

 

الأول في البرلمان، حظيت بشرف ميلادها تحت قبة البرلمان، ولا أعتقد أنها ستفقد بالتقادم

 

بريقها.

 

في الواقع وأنا أتابع مداخلة السيد الأزمي النارية، انتابتني شكوك ما إن كان الرجل في

 

حاله الطبيعية وهو يخبط الطاولة بقوة مهددا ومتوعدا يمينا وشمالا، لكن عذره معه، إذ

 

شعر بالنار تقترب من تلابيب معاشات البرلمانيين والوزراء و الامتيازات، في الوقت الذي

 

تعاني شريحة عريضة من الشعب من ويلات الفقر والهشاشة تفاقمت أكثر مع جائحة

 

كورونا، فقد أعصابه فأطلق العنان للسانه ليقول بطريقة متشنجة ما لا يليق بمسئول يمثل

 

الأمة ويتحمل مسؤوليات جسام.

 

"إذا بان السبب بطل العجب". إنها التعويضات الخيالية عن التنقل و الفندقة والهاتف

 

وغيرها يسيل لها اللعاب، يتوج بتقاعد مدى الحياة. فعلى هامش هذه الكلمة التاريخية التي

 

عزز بها السيد الأزمي رصيده النضالي، كان لا بد من تسجيل مجموعة من الملاحظات:

 

أولا البيليكية في العمل السياسي:

 

إلى عهد قريب قبيل هذه المداخلة فريدة زمانها، كان فهمنا الراسخ للعمل السياسي أنه عمل

 

تطوعي من ألفه ليائه. وعلى هذا الأساس يتقدم السياسيون عند المواطن لنيل صوته. السيد

 

الأزمي بتأكيده أن لا "بيليكية" في السياسة نسخ مفهومها المعروف. إنه أحد قادة أكبر حزب

 

سياسي بالمغرب.

 

إذا كان رب الدار للطبل ضاربا فلا تلومن الأطفال حالة الرقص

 

ما نعرفه عن السياسة أنها قرينة التضحية. فكم من الشرفاء و الأحرار، عبر العالم لم

 

يضحوا فقط بتعويضاتهم المادية، فقد ضحوا بحرياتهم من أجل حرية شعوبهم. ضحوا

 

بحياتهم من أجل حياة مواطنيهم، و كم منهم عانوا مرارة النفي و أقبية السجون من أجل

 

حقوق مستضعفي أوطانهم. و كم منهم دفع ثمن النضال غاليا و ما ثبت أن طلب يوما

 

تعويضا لنضاله (اليوسفي رحمه الله نموذجا)، فمن أين أتى السيد الأزمي بهذا المعنى

 

للسياسة؟

 

فهل كان أثناء الحملة الانتخابية، وهو يستجدي أصوات المواطنين بالأسواق الشعبية

 

والأزقة والدروب ويشاركهم أكلاتهم البسيطة، يعلن لهم بأنه سيمثلهم بمقابل مادي

 

وليس ب"بيليكي"؟

 

ثانيا واش باغيين نخدمو لله:

 

قبل أن يتدارك محاولا أن يصحح الزلة، لكن بعد فوات الأوان فقد السيف سبق العذل.

 

فالزلة كما اكتشفها فرويد في كتابه "علم نفس الحياة"، هي خطأ لفظي يكشف الأفكار أو

 

الأمنيات التي نؤمن بها و تكون مخبأة في اللاوعي.

 

فالعمل السياسي حسبه مهنة أو وظيفة تبيض ذهبا وفضة، ومن يعتقد غير هذا فهو شعبوي

 

لا بد من التصدي له والضرب على يديه من حديد. لم نكن ندري قبل هذا التاريخ أن

 

تعويضات السياسيين وامتيازاتهم من أركان الدولة، ومن يشير إليها بالبنان فإنه يهدد

 

مؤسساتها ويهدد أمنها و اقتصادها ويضبب مشهدها السياسي.

 

ثالثا خلط الأوراق:

 

هل كان السيد الازمي يعي ما يقول أم جرفته "الجذبة" ليقول ما لا أساس له؟ ما علاقة

 

العمل السياسي بعمل الولاة والعمال ومدراء المؤسسات ورؤساء الأقسام الذين يسري عليهم

 

القانون الأساسي للوظيفة العمومية؟ ألهذه الدرجة اختلط عليه الأمر، أم هو التمويه على

 

البسطاء ومحدودي العلم والمعرفة ليؤكد أحقيتهم في المعاش كغيرهم من الموظفين؟

 

فقوله "واش بغيتونا نخدمو لله؟ أمر في غاية الغرابة. قيادي في حزب يقول أن مرجعيته

 

إسلامية، و لا يفتأ يذكر بها ويؤكد أنهم ما ولجوا السياسة إلا للإصلاح ما استطاعوا،

 

وليقفوا سدا منيعا ضد العلمانية، وأنهم لا يريدون جزاء ولا شكورا. فأين تبخر كل شيء؟

 

إذا كان يؤمن بالديمقراطية، فإن من مقوماتها حرية التعبير، ومقارعة الفكرة بالفكرة، وليس

 

ب "خاصنا نوضو ليهوم"، و "خاصنا نوقفوهوم عند حدهم" و "مخصناش نخافو" أي

 

 

قاموس هذا الذي يمتح منه هذا السيد سياسته؟

مجموع المشاهدات: 716 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة